في إعلان مفاجئ وملموس كان له وقع الزلزال في أوساط كرة القدم الإفريقية كشف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كاف عن القوائم النهائية للمرشحين لجائزة الأفضل لعام 2024.
ما كان ينبغي أن يكون حدثًا رياضيًا مشرفًا أصبح موضع شكوك وانتقادات كبيرة بسبب تصدر أسماء لاعبين ومدربين وسط حملات مناهضة جادة لتجاهل عدد من الأسماء التي كانت تستحق التواجد في هذه القوائم بشكل أكبر وأكثر نزاهة.
لكن الأزمات ليست جديدة على الاتحاد الإفريقي. قبل أسابيع قليلة كانت هناك موجات من الانتقادات التي طالت قراراته المثيرة للجدل، اليوم يعود الجدل ليشتعل في قضية الجوائز.
ولن يكون حفل توزيع الجوائز الذي سيُقام في مدينة مراكش المغربية الإثنين المقبل مجرد مناسبة رياضية احتفالية كما كان يُفترض، بل أصبح حلقة جديدة في سلسلة من الفضائح والاتهامات التي تطال الاتحاد الإفريقي.
فالقوائم التي أعلنها الكاف ليست محض اختيارات رياضية موضوعية بل هي في الواقع انعكاس لمعادلات غامضة ومصالح تتعارض مع العدالة الرياضية.
وبدلًا من أن يُسعد إعلان أسماء المرشحين جماهير كرة القدم الإفريقية حول العالم تزايدت التساؤلات حول معايير الاختيار والأسماء التي تم استبعادها.
فيما يخص جائزة أفضل لاعب داخل إفريقيا لعام 2024، كان الإعلان عن المرشحين الثلاثة بمثابة الصدمة للملايين. فالقائمة تضم ثلاثة لاعبين فقط منهم اثنان من الدوري المصري وهما أحمد سيد زيزو لاعب الزمالك وحسين الشحات لاعب الأهلي، بينما يشهد المقعد الثالث تواجد حارس مرمى من جنوب إفريقيا هو رونوين ويليامز، لاعب صن داونز.
هو أمر يثير الدهشة؛ إذ لا يخفى على أحد تميز عدد من اللاعبين في الدوريات الإفريقية الكبرى الذين كان لهم دورًا كبيرًا في تطور فرقهم على مدار العام. لماذا لم يتواجد اسم لاعب مثل التوغولي إيمانويل إيمانيول، الذي أبدع في مشاركاته مع فريقه في دوري الأبطال؟
لماذا غاب نجم كيني مثل مايكل أولونغا الذي قاد فريقه إلى انتصارات تاريخية؟ هذه تساؤلات لم تجد إجابة شافية حتى الآن، بل تم تجاهلهم بشكل تام وكأنهم لم يقدموا شيئًا يستحق التقدير.
أما قائمة أفضل فريق في إفريقيا 2024 فهي بدورها لم تخل من الدهشة. فالمنافسة بين الأهلي والزمالك المصريين وصن داونز الجنوب إفريقي هي محور التركيز.
وعلى الرغم من تألق الفريقين المصريين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك العديد من الأندية الأخرى التي كان ينبغي أن تجد مكانًا لها في هذه القائمة.
ففريق مثل الترجي التونسي الذي تمكن من فرض نفسه في البطولات الإفريقية وأصبح له حضور قوي في كافة المسابقات القارية لا يُمكن تجاهله بهذه البساطة.
لكن اللافت في هذه المعركة هو ظهور فريق صن داونز الجنوب إفريقي كأحد أبرز الأندية الإفريقية هذا العام، والذي استطاع أن يحقق نتائج غير متوقعة في المسابقات الإفريقية، ليثبت أن الكرة في جنوب إفريقيا أخذت منحى آخر بعيدًا عن التصورات التقليدية، لكن ذلك لا ينفي أن اختيارات الكاف يجب أن تكون أكثر تنوعًا.
أما في فئة السيدات، فقد اشتعلت المنافسة بين فرق “مازيمبي” الكونغولي والجيش الملكي المغربي وإيدو كوينز النيجيري. هذه الفئة لم تخلُ من التعقيدات السياسية والرياضية، فتاريخ كرة القدم النسائية في إفريقيا يظل مليئًا بالظلم والتهميش، والمنافسة على جائزة أفضل فريق لم تكن استثناءً.
فالاختيارات هذه المرة تثير الجدل بشكل خاص نظرًا لتجاهل الفرق التي حققت نجاحات غير مسبوقة في الدوري المحلي، بينما تظل بعض الأسماء التي تتمتع بعلاقات قوية في الاتحاد الإفريقي خارج حسابات الجائزة.
منذ تأسيسه، ظل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عرضة للمشاكل والاتهامات، بل إن بعض من أرفع الشخصيات في كاف كانت دائمًا في مرمى الانتقادات بسبب سياسات التعيين وإدارة البطولات. ما يحدث في 2024 هو نتيجة تراكم سنوات من سوء الإدارة والتخبط في اتخاذ القرارات.
بدلاً من أن يكون هذا الحفل بمثابة تكريم للإنجازات الفردية والجماعية، تحول إلى ساحة للمؤامرات والمحاباة. فالتجاهل المستمر لبعض الأسماء والناديان ليس سوى نقطة في بحر من الأزمات التي يواجهها الكاف بشكل عام.
وفي ظل ذلك كله، تظل الحقيقة المرة أنه رغم كل الانتقادات لا أحد يتوقع تغييرات كبيرة في طريقة اختيار الجوائز أو حتى تطويرها.
يظل الاتحاد الإفريقي مُصرًا على استنساخ نفسه كل عام مع الكثير من الغموض والتناقضات، وكأن كرة القدم الإفريقية هي مجرد أداة للسيطرة وتحقيق المصالح الخاصة بعيدًا عن الأنظمة الحاكمة والمنطق الرياضي السليم.
لن يكون حفل توزيع الجوائز في مراكش مجرد حدث رياضي، بل سيكون شاهداً على فوضى الاتحاد الإفريقي ومدى تأثير ذلك على مصداقية الجوائز الممنوحة. الأمور على ما يبدو تتجه نحو الأسوأ، ولا حلول في الأفق سوى المزيد من السجالات والنزاعات.