تستمر الحكومة المصرية في غرقها في مستنقع الفساد والتقاعس المالي، حيث تطرح أذون خزانة جديدة بقيمة 65 مليار جنيه في محاولة يائسة لسد فجوة السيولة الضخمة التي خلفتها سياستها الاقتصادية المدمرة.
إن هذا التوجه يعكس عجزاً تاماً في إدارة الموارد المالية وتخطيط سياسات اقتصادية مستدامة، في وقت تتزايد فيه متطلبات الوزارات والهيئات الحكومية، وهو ما يضع الاقتصاد المصري في موقف بالغ الخطورة.
في خطوة تكشف عن عجز الحكومة المتزايد، أعلن البنك المركزي عن طرح أذون خزانة محلية قيمتها 65 مليار جنيه في عطاءين منفصلين لتوفير السيولة اللازمة للعام المالي الحالي، الأمر الذي يعتبر دليلاً صارخاً على غياب التخطيط السليم.
حيث تم تقسيم هذه الأذون إلى قسمين، الأول بقيمة 40 مليار جنيه لأجل ثلاثة أشهر، والثاني بقيمة 25 مليار جنيه لأجل تسعة أشهر، ما يعكس عجزًا طويل الأمد في تدبير التمويل المطلوب.
والمثير للاشمئزاز هو أن الحكومة المصرية، بدلاً من العمل على إصلاح الاقتصاد، تواصل الاعتماد على أذون الخزانة القصيرة والمتوسطة الأجل، ما يعني استمرار العجز المزمن في الخزينة العامة.
هذه السياسات العاجزة تأتي في وقت حساس للغاية حيث يدفع الشعب المصري ثمن الفساد الحكومي والتخبط في اتخاذ القرارات. إن هذا الطرح لا يمكن أن يكون سوى محاولة خرقاء لسد العجز المالي المتفاقم دون مراعاة لتأثيراته على الاقتصاد الوطني.
بدلاً من أن تعمل الحكومة على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، فإنها تواصل الاعتماد على الحلول السهلة عبر زيادة الدين المحلي، وهو ما يفاقم الأعباء على المواطن العادي ويزيد من معاناته.
وفي الوقت نفسه، هناك تفاقم في أزمة التضخم الذي يواصل الارتفاع بشكل جنوني، حيث سجل معدل التضخم الأساسي 23.7% في نوفمبر 2024، مقابل 24.4% في أكتوبر من نفس العام. ورغم هذه الأرقام المدمرة، لا يظهر أي نية حقيقية من الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار أو تقديم حلول جذرية.
بل على العكس، فإن ما يحصل هو فقط استخدام أذون الخزانة كأداة مؤقتة لتغطية العجز المالي، وهو ما يعكس مدى التدهور الذي وصلت إليه الأمور.
إن هذا التوجه يعكس أكثر من أي وقت مضى حالة من الفشل الحكومي في إدارة الاقتصاد الوطني. فقد ثبت أن الحكومة المصرية تتعامل مع الأزمة المالية بشكل سطحي، حيث تركز على الحصول على السيولة السريعة من خلال طرح أذون الخزانة دون النظر إلى العواقب طويلة المدى لهذا الحل المؤقت.
وهذه السياسات لا تفعل سوى تعميق الأزمة الاقتصادية وخلق أعباء إضافية على المواطن المصري الذي يعاني بالفعل من ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
الأرقام التي تذكرها الحكومة بشأن معدلات التضخم ما هي إلا محاولة يائسة لتبرير العجز عن اتخاذ تدابير حقيقية لتخفيف العبء عن المواطنين. فقد بلغ معدل التضخم العام للحضر في نوفمبر 25.5%، بينما كان قد وصل إلى 26.5% في أكتوبر، ما يعكس عدم القدرة على كبح جماح التضخم.
إن هذه الأرقام ليست سوى انعكاس للسياسات الفاشلة التي تتبعها الحكومة، والتي تفتقر إلى أي نوع من الرؤية الاقتصادية أو الخطط المدروسة لمواجهة الأزمات المالية.
إن الحكومة المصرية، بدلاً من أن تعمل على معالجة أسباب العجز المالي من خلال تطوير مصادر دخل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي، تواصل الاعتماد على الحلول السهلة التي لا تؤدي سوى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية.
وكلما حاولت الحكومة تغطية هذا العجز عبر طرح أذون الخزانة، زاد الحمل على المواطن الذي يدفع ثمن السياسات الخاطئة للسلطات الحالية.
وفي ظل هذه الأوضاع الاقتصادية السيئة، يظل المواطن المصري هو الضحية الوحيدة لتلك السياسات الاقتصادية الفاشلة. فبدلاً من أن تتمكن الحكومة من مواجهة الأزمات المالية من خلال إصلاحات هيكلية حقيقية،
فإنها تفضل اللجوء إلى الحلول المؤقتة عبر المزيد من الدين العام. هذا الوضع لا يبشر بأي تحسن قريب في الأفق، ويؤكد أن هناك فشلاً ذريعاً في إدارة الاقتصاد الوطني.
إن ما يحدث الآن هو مجرد حلقة جديدة من مسلسل الفشل الحكومي الذي طالما اعتاد عليه المواطن المصري. فالخروج من هذه الدائرة المفرغة لا يكون إلا بإصلاحات جذرية في النظام المالي والاقتصادي، وتغيير حقيقي في سياسة الحكومة الحالية، التي لم تقدم شيئاً سوى التراجع في مستويات المعيشة وزيادة معاناة الشعب.