يمر حزب الوفد اليوم بمرحلة من التدهور الشديد والمستمر في ظل القيادة الفاشلة للدكتور عبدالسند يمامة رئيس الحزب، الذي حول الحزب إلى مجرد ظل لنفسه، مستخدمًا سيطرته لتطبيق قرارات فاسدة ومشاريع محكوم عليها بالفشل.
الفساد الذي يحيط بالحزب أصبح يشبه طوفانًا غير قابل للإيقاف، بينما تخلّت القيادات الوفدية عن دورها في إنقاذ الحزب وسمحوا لأنفسهم أن يكونوا جزءًا من هذه المأساة بدلاً من الوقوف ضدها.
وفي الوقت الذي تخاذل فيه أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد، الذين اختاروا أن يكونوا جزءًا من هذا الفساد بدلاً من مواجهة هذه المأساة، تبرز شخصية فؤاد بدراوي، السكرتير العام السابق وعضو الهيئة العليا الحالي، كأحد القلة الوفدية التي ما زالت تحارب هذا الانهيار بكل ما أوتيت من قوة، وتفضح هذه الممارسات دون تردد.
وقد انطلقت اليوم حملة “طرق الأبواب” للإعداد للمؤتمر الثاني المقرر عقده في مدينة الإسكندرية قريبا، وهو المؤتمر الذي سيحضر فيه عدد من أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد، فيما سيشارك عبر الفيديو كونفرانس أبرز ثلاث شخصيات وفدية في الوقت الراهن.
وسيكون الحضور في المؤتمر هذه المرة أكثر عددًا، في خطوة تهدف إلى إظهار دعم الوفديين وتأكيد قدرتهم على التغلب على أزمات الحزب.
كما تم التأكيد على ضرورة رفع كارنيه الوفد أثناء التصوير، لضمان رد قوي على المشككين الذين يزعمون أن المؤتمر ليس كاملًا من الوفديين.
جميع مؤتمرات “طرق الأبواب” تُنظم بشكل علني وليست سرية، وسيكون المستقبل أكثر إشراقًا مع عودة الوفديين لوحدتهم وحبهم لحزبهم، ولكن التغيير المنتظر لن يحدث إلا إذا استفاقت القيادة الوفدية من غيبوبتها وتخلصت من الفساد الذي يعصف بها.
وقد سبق أن شهدت محافظة الغربية في 12 ديسمبر 2024، انعقاد المؤتمر الأول لحملة “طرق الأبواب”، التي نظمها اتحاد إنقاذ الوفد، بحضور عدد من القيادات الوفدية من مختلف المحافظات، وكان أبرز الحضور فؤاد بدراوي الذي وقف شامخًا كرمز للوفد الحي.
كما حضر عدد من الشخصيات الوفدية البارزة من القاهرة، الجيزة، القليوبية، الشرقية، الإسكندرية، السويس، البحيرة، كفر الشيخ، المنوفية، دمياط، والدقهلية.
وكان اللقاء بمثابة رسالة واضحة إلى الجميع بأن الوفديين لا يزالون على قيد الحياة وأنهم مستعدون لمواجهة الفساد في صفوفهم بكل شجاعة.
ورغم الأجواء الحماسية، إلا أن الواقع الملموس يُظهر أن الحزب يعاني من مشكلات عميقة وهيكلية أفرزها فساد قياداته، وعلى رأسهم عبدالسند يمامة.
ففي الوقت الذي كان من المتوقع أن تكون هذه القيادات حريصة على الحفاظ على تاريخ الحزب ومبادئه، نجد أن عبدالسند يمامة قد حول الحزب إلى أداة في يده،
مستغلًا منصبه في خدمة مصالحه الشخصية، ضاربًا عرض الحائط بكل القيم الوفدية. أسوأ ما في الأمر هو أن هذه القيادات ليست مجرد مشاهدين، بل هم شركاء في استمرار هذه المهزلة السياسية.
بينما كان الأمل معقودًا على هؤلاء القيادات في تقديم الحلول السريعة لمعالجة الأزمات الداخلية، نجد أن وضع الحزب يتدهور بشكل كارثي تحت إشراف الدكتور عبدالسند يمامة.
فإذا كان يفترض بهم أن يكونوا قدوة للوفديين، فهم في الواقع يسيرون في طريق يؤدي إلى مزيد من الانقسام والفوضى داخل الحزب.
فبدلاً من أن يكون هناك أي محاولة حقيقية لإعادة بناء الحزب، نجدهم يراهنون على القرارات الفاسدة والتغييرات العشوائية التي تهدد بتدمير ما تبقى من البنية التنظيمية للحزب.
في هذا السياق، يأتي فؤاد بدراوي ليؤكد في تصريحاته أنه لا يمكن السكوت عن التلاعب الحاصل في الجمعية العمومية للحزب، مشددًا على أن أي تعديلات غير قانونية ستؤدي إلى إفساد الحزب بالكامل.
تحدث بدراوي بصراحة عن محاولات الهيمنة التي يتعرض لها الحزب من قبل عبدالسند يمامة وبعض قيادات الهيئة العليا، والذين يهدفون إلى استبعاد الأعضاء الأصليين لصالح عناصر موالية لهم، غير قادرة على حمل راية الوفد. فهذه القرارات الكارثية تؤكد أن هؤلاء القادة يسعون فقط للحفاظ على مناصبهم، بغض النظر عن مصير الحزب.
لقد أصبح حزب الوفد اليوم محط سخرية على مستوى الساحة السياسية، وذلك بفضل فساد قياداته الذين لا يزالون يمارسون سياسة التكتلات والصراعات الشخصية على حساب مصلحة الحزب الوطنية.
فالحزب الذي كان من المفترض أن يكون منارة للحرية والديمقراطية، أصبح اليوم مجرد أداة بيد الدكتور عبدالسند يمامة وأتباعه، الذين يواصلون التلاعب بمصير الحزب خدمة لمصالحهم الضيقة.
وفي الوقت الذي يسعى فيه اتحاد إنقاذ الوفد إلى تجميع الصفوف والعمل على استعادة الحزب إلى مكانته، لا يبدو أن هناك أي إرادة حقيقية من القيادات الحالية لتحقيق هذا الهدف.
فالاتحاد يعمل على التوسع في حملة “طرق الأبواب” ليشمل المزيد من المحافظات، ورغم ذلك فإن القيادات التي يفترض بها دعمه، لا تزال غير قادرة على اتخاذ أي خطوات حقيقية للنهوض بالحزب. فالتغيير في حزب الوفد أصبح مستحيلًا طالما استمر الفساد في التحكم في مفاصل الحزب.
إن الأوضاع الراهنة تشير إلى أن حزب الوفد بحاجة إلى إنقاذ حقيقي من الفساد الذي يضرب جذوره، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحقق هذا الإنقاذ طالما ظل الدكتور عبدالسند يمامة على رأس الحزب.
ومع غياب الإرادة السياسية والتخاذل الواضح من قبل الهيئة العليا، فإن مصير الحزب بات مجهولًا ويهدد بأن يصبح مجرد ذكرى في تاريخ الحياة السياسية المصرية.