تعد مستشفى ديروط المركزي من أهم المنشآت الصحية في محافظة أسيوط، فهي تُعد الملاذ الوحيد لأكثر من مليون مواطن في أكثر من 75 قرية.
من المفترض أن تكون هذه المستشفى هي المرفق الصحي الذي يقدم الرعاية اللازمة للمرضى ويعالج المصابين في هذه المنطقة التي تفتقر إلى العديد من الخدمات الطبية.
لكن للأسف، فإن الوضع في هذه المستشفى يُظهر صورة مُرعبة عن الفشل الحكومي والإداري الذي يعصف بمؤسسات الدولة ويهدد حياة المواطنين.
الواقع في مستشفى ديروط المركزي يشهد على تدهور لا يُطاق في كل جوانب العمل فيها. فقد تحولت هذه المنشأة إلى مكان يعكس الإهمال والتسيب، ولا يمت إلى أية معايير صحية أو طبية.
وفي حين يُفترض أن يتم توفير الرعاية اللازمة للمرضى داخل المستشفى، نجد أن الواقع بعيد كل البعد عن هذا. المستشفى لا تعاني فقط من تدهور في بنيتها التحتية، بل وصلت إلى مرحلة خطيرة تهدد سلامة المرضى.
التقصير في صيانة المستشفى وإهمال البنية التحتية
تعتبر الصيانة والتجديد من أبسط الواجبات التي يجب أن تُنفذ بشكل دوري في أي مرفق صحي، لكن ما يحدث في مستشفى ديروط المركزي هو العكس تمامًا.
فالبنية التحتية للمستشفى متهالكة بشكل يثير القلق. مياه الصرف الصحي تتسرب إلى داخل المستشفى بشكل يومي، ما يُعرض المرضى والعاملين في المستشفى لخطر التسمم والعدوى.
ما يحدث في المستشفى ليس مجرد خلل بسيط، بل كارثة صحية تُهدد حياة المواطنين. وعلى الرغم من كون هذه الأزمة تتكرر بشكل مستمر، فإن الحكومة ووزارة الصحة في مصر تواصلان تجاهل هذا الوضع المأساوي.
إن الإهمال في صيانة المستشفى يُظهر غيابًا تامًا للمسؤولية من قبل الجهات الحكومية. فبدلاً من أن يتم تخصيص الميزانيات اللازمة لإصلاح المستشفى وتجديد مرافقها، يبدو أن الحكومة تتجاهل تمامًا حياة المواطنين في تلك المنطقة.
أصبح الوضع في المستشفى أقرب إلى كارثة صحية تتطلب تدخلاً عاجلًا، ومع ذلك لا تجد أي خطوات جادة لإصلاح هذا الوضع المأساوي.
فساد إداري في مستشفى ديروط: التجارة بأرواح المرضى
لكن الأسوأ من ذلك هو الفساد الإداري المستشري في مستشفى ديروط المركزي، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه. في الوقت الذي يجب أن يكون التركيز فيه على تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى، يتحول قسم حضانات الأطفال في المستشفى إلى سوق مفتوحة لبيع وشراء المعدات الطبية والأجهزة الكهربائية.
الممرضات في قسم الحضانات لا يبدين أي اهتمام بحياة الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية طبية فورية، بل ينشغلن في بيع المفارش والأجهزة الطبية داخل المستشفى.
إن هذه الممارسات التي تحدث في قسم حساس مثل قسم حضانات الأطفال تكشف عن حجم الفساد المستشري في المستشفى. لا يمكن أن تكون هذه التصرفات من قبيل الإهمال البسيط، بل تعكس استهانة بالمرضى وأرواحهم.
بينما كان من المفترض أن يتولى العاملون في القسم مهماتهم الطبية بكفاءة، نجد أنهم مشغولون بأمور تافهة تتعلق بالمصالح الشخصية على حساب حياة المرضى.
هذه الفوضى لا تقتصر على قسم واحد في المستشفى، بل تنتشر في جميع الأقسام. فبدلاً من أن تكون المستشفى مكانًا يعكس النظام والصحة العامة، أصبحت مكانًا تتاجر فيه الأيدي الخفية بمعدات وأجهزة طبية تنقذ الأرواح.
ولا يبدو أن هناك أي رقابة حقيقية من إدارة المستشفى أو من وزارة الصحة على هذه الممارسات الفاسدة. الفساد هنا ليس مجرد حالة فردية، بل هو نمط مستمر يعكس حالة من التسيب والإهمال على مستوى المنظومة الصحية بأكملها.
غياب الرقابة وفساد المسؤولين
أما ما يثير الغضب أكثر فهو غياب الرقابة من قبل المسؤولين في وزارة الصحة ومحافظة أسيوط. كان من المفترض أن تكون هناك متابعة دقيقة للواقع داخل مستشفى ديروط المركزي، ولكن يبدو أن الجهات المعنية منشغلة بمصالحها الشخصية، تاركةً المستشفى يعاني من الإهمال المتواصل.
هذه المستشفى التي من المفترض أن تكون نقطة الأمان للمواطنين، أصبحت مكانًا يعاني فيه المرضى من نقص في الأدوات الطبية، تدهور في ظروف العمل، وتسيب في الإجراءات.
لقد أصبح من الواضح أن المسؤولين في وزارة الصحة ومحافظة أسيوط لا يعيرون أي اهتمام للأزمات التي يواجهها المواطنون في المناطق النائية.
ففي الوقت الذي كانت فيه الحكومة المصرية قد وعدت بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين في جميع أنحاء البلاد، نرى أن الأوضاع الصحية في مستشفى ديروط في أسوأ حالاتها، ولا يوجد أي تدخل حقيقي لإنقاذ هذا الوضع.
مستشفى ديروط في حاجة إلى إنقاذ فوري
إن المستشفى بحاجة ماسة إلى تدخل حكومي عاجل لإصلاح ما تم تدميره. يجب أن تبدأ الحكومة المصرية بمحاربة الفساد المستشري في مستشفى ديروط المركزي بشكل حاسم. فالمستشفى بحاجة إلى صيانة شاملة، وإحلال وتجديد للأجهزة الطبية التي تعاني من تهالك.
يجب أن تتوفر جميع الأدوات والمستلزمات الطبية الضرورية للعمل بشكل فاعل، ويجب أن تكون هناك رقابة مشددة على جميع الأنشطة داخل المستشفى.
يجب أن يتم إعادة تأهيل المستشفى بالكامل لتصبح مكانًا آمنًا للمرضى، وأن يتم توفير الكوادر الطبية المدربة التي تضمن تقديم الرعاية الصحية اللازمة. وأخيرًا، يجب أن تتم محاسبة المسؤولين عن الفساد والإهمال، وألا يبقى هذا الوضع على ما هو عليه.
إن حياة المواطنين في مستشفى ديروط المركزي في خطر حقيقي، والأمل الوحيد في الإصلاح هو أن تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها وتعمل بجدية على إنقاذ هذا المرفق الطبي الهام. الوقت ليس في صالح المرضى، والحكومة مطالبة اليوم قبل الغد بالتحرك الفوري لإنقاذ أرواح المواطنين.