سعادة قائد الثورةالسورية الأستاذ أحمد الشرع في لحظات التحول الكبرى تُختبر الشعوب وقياداتها بين خيارين: إما الانفراد بالقرار حيث تُزرع بذور الاستبداد من جديد، أو التمسك بـ الشراكة الوطنية حيث تزهر آمال الحرية والإصلاح. وأحسب – بكل الحب – أن سوريا اليوم بحاجة إلى الخيار الثاني: خيار الحكمة والشراكة ليكون مركبها في بحر الأمواج العاتية وبوصلتها إلى شاطئ الأمان.
نعم، حين أصدرت الأمم المتحدة قراراتها بشأن سوريا، وضعت الشراكةالوطنية في صميم رؤيتها للحل واعتبرتها أساساً لأي مشروع انتقال سياسي. لكن، رغم تبدّل معالم الواقع السياسي اليوم، فإن سوريا لا تحتاج إلى قرار أممي يفرض عليها تلك الشراكة؛ لأنها قدر الوطن ومسؤوليته التاريخية، قبل أن تكون بنداً على ورق أو توصية دولية.
إن أخطر ما يهدد الثورة السورية، التي كانت ولا تزال أجمل صرخة حرية في العقد الأخير، هو أن تتعثر في ألغام الانفراد بالسلطة؛ حتى وإن كانت القيادة نزيهة وحكيمة. ذلك أن حكم التاريخ واضح لا لبس فيه: القرار الوطني حين يُختزل في شخص واحد يختنق الوطن بأيدي أبنائه، وحين يتسع ليشمل الجميع، يتنفس الوطن أملاً وشموخاً.
لذا…أوجه نداءً إلى القائد أحمدالشرع، وإلى كل العقلاء والحكماء من كل أطياف الشعب السوري، للتوافق على تشكيل مجلس شورى مؤقت يصدر بتشكيله قرار من القائد العام، ويمثل سوريا بكل تنوعاتها السياسية والفكرية والاجتماعية. هذا المجلس ليس مجرد هيئة استشارية بل هو: حارس شرعية الثورة و ركيزة الشراكة الوطنية، ليقف إلى جانب القيادة ويمنح قراراتها شرعية أوسع، لا تأتي من فرد أو جهة بل من صوت الشعب بأكمله. كما قال نيلسون مانديلا: “الحكمة تكمن في العمل معًا، فالحرية ليست هدفًا فرديًا بل مصيرًا جماعيًا”.
سوريا اليوم تقف على حافة الخلاص أو التيه. فلا طريق للنجاة إلا أن يُعاد رسم المشهد بـ يد واحدة، لكن بـ عقول وأفكار متعددة. كما النهر الذي تغذيه روافد شتى ليبقى عذبًا، تحتاج سوريا إلى أن تتدفق فيها أصوات الجميع، لتبني جسراً يعبر بها إلى المستقبل.
سيادة القائد، الشراكة ليست تنازلاً ولا دعوة لتفتيت القرار في اللحظات الصعبة، بل هي التعبير الأسمى عن إيمانك بوطنٍ يسع الجميع. وطنٌ لا يُختصر في فرد، مهما بلغت حكمته، ولا يُبنى بيد واحدة، مهما كانت قوتها. وكما قال عبد الرحمن الكواكبي: “الأمة التي لا يشعر كل فرد فيها بمسؤوليته، لن تُحقق حريتها”.
بحكمتك التي تجلت منذ أيام الثورة الأولى، نأمل أن يكون اختيارك لهذا المجلس بمثابة عقل وصوت للشعب، ومختصًا بإدارة الملفات الهامة، وفي مقدمتها:
▪️ إصدار إعلان دستوري ينظم مدة وسلطة المرحلة الانتقالية.
▪️ وضع مشروع دستور الثورة وعرضه على الشعب في استفتاء عام خلال 6 أشهر.
▪️ إعداد مشروع قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال عام واحد من قيام الثورة.
▪️ وضع وإقرار الخطة العامة للدولة والاتفاقيات الدولية ومعاهدات الدفاع المشترك.
على أن يتولى هذا المجلس المؤقت الملفات التالية:
1- العدالة الانتقالية وتعويض الضحايا.
2- منع الإفلات من العقاب ومراقبة الالتزام بحقوق الإنسان والمواطنة.
3- مكافحة الفساد واسترداد أموال الشعب السوري المهربة.
4- إصلاح البنية التشريعية بالقوانين العاجلة التي تصدر بقرار منكم ويقرها البرلمان السوري المنتخب.
سيادة القائد، لقد نجحت، كرجل دولة، في الأيام الماضية في إرسال العديد من رسائل التطمين للداخل والخارج. وإن هذا القرار سيكون ترجمة عملية لكل الرسائل السابقة وخطوة هامة على الطريق الصحيح الذي يليق بسوريا، وشعبها العظيم، وثورتها المجيدة.