إدارة التظلمات في قصور الثقافة تتجاهل 1200 تظلم وتورط 800 موظف في الظلم
في مشهد مأساوي يفضح فساد الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى في الهيئة العامة لقصور الثقافة، يعيش مئات الموظفين حالة من الاستياء العميق والاحتقان بسبب تعاملات الإدارة مع تظلماتهم التي تقدموا بها احتجاجًا على قرارات إدارية اعتبروها غير عادلة.
وأدت هذه المعاملة إلى موجة من الغضب دفعت بعض هؤلاء الموظفين إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة برفع طعون قضائية على قرارات الجزاءات التي طالتهم، وسط صمت مطبق من قبل المسؤولين عن الإدارة.
التظلمات التي تقدم بها الموظفون لم تلقَ أي اهتمام من الإدارة التي يرأسها السيد خيري ناصف، المدير العام للإدارة العامة للتظلمات والشكاوى، حيث تجاهل هذا الأخير الرد على التظلمات سواء بالقبول أو بالرفض، مما جعل موظفي الهيئة يشعرون وكأنهم في مواجهة جدار من الصمت المطبق.
تحولت عملية فحص التظلمات إلى قضية غامضة، حيث اختفى الشفافية تمامًا، وبدت الأمور وكأنها مسألة أسرار عسكرية لا يجوز أن تُفصح عنها الإدارة تحت أي ظرف.
وبحسب مصادر داخل الهيئة، فإن عدد التظلمات التي لم يتم الرد عليها بلغ أكثر من 1200 تظلم تقدم بها الموظفون احتجاجًا على قرارات إدارية لم تكن على المستوى المطلوب من النزاهة والعدالة.
ورغم مرور أشهر طويلة على تقديم هذه التظلمات، إلا أن معظم الموظفين لم يتلقوا أي رد من الإدارة حول نتائج فحص تظلماتهم، ما دفع البعض منهم إلى اتخاذ قرار بالغ الخطورة برفع طعون قضائية على هذه القرارات.
التظلمات، التي من المفترض أن تكون موضوعًا إداريًا بحتًا يتم فحصه بسرعة وشفافية، تحولت في الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى عملية ملبدة بالضباب، مما يثير تساؤلات عن مدى نزاهة وشفافية الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى.
فالتقاعس الواضح عن الرد على التظلمات وعدم الإفصاح عن نتائج فحصها يعكس حالة من الفوضى الإدارية التي لا يمكن السكوت عنها.
وكانت نتائج التظلمات في بعض الحالات قد أظهرت إلغاء لقرارات الجزاءات التي فُرضت على بعض الموظفين، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول مصير الموظفين الذين تم اتخاذ ضدهم هذه الجزاءات.
فإلغاء هذه القرارات في بعض الحالات يشير إلى وجود خلل إداري فادح في كيفية اتخاذ هذه القرارات منذ البداية.
وفي هذا السياق، يُظهر الموظفون استياءهم من تعنت بعض المحامين العاملين في الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى، الذين يرفضون إعطاء الموظفين أي تفاصيل عن نتيجة فحص تظلماتهم.
هذا الموقف الغريب وغير المبرر من المحامين لا يعكس أي روح من التعاون أو المساعدة، بل يفاقم أزمة الموظفين الذين يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من التأخير والتجاهل.
لكن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل بطء الإجراءات في فصل التظلمات المقدمة بشأن قرارات الجزاءات. إذ يواجه الموظفون صعوبة كبيرة في الحصول على ردود سريعة بشأن نتائج تظلماتهم، وهو ما يضرهم ماليًا بشكل كبير.
فالتأخير في البت في التظلمات يؤدي إلى تعطيل استرداد المبالغ المالية التي تم خصمها منهم نتيجة لقرارات الجزاء التي قد تُلغى في النهاية.
ووفقا للمصادر، فإن عملية التأخير في الرد على التظلمات التي تتعلق بالجزاءات أصبحت تؤثر بشكل كبير على وضع الموظفين المالي.
فبعض الموظفين الذين تم خصم مبالغ منهم قد يواجهون أزمة مالية كبيرة بسبب عدم قدرتهم على استرداد المبالغ التي تم خصمها منهم في وقت مناسب، مما يعرضهم لضغوط مادية قد تؤثر على حياتهم الشخصية والعائلية.
إن تأخير البت في التظلمات التي تقدم بها الموظفون يجعلهم في حالة من القلق المستمر بشأن مستقبلهم المالي والإداري.
ويزيد من استياء الموظفين أنهم في بعض الحالات يكتشفون أن التظلمات قد تم قبولها وتعديل القرارات بناءً على ذلك، لكن بعد مرور وقت طويل جدًا. وهذا يفتح الباب أمام العديد من الأسئلة حول مدى جدية الإدارة في التعامل مع هذه التظلمات.
وإلى جانب هذه القضايا، يلاحظ الموظفون أيضًا غياب التواصل الفعّال مع الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى، حيث أنهم لا يحصلون على أي إشعار رسمي بشأن تقدم تظلماتهم أو نتائج فحصها. وهذا الوضع يخلق حالة من الإحباط والتوتر بين الموظفين الذين يشعرون أنهم يتم تجاهلهم بالكامل.
لكن الأزمة الكبرى تكمن في ضعف الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى نفسها، والتي يترأسها السيد خيري ناصف. فالإدارة التي يفترض أن تكون نقطة محورية لحل المشكلات وتحقيق العدالة للموظفين قد تحولت إلى مركز معاناتهم.
بينما كان من المفترض أن تكون هذه الإدارة المكان الذي يضمن العدالة والشفافية للموظفين، أصبحت بدلًا من ذلك مصدرًا للظلم والتأخير.
من هنا، يطالب الموظفون بضرورة محاسبة خيري ناصف مدير عام الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى، بالإضافة إلى المحاميين العاملين في هذه الإدارة على ما وصفوه بالإهمال الجسيم والتقصير في أداء واجباتهم.
إن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يزيد من توتر الأوضاع داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويؤثر سلبًا على سمعة الهيئة بشكل عام.
ففي الوقت الذي يطالب فيه الموظفون بحقوقهم الطبيعية في الحصول على إجابات واضحة ومباشرة بشأن تظلماتهم، يبدو أن الإدارة ترفض تمامًا فتح أي نقاش حول هذا الموضوع.
والأخطر من ذلك، هو أن التظلمات التي تتعلق بالجزاءات قد تستغرق وقتًا طويلاً جدًا للفصل فيها، مما يعطل حياة الموظفين بشكل كامل.
وفي ظل هذه الأوضاع، لا يمكن تجاهل الضرر النفسي والمالي الذي يتعرض له الموظفون نتيجة لهذه الممارسات غير المقبولة.
فالبطء في حل التظلمات وعدم الشفافية في إعلان نتائج فحصها يمثلان نموذجًا واضحًا للعدالة البطيئة، التي تعتبر أشد أنواع الظلم.
وبناءً على ذلك، لا بد من اتخاذ خطوات عاجلة من قبل نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال، سواء كانوا المحاميين أو المدير العام خيري ناصف.
فالوضع الحالي لا يمكن أن يستمر بهذه الطريقة، ويجب أن يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية لرفع الظلم عن الموظفين.
إن تفعيل الشفافية والسرعة في الإجراءات داخل الإدارة العامة للتظلمات والشكاوى سيكون الخطوة الأولى نحو إعادة الثقة بين الموظفين والإدارة، ويجب أن يكون هناك اهتمام حقيقي بمتابعة التظلمات بشكل دقيق وسريع، وتقديم الردود المناسبة في أسرع وقت ممكن.