واصلت العملة الأمريكية ارتفاعها أمام الجنيه المصري لليوم الرابع على التوالي، وهو ما يهدد بانهيار القدرة الشرائية للمواطنين بشكل أكبر.
مع اقتراب الدولار من كسر حاجز الـ 51 جنيهًا، يتضح بما لا يدع مجالًا للشك أن الحكومة المصرية فشلت في إدارة الأزمة الاقتصادية الراهنة وأثبتت مرة أخرى عجزها في التعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد. استمر هذا الارتفاع الجنوني للعملة الأمريكية في مختلف البنوك التي سجلت أسعارًا غير مسبوقة.
سعر الدولار في بعض البنوك وصل إلى 50.59 جنيهًا للشراء و50.69 جنيهًا للبيع في أحد أكبر البنوك في مصر، بينما سجل سعره في بنك آخر نحو 50.58 جنيهًا للشراء و50.68 جنيهًا للبيع، وهذا التذبذب الكبير في الأسعار يعكس حالة الفوضى الاقتصادية التي يعيشها الجنيه المصري دون أي تدخل جاد من الحكومة.
بينما سجل البنك الأهلي المصري سعر 50.57 جنيهًا للشراء و50.67 جنيهًا للبيع، ما يوضح أن الحالة نفسها تتكرر عبر مختلف المؤسسات المالية دون أي مؤشر على تحسن قريب.
الحكومة المصرية مستمرة في نهجها الفاشل في التعامل مع مشكلة التضخم المرتفع وأسعار الدولار التي باتت تبتلع كل الجهود التي كانت تهدف إلى تقوية الجنيه المصري. ورغم التصريحات المتتالية التي تنشرها الحكومة بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية، تبقى الحقيقة أن الجنيه المصري يعاني انهيارًا مستمرًا دون أفق حل واضح. لا يزال المواطن المصري يعاني من آثار هذه السياسة الاقتصادية التي لا تُظهر أي تطور إيجابي على أرض الواقع.
في الوقت ذاته، لم يكن الارتفاع الحاد في أسعار الدولار هو المشكلة الوحيدة التي يواجهها المصريون. أسعار الذهب هي الأخرى واصلت الارتفاع، لتسجل زيادة ملحوظة في الأسواق المحلية. بلغ سعر الجرام من الذهب عيار 21 الأكثر تداولًا في مصر نحو 3790 جنيهًا، مسجلًا زيادة تقدر بحوالي 25 جنيهًا، ما يزيد من معاناة المواطنين الذين يتطلعون إلى الحفاظ على مدخراتهم في ظل التدهور المتسارع في قيمة الجنيه.
كما سجل سعر جرام الذهب عيار 24، الذي يعد من الأنواع الأقل شيوعًا بسبب ارتفاعه المبالغ فيه، حوالي 4331.43 جنيهًا. هذه الأسعار العالية جعلت من الذهب استثمارًا غير مجدي للكثير من المصريين، حيث لم يعد بالإمكان الاحتفاظ به كملاذ آمن للمواطنين الذين يرون أن أموالهم تتآكل بشكل مستمر.
أما بالنسبة لأسعار الجنيه الذهب، فقد سجلت 30320 جنيهًا، ما يعكس الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد. الجنيه الذهب الذي يزن 8 جرامات أصبح عبئًا على المواطنين الذين كانوا يراهنون على الذهب كوسيلة للحفاظ على قوتهم الشرائية، إلا أن الارتفاعات المتتالية في الأسعار جعلت هذه الوسيلة غير قابلة للاستخدام من قبل الكثيرين.
الفوضى التي يشهدها السوق المصري تعكس حالة من الفشل الذريع في السياسة الاقتصادية للحكومة، فبينما ترتفع الأسعار بشكل مستمر، يزداد المواطن المصري بؤسًا دون أن يتمكن من مواجهة هذه التحديات. رغم ذلك، تواصل الحكومة تجاهل الواقع، وتكتفي بتصريحات لا تُسمن ولا تغني من جوع، مما يزيد من شعور الإحباط لدى الشارع المصري.
من المؤسف أن الحكومة المصرية تبدو غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لمعالجة هذه الأزمة، بل على العكس، تواصل دفع الاقتصاد نحو الهاوية بتجاهل الحلول الفعّالة. فقد كانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق عن خطط لحل الأزمة الاقتصادية، إلا أن هذه الخطط كانت دائمًا غير واضحة التنفيذ، وأثبتت الأيام أنها لم تكن سوى وعود فارغة.
الواقع المرير الذي يعيشه المواطن المصري اليوم نتيجة لهذه السياسات المتخبطة يتطلب تدخلًا عاجلًا وإجراءات ملموسة على الأرض. فمن غير المقبول أن تستمر الأوضاع في التدهور بهذا الشكل، في حين أن الحكومة تواصل سياسة الإنكار ولا تعطي أي أمل للمواطنين في تحسن قريب. يجب أن يكون هناك تحرك عاجل من قبل الحكومة لوقف هذا الانحدار، وتقديم حلول حقيقية بدلاً من التصريحات الإعلامية التي لا تضيف شيئًا.
إن الأزمة الاقتصادية الحالية تستدعي إجراءات صارمة على كافة الأصعدة الاقتصادية والنقدية. الحكومة المصرية يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الأزمة وأن تضع خططًا استراتيجية للإصلاح بدلاً من الاستمرار في نفس السياسات الفاشلة التي تسببت في هذه المعاناة. إذا كانت الحكومة جادة في تحسين الأوضاع، يجب أن تُظهر ذلك من خلال خطوات عملية وواقعية، لا أن تكتفي بالكلام في وسائل الإعلام.
الحديث عن تحسين الوضع الاقتصادي في ظل هذه المعطيات يبدو مجرد حلم بعيد المنال. إذا لم تتحرك الحكومة المصرية بسرعة، فإن الوضع سيزداد سوءًا، وسيظل المواطن المصري يدفع الثمن، سواء كان ذلك من خلال ارتفاع الأسعار المستمر أو من خلال تآكل قيمة مدخراته.