في تصعيد غير مسبوق لأزمة حزب الوفد التي تشهد توتراً شديداً خلال الأيام الماضية، أعلن فؤاد بدراوي، سكرتير عام حزب الوفد السابق وعضو الهيئة العليا للحزب، موقفه الحاسم في مواجهة الفساد المتفشي داخل الحزب.
جاء هذا الموقف الصارم بعد أن كشف بدراوي عن تلاعب واسع النطاق في كشوف الجمعية العمومية للحزب، محذراً من أن هذا التلاعب يشكل تهديداً خطيراً لمستقبل الحزب ومبادئه.
بدراوي، الذي يحمل إرثاً سياسياً ضخماً كحفيد فؤاد باشا سراج الدين، زعيم الأمة ورئيس الوفد الأسبق، لم يتردد في توجيه انتقاداته اللاذعة لقيادات الحزب الحالية وعلى رأسهم الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد.
ووصف بدراوي الوضع داخل الحزب بأنه أصبح أشبه بعزبة شخصية يديرها يمامة وأعوانه الذين تفرغوا لتهميش أعضاء الهيئة العليا وإفساد التنظيم الداخلي للحزب.
تفاصيل الأزمة: تلاعب في كشوف الجمعية العمومية وتهميش القيادات الحقيقية
فؤاد بدراوي، الذي كان سكرتيرًا عامًا لحزب الوفد حتى نوفمبر الماضي، أصدر بيانًا ناريًا في أواخر نوفمبر حذر فيه من وجود مخطط مشبوه يستهدف التلاعب بكشوف الجمعية العمومية للحزب.
وقال إن هذا التلاعب لا يقتصر على أسماء الأعضاء فحسب، بل يتجاوز ذلك ليطال متن وهيكل التشكيلات الرسمية في عدة محافظات. وصف بدراوي هذا التلاعب بالجريمة الكبرى التي تُرتكب بحق الحزب وتاريخه.
ووفقًا لما جاء في بيان بدراوي، فإن أي تعديل أو تغيير في مكونات الجمعية العمومية يعد مخالفاً للوائح الحزب، مشيراً إلى أن هذا الإجراء المشبوه يتم تمريره بهدف فرض واقع تنظيمي غير صحيح.
وأوضح أن هذا التلاعب يهدف إلى إدخال عناصر جديدة إلى الجمعية العمومية تمنحهم ميزة نسبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما يهدد بتهميش القيادات الحقيقية التي تمثل قواعد الحزب على الأرض.
نهر الفساد لا ينتهي: عبد السند يمامة وأعوانه في دائرة الاتهام
في سياق الأزمة، كان بدراوي صريحاً في اتهاماته لرئيس الحزب عبد السند يمامة وأعضاء الهيئة العليا للحزب الذين تورطوا في هذا الفساد المتفشي.
ووصف بدراوي الحزب في ظل إدارة يمامة بأنه “نهر الفساد الذي لا ينتهي”، مؤكداً أن يمامة وأعوانه يتعاملون مع الحزب وكأنه عزبة خاصة بهم، يفعلون ما يشاءون دون أي رادع أو محاسبة.
ولم يكتفِ بدراوي بتوجيه الاتهامات فحسب، بل دعا إلى تصعيد المواجهة ضد يمامة عبر حملة “طرق الأبواب” التي أطلقها بهدف حشد أعضاء الوفد الحقيقيين لمواجهة الفساد داخل الحزب.
وأعلن بدراوي أن الحملة ستصل يوم الجمعة الموافق 20 ديسمبر في مدينة بورسعيد الباسلة في ثاني محطاتها، وستتبعها تجمعات أخرى في مدينة الإسكندرية يوم الجمعة الموافق 27 ديسمبر، في محاولة لإعادة الحزب إلى مساره الصحيح ومواجهة التلاعب في كشوف الجمعية العمومية.
تقاعس قيادات الحزب وأعضاء الهيئة العليا: أين هم من هذه الأزمة؟
في ظل هذه الفوضى التي يشهدها حزب الوفد، لم يسلم أعضاء الهيئة العليا للحزب من انتقادات بدراوي. وصفهم بأنهم متقاعسون عن أداء دورهم الحقيقي في مواجهة الفساد الذي استشرى داخل الحزب، وبدلاً من الوقوف إلى جانب المبادئ التي أسس عليها الوفد، اختاروا التواطؤ أو الصمت المريب حيال ما يحدث.
وأشار بدراوي إلى أن أعضاء الهيئة العليا الذين يفترض أن يكونوا حراساً لمبادئ الحزب، تحولوا إلى أدوات بيد يمامة وأعوانه. هؤلاء الأعضاء، بدلاً من ممارسة دورهم في الرقابة على أداء رئيس الحزب، باتوا يساهمون في شرعنة الإجراءات المشبوهة التي يتخذها يمامة، مما يعمق الأزمة ويزيد من حجم التلاعب والفساد داخل الحزب.
دعوات لتطهير الحزب واستعادة مبادئ الوفد
من جانبه، أكد بدراوي أنه لن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة هذا التدهور الخطير الذي يشهده الحزب، مشدداً على ضرورة تطهير الحزب من الفساد واستعادة مبادئ الوفد التي بناها الآباء المؤسسون وعلى رأسهم فؤاد باشا سراج الدين.
وقال بدراوي إن الحملة التي يقودها من خلال “طرق الأبواب” هي خطوة أولى في معركة طويلة تهدف إلى إعادة الحزب إلى مساره الصحيح.
وأضاف أن أعضاء الوفد الحقيقيين، الذين يؤمنون بمبادئ الحرية والديمقراطية، لن يسمحوا بأن يتحول الحزب إلى أداة بيد مجموعة من الفاسدين الذين يسعون لتحقيق مصالح شخصية على حساب تاريخ الحزب ونضالاته.
التصعيد قادم: معركة كبرى تلوح في الأفق
في ظل هذا التصعيد الحاد بين فؤاد بدراوي وعبد السند يمامة، يبدو أن الأيام القادمة ستشهد مزيداً من التطورات المثيرة داخل حزب الوفد. الحملة التي يقودها بدراوي تحت شعار “طرق الأبواب” قد تكون الشرارة التي ستشعل فتيل المواجهة الكبرى داخل الحزب.
يوم الجمعة الموافق 20 ديسمبر في بورسعيد سيكون ثاني محطات الحراك الجماهيري الذي يستهدف الضغط على يمامة وأعوانه للكشف عن الحقيقة والمحاسبة على التلاعب بكشوف الجمعية العمومية. وبعدها بأسبوع، في 27 ديسمبر، ستتوجه الحملة إلى الإسكندرية، حيث يعتزم بدراوي وأعضاء حملته مواصلة الضغط حتى تتحقق أهدافهم في استعادة الحزب من أيدي الفاسدين.
مستقبل الحزب على المحك
تتجه الأنظار الآن إلى حزب الوفد، هذا الحزب العريق الذي لطالما كان رمزاً للنضال السياسي والدفاع عن حقوق الشعب. لكن اليوم، يواجه الوفد أخطر أزمة في تاريخه، إذ تتآكل مبادئه على يد مجموعة من الفاسدين الذين لا يترددون في تدمير كل ما بناه الآباء المؤسسون.
فؤاد بدراوي، الذي يحمل إرثاً ثقيلاً بصفته حفيد فؤاد باشا سراج الدين، يقف الآن في مواجهة مفتوحة مع عبد السند يمامة وأعوانه، متعهداً بألا يتراجع حتى يتم تطهير الحزب من هذا الفساد المستشري. المعركة بدأت وحملة طرق الأبواب ستكون بداية النهاية للفساد في حزب الوفد.