عصام شيحة يكشف 12 حقيقة تدحض ادعاءات حقوق الإنسان في مصر
تروج الدولة المصرية لما تسميه “استراتيجية حقوق الإنسان” وتصدر بيانات تتفاخر فيها بتقدم مزعوم، في حين تظل الحقيقة المظلمة مخفية بعيدًا عن الأعين.
تكشف تصريحات عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن تناقض صارخ بين ما يُقال وما يحدث في الواقع.
بينما يتحدث شيحة عن إصلاحات جوهرية، يكشف في الواقع عن جوانب مظلمة من الانتهاكات المستمرة التي تطال المواطنين. فهل نحن أمام سياسة إصلاحية حقيقية أم مجرد واجهة زائفة تغطي وراءها كارثة حقوقية لا يمكن إخفاؤها؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح بشدة.
في البداية، أشار شيحة بفخر إلى أن الدولة المصرية سمحت لمنظمات حقوق الإنسان، للمرة الأولى، بالدخول إلى الجامعات لنشر الوعي بين الطلاب حول حقوق الإنسان.
كما تحدث عن تدريبات تُجرى داخل الوزارات والمحافظات بهدف توعية العاملين بثقافة حقوق الإنسان. لكن هل هذا كافٍ؟ هل يمكن لهذه الخطوات المحدودة أن تعكس التغير الحقيقي على الأرض؟ أم أن السماح المحدود بهذا النشاط ما هو إلا جزء من حملة دعاية لتلميع صورة الدولة؟
ولعل الاعتراف الضمني الذي قدمه شيحة بأن بعض التشريعات المصرية بحاجة إلى الكثير من التعديلات يمثل اعترافًا صريحًا بأن الدولة تتعامل مع قوانين تجاوزها الزمن ولم تعد تلبي تطلعات المجتمع المصري.
لكنه لم يوضح لماذا لم تُجر هذه التعديلات بعد، ولماذا يستمر العمل بتشريعات قديمة تنتهك حقوق المواطنين. هل نحن أمام بيروقراطية تعرقل التغيير أم أن هناك إرادة سياسية تتلكأ عن عمد في تحسين التشريعات؟
من جانب آخر، أشار شيحة إلى تغيير أسماء السجون إلى “مراكز الإصلاح والتأهيل”، وهدم السجون القديمة التي كانت تعاني من ظروف غير آدمية، وتم إنشاء سجون جديدة على أحدث المعايير العالمية. لكن تغيير الأسماء أو بناء مراكز جديدة ليس سوى تغيير في الشكل الخارجي.
فالأمر الأهم هو كيفية معاملة النزلاء داخل هذه المراكز وهل حدث أي تحسن فعلي في معايير المعاملة؟ وما هو تأثير هذه “التحسينات” على الواقع اليومي للسجناء؟ هل تحققت العدالة أم أننا ما زلنا نعيش في ظل نظام قمعي؟
وبالانتقال إلى موضوع العشوائيات، تحدث شيحة عن قفزات مصرية في ملف حقوق الإنسان من خلال نقل السكان من العشوائيات إلى مدن صالحة للسكن. هذا التغيير على الورق قد يبدو إيجابيًا، لكن السؤال الحقيقي هو عن كيفية تنفيذ هذه العمليات.
هل تم نقل السكان فعلاً بكرامة؟ وهل حصلوا على التعويض المناسب؟ أم أنهم كانوا مجرد بيادق في لعبة السياسة التي تهدف إلى إظهار الدولة في صورة المنقذ بينما تعاني الأسر التي تم تهجيرها من مشكلات أكثر تعقيدًا في الواقع؟
واحدة من القضايا الأكثر حساسية هي مسألة الحبس الاحتياطي. البرلمان المصري وعد بمراجعة هذه القضية أثناء إعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لكن هذه الوعود تتكرر دون تغيير حقيقي.
فالحبس الاحتياطي الذي يتحول أحيانًا إلى عقوبة بحد ذاته أصبح وسيلة للقمع السياسي ولإسكات الأصوات المعارضة. هل يمكننا أن نثق بأن هذه القضية ستُحل حقًا؟ أم أن البرلمان سيستمر في المماطلة؟
فيما يتعلق بتجاوزات الشرطة، اعترف شيحة بأن هذه التجاوزات موجودة في معظم دول العالم. لكنه استخدم هذا الاعتراف لتبرير ما يحدث في مصر، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تطبق القانون بشكل صارم، ولا يوجد مواطن أمريكي يتجاوز في التظاهرات.
لكن هل يمكن مقارنة ما يحدث في مصر بالولايات المتحدة؟ الفارق كبير جدًا، فمصر تواجه سجلًا حافلًا بانتهاكات الشرطة التي تستهدف كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه بحرية. بدلًا من تحسين أوضاع حقوق الإنسان، تبدو الدولة وكأنها تبرر التجاوزات بمقارنات غير واقعية.
ويضيف شيحة أن حقوق الإنسان أصبحت أداة تستخدمها الدول الكبرى للتدخل في شؤون الدول النامية بهدف تحقيق مصالحها. هذا القول قد يحتوي على بعض الحقيقة، لكنه يتجاهل تمامًا الدور الذي يجب أن تلعبه الدولة المصرية في تحسين أوضاع حقوق الإنسان داخليًا، بعيدًا عن أي ضغوط خارجية.
فهل ننتظر دائمًا أن تأتي الضغوط من الخارج حتى نبادر بالإصلاح؟ أم أن حقوق الإنسان يجب أن تكون هدفًا في حد ذاتها وليس مجرد وسيلة لتجنب الانتقادات الدولية؟
ويبدو أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي يرأسها شيحة تهدف للحفاظ على كرامة المواطن المصري، حسبما قال. لكن هل هذه المنظمة قادرة حقًا على التصدي للانتهاكات في ظل القيود المفروضة على عمل منظمات المجتمع المدني في مصر؟
وهل يمكن لمنظمة تعمل تحت مظلة الدولة أن تكون صوتًا حقيقيًا للشعب؟ أم أن دورها استشاري محدود ولا يمتلك القوة الفعلية للتغيير؟
الأسئلة الصعبة تتوالى دون إجابات حقيقية. ما يظهر بوضوح هو أن حقوق الإنسان في مصر لا تزال تواجه تحديات هائلة. وبينما تروج الدولة لإصلاحات سطحية، يظل الواقع اليومي للمواطن مليئًا بالقمع والظلم.