في خضم العدوان الوحشي الذي شنته القوات الإسرائيلية على قطاع غزة تفجرت مأساة جديدة لا يمكن السكوت عنها فقد وثقت لجنة حماية الصحفيين مقتل نحو 141 صحفياً ومصوراً خلال الأشهر القليلة الماضية فقط هؤلاء الذين كانوا يغطون الحقيقة في أرض ملتهبة دُمرت بالكامل
بينما تعجز أصواتهم عن الوصول إلى العالم. إن ما يحدث ليس مجرد أرقام تقرأ في تقارير إخبارية بل هو دليل صارخ على اغتيال للصحافة وحصار مميت للحرية.
المجزرة التي استهدفت الصحفيين في غزة لم تكن حادثة عرضية بل كانت جزءاً من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إسكات من يسجلون الحقيقة مهما كان الثمن القتل والتدمير.
الصحفيون الذين كانوا يعملون على الأرض تعرضوا للقصف المباشر والملاحقة في مشهد يشهد على تواطؤ عالمي في غض الطرف عن الجرائم التي ترتكب ضدهم. هؤلاء الصحفيون لم يرتكبوا جريمة سوى أنهم اختاروا أن يكونوا شهوداً على الإبادة الجماعية التي يعيشها قطاع غزة دون أن يحصلوا على أي حماية من المجتمع الدولي.
في الوقت الذي تتغاضى فيه المؤسسات الدولية عن هذه الجرائم ولا تحرك ساكناً نجد أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياسته القائمة على استهداف الصحفيين بشكل متعمد.
ومع أن الأرقام أصبحت كارثية هناك لا يوجد أي محاسبة حقيقية للقتلة الذين يقبعون وراء هذا العدوان. المجتمع الدولي الذي يتشدق بالمبادئ الإنسانية يقف مكتوف الأيدي بينما تُسحق أرواح الصحفيين تحت قصف طائرات الاحتلال. لا شك أن هذا الفشل الذريع للمجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته يضع علامات استفهام حول مصداقيته ووجوده في أي منابر عالمية.
لقد أصبح من الواضح أن الصحفيين في غزة يدفعون ثمن مهنتهم من دمائهم في وقت يتقاعس فيه العالم عن تقديم أي دعم حقيقي أو حتى إدانة جادة لما يحدث.
لم تعد الحصيلة مجرد أرقام قاتمة بل أصبحت هذه الحصيلة دليلاً على موت الضمير وتغافل الإنسانية عن مذبحة غير مسبوقة في العصر الحديث. من سيحاسب هؤلاء القتلة الذين يعتبرون الصحافة في غزة هدفاً مشروعا لهم؟
بينما نرى بعض الأصوات تحاول التحرك من هنا وهناك لتسليط الضوء على هذه الجرائم إلا أن النتيجة تظل واحدة مذبحة مستمرة وجرائم بلا محاسبة في غزة.