النيابة تحقق في انهيار عقار العباسية و97 ألف مبنى مهدد بالسقوط في مصر
قررت النيابة العامة في القاهرة ندب لجنة هندسية من حي الوايلي وكلية الهندسة التابعة لجامعة عين شمس، لتحديد الأسباب الفنية لانهيار العقار المتهدم في منطقة العباسية في فضيحة جديدة تكشف عن الفشل الحكومي المتكرر في حماية أرواح المواطنين.
كما طلبت النيابة تقريرًا من الطب الشرعي والصفة التشريحية للمتوفين لتحديد أسباب وفاتهم بدقة، بالإضافة إلى تحريات الشرطة لمعرفة ملابسات الحادث بشكل كامل.
ولا يزال البحث جارياً عن ضحايا تحت الأنقاض، بينما تستمر الدولة في إهمال إجراءات الوقاية التي يمكن أن تمنع وقوع مثل هذه الكوارث.
حادث انهيار العقار الذي وقع في فجر يوم الثلاثاء في منطقة العباسية أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 3 آخرين، بينما يواصل رجال الحماية المدنية البحث في محيط الحادث لاستخراج المزيد من الضحايا.
المبنى المنهار كان عقاراً قديماً يعود بناؤه إلى الستينيات، مكوناً من خمس طوابق، وهو ما يفضح غياب الرقابة الحكومية على المباني القديمة.
ورغم أن العقار كان قد صدر له قرار بالترميم في عام 1993، إلا أن سكانه طعنوا في هذا القرار، ما دفع المحكمة إلى رفض الطعن، ليظل العقار في حالة من الإهمال حتى انهار فجأة.
وتكشف هذه الحادثة بشكل صارخ عن تقاعس الحكومة المصرية في اتخاذ خطوات حاسمة للحفاظ على سلامة المواطنين في ظل العدد الكبير من المباني القديمة التي تهدد حياة سكانها. وفقًا للإحصاءات الرسمية، هناك حوالي 97,535 مبنى مهدد بالانهيار في مختلف أنحاء البلاد، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً لحياة المواطنين.
رغم هذه الأرقام المخيفة، لا توجد إجراءات حكومية فعالة لحماية السكان أو لتوفير بيئة آمنة لهم، مما يفضح فساد النظام في التعامل مع هذا الملف.
بعد الحادث، هرع رجال الحماية المدنية إلى موقع الانهيار وبدأت عمليات البحث لاستخراج الضحايا من أسفل الأنقاض. أسفرت هذه العمليات عن انتشال 8 جثث، منها جثة مسن تم استخراجها من أسفل العقار المنهار، مما رفع عدد الوفيات إلى 8 أشخاص.
أما المصابون، فتم نقلهم إلى مستشفى الدمرداش لتلقي العلاج، وهم: طارق حسام محمد (34 سنة) الذي أصيب بسحجات وكدمات، ومحمد عثمان محمد (24 سنة) الذي تعرض لجرح قطعي في رأسه بطول 5 سم، والمغربي محمد المغربي (50 سنة) الذي أصيب باشتباه كسر في الفخذ الأيسر والذراع الأيسر مع كدمات وسحجات متفرقة.
النيابة العامة في القاهرة لم تكتفِ بتكليف لجنة هندسية لفحص العقار، بل سارعت إلى طلب تقرير الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة بدقة، وهو ما يعكس على الأقل محاولات للوقوف على ملابسات الحادث.
لكن يبقى التساؤل الجوهري: لماذا لا تقوم الحكومة بتفادي هذه الكوارث منذ البداية؟ لماذا لا تتخذ إجراءات جادة لمنع انهيار المباني التي تهدد حياة المواطنين؟ هذه الأسئلة تظل دون إجابة، بينما تبقى مئات الآلاف من المباني في حالة تهالك تام.
وفي ظل هذه الفوضى، تصاعدت الانتقادات للحكومة بسبب غياب الرقابة وفساد إدارة ملف المباني القديمة. حيث يُظهر الحادث أن الحكومة لا تتعامل بجدية مع قضية المباني المتهالكة التي تهدد حياة المواطنين.
ورغم أن النيابة العامة طلبت تقارير الطب الشرعي، وطلبت تحريات الشرطة لمعرفة ظروف الحادث، يبقى من الواضح أن هذه الإجراءات تقتصر على رد الفعل بعد وقوع الكارثة، بينما كان من الممكن تجنبها تمامًا لو كانت الحكومة قد اتخذت خطوات وقائية مسبقًا.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الدولة في التباطؤ وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة، يبقى المواطنون عرضة للموت بسبب إهمال الحكومة. وهذا ليس الحادث الأول من نوعه، بل هو جزء من سلسلة من الكوارث التي تكررت في السنوات الأخيرة بسبب الإهمال الحكومي في مراقبة حالة المباني وتقديم الدعم اللازم للمواطنين.
والحديث هنا عن فساد واضح في آلية اتخاذ القرارات، سواء على مستوى المحليات أو الجهات التنفيذية التي ترفض تحمل مسؤوليتها.
حوادث انهيار المباني في مصر أصبحت ظاهرة مأساوية، ويكاد لا يمر شهر دون أن نسمع عن حادث مشابه. هذا الوضع يؤكد أن الحكومة لا تملك خطة فعالة لمكافحة هذا الخطر المتزايد.
ويؤكد المواطنون بأن الحل يكمن في فحص المباني القديمة بشكل دوري، إلا أن الحكومة تظل متقاعسة ولا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث.
التقرير الأخير عن عدد المباني الآيلة للسقوط في مصر يكشف عن كارثة حقيقية؛ حيث يوجد نحو 97,535 مبنى مهدد بالسقوط، ورغم هذا العدد الضخم، لا تزال الإجراءات الحكومية غير كافية لحماية سكان هذه المباني.
تقاعس الحكومة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من سلامة المباني القديمة وتحقيق شروط الأمان يشير إلى غياب رؤية واضحة للأمن والسلامة العامة.
ما حدث في العباسية ليس سوى مثال صارخ على إهمال متكرر لا يمكن السكوت عليه. والكارثة ليست في الحادث ذاته فقط، بل في فشل الحكومة المتواصل في اتخاذ الإجراءات الوقائية التي كانت ستمنع هذا الوضع المأساوي.