على الرغم من الوعود المستمرة بتحسين تنظيم موسم الحج، لا تزال الحكومة المصرية تغرق في مستنقع الفشل والفساد، مما يهدد بتكرار كارثة العام الماضي.
المسؤولون الحكوميون لا يتوقفون عن إطلاق التصريحات والتأكيدات التي لا تحمل أي جديد سوى إظهار عجزهم التام عن تأمين حياة المواطنين.
بعد كارثة الحج التي راح ضحيتها أكثر من ألف حاج، من بينهم نحو 700 مصري، لا تزال الحكومة في حالة إنكار تام، واكتفت بإطلاق ضوابط شكلية لا قيمة لها في ظل واقع مرير يسوده الفساد وعدم القدرة على التنظيم.
ما يُسمى بالضوابط الجديدة التي أعلنتها الحكومة لا تعدو كونها إجراءات غير فعّالة تفتقر إلى أي مصداقية. الحديث عن تتبع ومحاكمة الكيانات غير الشرعية التي أساءت للمواطنين في السنوات الماضية هو مجرد كلام للإعلام، ولا يبدو أن هناك أي نية حقيقية لمحاسبة هؤلاء الذين استغلوا حاجات الناس البسطاء.
مكاتب السماسرة غير المرخصة لا تزال تواصل نشاطاتها بحرية تامة، في ظل غياب الرقابة الجادة من الحكومة. ليس هناك أي تحرك حقيقي من الوزارات المعنية، سواء السياحة أو الداخلية، سوى بعض التصريحات الفضفاضة التي لا تُسمن ولا تغني من جوع. التنسيق بين هذه الجهات لا يعدو كونه مجرد أكذوبة تروج لها الحكومة لإخفاء فشلها.
أما عن الباركود الذي يُقال إنه سيُخصص لكل حاج هذا العام، فلا يعدو كونه إضافة شكلية ليس لها أي تأثير حقيقي على أرض الواقع. هذه الفكرة لا تساهم في ضمان أمن وسلامة الحجاج، بقدر ما هي محاولة فاشلة للتغطية على ضعف الإجراءات الأمنية والتنظيمية.
فماذا سيحل بالذين يتلاعبون بتأشيرات الحج؟ ماذا ستفعل الحكومة حين يتمكن البعض من التحايل على النظام، كما حدث في السنوات الماضية؟ الكارثة أن الحكومة تروج لهذا الإجراء وكأنه حلاً سحرياً لمشاكل الحج، بينما هو مجرد حلّ ظاهري لا يتجاوز حدود الترويج الإعلامي.
وفي الوقت الذي تروج فيه الحكومة لمزيد من القيود على تنظيم الحج، تتفشى المحسوبية والفساد في كل جوانب العملية. من يحصل على فرصة أداء الحج لا يتم تحديده بناءً على أولوية الحج أو احتياج المواطنين، بل على أساس الفساد المنتشر في الدوائر الحكومية. هذا هو الواقع الذي يعيشه المواطنون، حيث تتحكم المحسوبية والرشاوى في من يحصل على فرصة السفر لأداء الفريضة.
تجاهل الحكومة للمتطلبات الأساسية لأداء مناسك الحج بأمان وراحة يجعل موسم الحج في مصر مجرد فوضى متجددة كل عام. رغم وقوع آلاف الضحايا في الموسم الماضي نتيجة الزحام وعدم وجود الخدمات اللازمة، لا تزال الحكومة تكرر نفس الأخطاء الفادحة دون أن تتعلم منها. الأرقام تتحدث عن نفسها، فعدد الوفيات في العام الماضي تجاوز الألف حاج، و700 من هؤلاء كانوا من المصريين الذين دفعوا حياتهم بسبب غياب التنظيم وسوء الإدارة.
المشكلة ليست في عدم وجود ضوابط بل في فساد النظام بأكمله الذي يفرض نفسه على كل مناحي الحياة في مصر. هذه الحكومة عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات لمواطنيها، وتكتفي بالإعلانات والتصريحات التي لا قيمة لها. ما يحدث في موسم الحج ليس سوى استمرار لسياسة الفشل والإهمال التي دمرت حياة الكثير من المواطنين، بينما الحكومة مستمرة في تجاهلها لمطالب الشعب.