ارتفعت حصيلة الضحايا من الأطفال في غزة إلى مستويات كارثية مع مقتل نحو 14 ألفًا و500 طفل جراء العدوان الإسرائيلي الذي لا يزال يتصاعد منذ بداية نوفمبر الماضي.
التصعيد المستمر حول هذه الأرض المدمرة حول حياة الأطفال إلى كابوس يومي، فأعداد القتلى لا تتوقف، وآمالهم في النجاة أصبحت معدومة، فيما تتبدد فرصهم في المستقبل تحت وطأة الحرب.
هؤلاء الأطفال ليسوا طرفًا في الصراع، لم يبدأوه ولم يكن لهم خيار في الاندفاع إلى فصوله المأساوية، إلا أنهم باتوا يدفعون الثمن الأغلى والأكثر فظاعة على الإطلاق، حياتهم ومستقبلهم في مهب الريح.
فقدان الأمل بين الخراب والدمار
أعلنت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” عن حقيقة مرعبة، فعدد الأطفال الذين يعانون في غزة فاق حدود التصور. مليون ومائة ألف طفل في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية بشكل فوري، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة تعصف بالقطاع.
من بينهم هؤلاء الذين يعيشون في بيئة تهدد حياتهم من جميع الجوانب، ويواجهون أزمة نقص حادة في الغذاء والمياه النقية، بل وتقترب المجاعة من شواطئهم في الشمال، مع تزايد قيود وصول المساعدات إلى قطاع غزة، الأمر الذي يجعل أملهم في النجاة ضئيلًا إلى حد العدم.
الشتاء قاسي والأمل غائب
الحرب لم تقتصر على سقوط القذائف والصواريخ، بل امتدت لتجعل الحياة في غزة جحيمًا يوميًا. الأطفال ليس لديهم مكان آمن يختبئون فيه بعيدًا عن الدمار، بل أصبحوا يواجهون مصيرًا مظلمًا في كل لحظة. درجات الحرارة في فصل الشتاء تزداد قسوة، والأطفال يعانون من البرد القارس بلا ملابس دافئة. ورغم هذا الشتاء القاسي، يعجز النظام الصحي المتهالك عن تقديم أي مساعدة تذكر، لتضاف الأمراض إلى مآسيهم اليومية، كالأمراض التي كان من الممكن الوقاية منها، وأخرى تسارعت في الانتشار بين الأطفال.
كارثة صحية تضاف إلى المأساة
في ظل هذا الواقع القاسي، لم يكن للأطفال الهاربين من الموت سوى المزيد من الموت. الأمراض تتفشى بسرعة، حيث تم تسجيل أكثر من 800 حالة التهاب كبد، فضلًا عن 300 حالة إصابة بجدري الماء، وتكملها الآلاف من حالات الطفح الجلدي والتهابات الجهاز التنفسي الحادة. هذه الأمراض تأتي في وقت كان فيه أطفال غزة بحاجة إلى رعاية طبية ونفسية لمواجهة تداعيات الحرب، لكن بدلاً من ذلك، تواجههم مستشفيات شبه خالية من المستلزمات الأساسية. حياة الأطفال في غزة أصبحت رهانًا على حافة الهاوية، ولا سيما مع تفاقم الطقس البارد الذي يضاف إلى معاناتهم.
مأساة لا تعرف الحدود
الصور القادمة من غزة تنطق بمأساة غير مسبوقة، فالأطفال هناك يعيشون فصولًا من العذاب لا يمكن لأي كلمات أن تصفها. منذ بداية الحرب، تم دفع 1.9 مليون شخص بعيدًا عن منازلهم، بينهم مئات الآلاف من الأطفال الذين أصبحوا مشردين في ظروف قاسية للغاية. لا يكاد يمضي يوم دون أن يضاف ضحية جديدة إلى قائمة القتلى، ولا أمل يلوح في الأفق يخفف من حدة الصراع. إنهم يواجهون الموت، المرض، والجوع، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي لا يبدو أنه قادر على فعل شيء حيال هذه الكارثة الإنسانية.
الأطفال بلا ملامح حياة
إن العدوان الإسرائيلي على غزة قد حول الحياة إلى جحيم مستمر للأطفال. مليونا طفل في قطاع غزة لا يعرفون ما هو الأمان، ليس لديهم مكان يشعرون فيه بالأمان ولو للحظة. فقد أصبحوا رهائن للدمار والخراب، ولم يكن لهم سوى معاناة يومية لا تنتهي. ظروف حياتهم على شفا حفرة من السقوط التام، والأمل في المستقبل أصبح بعيدًا جدًا. هؤلاء الأطفال لا يمكن لهم أن يكونوا مجرد أرقام على تقارير الأمم المتحدة، بل هم بشريون ضحوا بأرواحهم في حرب لم يختاروها.