تقاريرمصر

شبكة الشرق بلومبيرج: مصر تؤجل 3 شحنات غاز لعام 2025 وتستورد 7.55 مليار متر مكعب

في ظل أزمة الطاقة المستمرة في مصر يتضح بجلاء مدى الفشل الحكومي في إدارة هذا القطاع الحيوي واحتياجات البلاد المتزايدة من الطاقة على الرغم من وفرة الموارد في منطقتها المحيطة بل وتزايد الاعتماد على الخارج لتغطية احتياجاتها الداخلية

وفي هذا السياق يأتي التأجيل المفاجئ لاستقبال 3 شحنات من الغاز المسال كان من المفترض وصولها في نوفمبر الحالي لتكون أولى الأزمات التي تكشف عن تدهور وضع مصر في مجال تأمين إمدادات الطاقة للمواطنين

حيث تم الاتفاق على تأجيلها إلى عام 2025 وذلك بسبب إخطار الاحتلال بتأجيل الصيانة الدورية لخطوط الغاز الأمر الذي يفضح استمرار عجز الحكومة في تأمين مصادر بديلة للطاقة التي تعتمد عليها البلاد بشكل رئيسي

لم يقتصر الأمر على تأجيل تلك الشحنات فقط بل تم بالفعل تأجيل استلام شحنات أخرى من الغاز المسال والمازوت عبر التنسيق مع الموردين في الأيام القليلة الماضية ما يعكس حالة من الارتباك والتخبط التي تعيشها الحكومة في التعامل مع هذا الملف الحيوي

في وقت يعاني فيه المصريون من نقص حاد في الطاقة والمصادر المستدامة للطاقة المحلية ومع استمرار هذا التراجع في الإنتاج المحلي للغاز فإن الحكومة تسعى الآن إلى التفاوض مع الأطراف الأخرى لتأجيل شحنات إضافية من الغاز المسال على أن يتم استلامها خلال الربع الأول من عام 2025 وهو ما يبين فشلها في تحقيق أي تقدم حقيقي في تأمين احتياجات الشعب المصري من الطاقة

أما عن أسباب هذا التراجع الكبير في إمدادات الغاز المحلي فإن الواقع يقول إن هناك تراجعًا ملحوظًا في الإنتاج المحلي للغاز خلال العام الجاري ما اضطر الحكومة إلى اللجوء بشكل أكبر إلى استيراد الغاز من الخارج لدرجة أن مصر ارتفعت وارداتها من الغاز من الاحتلال بنسبة 839 مليون متر مكعب خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وهو ما يوضح أن مصر كانت قد توقعت حدوث أزمة طاقة في وقت أبكر من المتوقع على الرغم من تأكيدات الحكومة السابقة بأن الإنتاج المحلي من الغاز سيكون كافيًا لتلبية احتياجات الاستهلاك الداخلي في معظم الأوقات ولكن التقديرات تبين أن هذه التوقعات كانت مجرد وعود فارغة لم تتعدى التصريحات الإعلامية

وفِي ظل انخفاض الإنتاج المحلي للغاز بمقدار 11.42 مليار متر مكعب خلال نفس الفترة فإن الحكومة المصرية اضطرت إلى زيادة الاعتماد على واردات الغاز من الخارج لسد الفجوة المتزايدة بين الإنتاج المحلي والطلب المحلي وهو ما يزيد من الأعباء المالية التي يتحملها الشعب المصري في وقت يعاني فيه من ارتفاع معدلات التضخم وضعف قيمة العملة المحلية ما يزيد الوضع الاقتصادي تعقيدًا ويكشف عن سياسات اقتصادية فاشلة لا تركز على تلبية احتياجات المواطنين بل على استمرارية العقود والمصالح مع الأطراف الأجنبية على حساب الشعب المصري الذي يدفع الثمن غاليًا في كل مرة

من جهة أخرى فإن بيانات الأشهر التسعة الأولى من 2024 تؤكد أن واردات مصر من الغاز شهدت ارتفاعًا ملحوظًا إلى نحو 7.55 مليار متر مكعب مقارنة بـ6.71 مليار متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي وهو ما يوضح تزايد الحاجة إلى الغاز من الخارج في وقت لا تستطيع فيه الحكومة المصرية الوفاء بتعهداتها بشأن توفير احتياجات البلاد من الطاقة على الرغم من المشاريع الضخمة التي تم الإعلان عنها في هذا القطاع وهو ما يثير تساؤلات عن مدى جدوى تلك المشاريع في ظل الوضع الحالي للأزمة في مصر

وعلى مستوى الفترات الفصلية فإن واردات الغاز من الاحتلال تراجعت بشكل طفيف في الربع الثاني من 2024 إلى 2.48 مليار متر مكعب مقارنة بالربع الأول وهو ما يعكس حالة من عدم الاستقرار في هذا القطاع الذي يرتبط بتقلبات العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية ولكن في الربع الثالث عادت واردات الغاز للارتفاع مجددًا لتصل إلى 2.43 مليار متر مكعب وهو ما يعد مؤشرًا واضحًا على استمرار أزمة الغاز في مصر وحاجة الحكومة إلى التعامل مع هذا الملف بشكل أكثر جدية ومسؤولية بعيدًا عن المناورات والتصريحات الإعلامية

وعلى الرغم من تراجع واردات الغاز في الربع الثاني إلا أن البيانات الشهرية تكشف عن استمرار تزايد الواردات بشكل شهري حيث ارتفعت واردات الغاز في شهر سبتمبر الماضي إلى 841 مليون متر مكعب مقارنة بـ816 مليون متر مكعب في شهر أغسطس الماضي وهو ما يبين أن الحكومة غير قادرة على توفير مصادر محلية بديلة تسد احتياجات البلاد بل تعتمد بشكل متزايد على الغاز المستورد في وقت يشهد فيه القطاع الاقتصادي المصري أزمة خانقة على مختلف الأصعدة

وبينما تستمر الحكومة في تبرير هذا التراجع بالإجراءات التي تتخذها لتأمين إمدادات الغاز في المستقبل فإن الواقع يقول إن السياسات الحكومية أثبتت فشلها في تأمين احتياجات الشعب المصري من الطاقة وفي الاستجابة للأزمات الطارئة التي تهدد استقرار البلاد ورفاهية شعبها ومصالحها الاقتصادية في المستقبل وهو ما يستدعي إجراء مراجعة شاملة وواقعية لأداء الحكومة في قطاع الطاقة والبحث عن حلول حقيقية وفعالة تضمن تلبية احتياجات المواطنين من الطاقة بشكل مستدام بعيدًا عن الاعتماد على الخارج

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى