تقاريرمصر

حكومة مدبولي تبيع المطارات والشركات الاستراتيجية للمستثمرين الأجانب وتعرض مقدرات الدولة للخطر

في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري تدهورًا غير مسبوق، وأزمات طاحنة في مختلف القطاعات، أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري محمد الحمصاني عن ما وصفه بـ”الخطوات المتقدمة” لطرح المطارات المصرية أمام القطاع الخاص، ما يعد بمثابة طعنة جديدة في قلب الاقتصاد الوطني.

حسب تصريحاته، فإن هذه الخطوات تتجاوز مرحلة التخطيط وتدخل في مرحلة المفاوضات مع تحالف مصري فرنسي، في عملية تبدو وكأنها تقاسم واضح لمقدرات الوطن مع مستثمرين أجانب.

هذا الطرح، الذي يتضمن إدارة وتشغيل المطارات المصرية من قبل القطاع الخاص، لا يعكس سوى حالة من العجز الحكومي في توفير الحلول الوطنية للأزمات الحالية.

الحكومة المصرية التي تعاني من تراجع شديد في القدرة على توفير خدمات أساسية للمواطنين، تتجه إلى بيع الأصول الاستراتيجية للبلاد مقابل حفنة من الأموال التي لن تسهم بأي حال من الأحوال في معالجة الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد.

تصريحات الحمصاني حول طرح المطارات كانت أكثر من مجرد إعلان عن سياسة اقتصادية، بل كانت بمثابة إعلان عن فشل ذريع في تحقيق أي تقدم حقيقي على صعيد تعزيز البنية التحتية المحلية أو حتى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأضاف الحمصاني في حديثه أن الحكومة بصدد الانتهاء من “الرؤية المتكاملة” لطرح المطارات، مع وجود مفاوضات مع تحالف مصري فرنسي لدخول هذه الأطراف الأجنبية في إدارة وتشغيل هذه المنشآت الحيوية.

هنا لا يمكن تجاهل السؤال الأهم: لماذا تتجه الحكومة إلى شركاء أجانب بينما يعاني الاقتصاد المحلي من أزمة حادة تحتاج إلى تدخل الدولة المباشر؟

أليس من الأولى أن تكون هذه المطارات تحت إدارة وطنية تساهم في توفير فرص العمل وتحفيز الاقتصاد المحلي بدلًا من أن يتم التفريط فيها لمستثمرين خارجيين؟ الجواب ببساطة هو أن الحكومة المصرية باتت عاجزة عن إدارة مواردها الخاصة ولا تجد بديلًا سوى تفويض هذه المسؤوليات للأجانب.

على صعيد آخر، تطرّق الحمصاني إلى مسألة طرح شركتي “وطنية” و”صافي”، واللتين تعملان في مجال المنتجات الغذائية والتموين، عبر جزء في البورصة وحصة لمستثمر استراتيجي.

هذا القرار يعكس توجه الحكومة نحو إغراق الأسواق المحلية بمزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتفويت الفرصة على المستثمرين المصريين المحليين، الذين يعانون أصلاً من غياب الدعم الحكومي، فضلاً عن معدلات التضخم المرتفعة وانخفاض قيمة الجنيه المصري.

وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية المعقدة، كيف يمكن للمواطن المصري العادي أن يثق في برامج الخصخصة التي تديرها الحكومة والتي تُقدِم على بيع الشركات الوطنية دون النظر إلى العواقب المستقبلية؟

الحديث عن طرح حصص من بنكي القاهرة والإسكندرية في البورصة المصرية يشير إلى مستوى آخر من الفشل الحكومي. ففي وقت كانت فيه هذه البنوك تلعب دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد المصري، تسعى الحكومة الآن لتقليص حصتها فيها، وتقديمها للمستثمرين الأجانب تحت شعار “الإصلاح المالي”.

لكن ماذا عن التأثير على المواطنين الذين سيجدون أنفسهم في النهاية أمام بنوك يسيطر عليها مستثمرون خارجيون؟ إن هذا التوجه لا يعكس سوى عقلية الدولة التي تفضل تأجيل الحلول الوطنية لصالح مزيد من القروض والمساعدات الدولية.

أما عن البرنامج الحكومي للطروحات، فهو بحسب تصريحات الحمصاني مرن ويمكن إضافة شركات أخرى خلال عام 2025. لكن المرونة في هذا البرنامج لا تعني سوى مزيد من التفريط في أصول الدولة، وتخصيص القطاعات الاستراتيجية للأجانب في وقت تعاني فيه البلاد من مشكلات اقتصادية خانقة، بدءًا من أزمة البطالة وصولًا إلى أزمة ارتفاع الأسعار التي تؤثر على ملايين المصريين.

إن تصريح الحمصاني وما يتضمنه من تفاصيل عن مستقبل الشركات المصرية يعكس سياسة حكومة تعتمد على الحلول السهلة التي تضمن الاستمرارية السياسية على حساب المصلحة الوطنية.

إن كل خطوة تخطوها الحكومة نحو خصخصة هذه الشركات الاستراتيجية تعد خطوة نحو تصفية الاقتصاد الوطني، وتحويله إلى ملعب مفتوح للمستثمرين الأجانب، الذين لا هم لهم سوى تعظيم أرباحهم، دون أدنى اعتبار للمواطن المصري الذي يعيش يومًا بعد يوم في ظل ارتفاع الأسعار، وانعدام فرص العمل.

وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن برنامج طروحات جديد، تساءل المواطن المصري عن معنى هذه الطروحات في وقت تعجز فيه الحكومة عن تحسين مستوى المعيشة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب. هل سيكون هذا البرنامج بمثابة وسيلة لتحسين الوضع المالي للدولة، أم أنه مجرد غطاء جديد لعملية بيع البلاد بأبخس الأثمان؟

لا يمكن إغفال أن هذا الطرح يمثل دليلاً على أن الحكومة المصرية لا تملك القدرة على الحفاظ على مقدرات الوطن، وأنها بدلاً من البحث عن حلول محلية تدير ظهرها للمواطنين وتفضل التفاوض مع قوى خارجية.

إن هذه السياسات لا تساهم إلا في زيادة الفجوة بين الشعب والحكومة، وفي إضعاف الثقة في قدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة التي تصب في صالح الاقتصاد الوطني.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى