الحكومة المصرية تحيل 38 قضية إرهاب تضم 4000 متهم إلى المحاكم دون عدالة
كشفت مصادر قانونية موثوقة عن تكريس الحكومة المصرية للفشل المستمر في إدارة قضايا الإرهاب وحقوق الإنسان، حيث تمت إحالة 38 قضية تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية إلى المحاكمة الجنائية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، بالإضافة إلى الأسبوع الأول من ديسمبر الحالي.
هذه القضايا التي تضم نحو 4 آلاف متهم، معظمهم لا يزالون قيد الحبس الاحتياطي، تكشف مدى التدهور الذي يعصف بمنظومة العدالة في البلاد.
السلطات تتبع سياسة الحبس الاحتياطي لآلاف الأشخاص في قضايا لا تزال قيد التحقيق والمحاكمة، وهي سياسة تثير غضباً واسعاً بين المحامين وحقوق الإنسان.
في العديد من هذه القضايا، يتأثر أفراد عائلات المعتقلين السياسيين، بما في ذلك النساء والفتيات، الذين يجدون أنفسهم ضحايا لممارسات غير قانونية تتجاهل حقوقهم الأساسية.
ورغم الادعاءات الحكومية بتحقيق العدالة، فإن الواقع يشير إلى استمرار ظاهرة الحبس طويل الأمد في ظروف غير إنسانية، مع غياب محاكمات عادلة وغياب أي شفافية في الإجراءات.
التقارير تشير إلى أن المحاكم المصرية تواجه عجزاً واضحاً في التعامل مع العدد الكبير من القضايا التي يتم إحالتها في وقت قصير.
فقد قامت محكمة استئناف القاهرة بمناقشة مقترحات لزيادة عدد دوائر الإرهاب أو تكثيف عمل الدوائر الحالية لمواجهة الكم الهائل من القضايا، ولكنها تدرك جيداً أن هذه المقترحات لن تساهم بشكل فعّال في تسريع العدالة، بل ستؤدي إلى مزيد من التأجيلات وإطالة أمد القضايا لسنوات قادمة.
هذه الإجراءات تهدف إلى تهدئة الانتقادات الدولية، حيث تسعى الحكومة إلى تحسين صورتها على الصعيد الدولي من خلال تقديم هذه الإحالات الجماعية على أنها جزء من استراتيجية لمكافحة الإرهاب.
لكن، هذه المحاكمات تأتي على حساب حقوق المواطنين الذين يتعرضون لانتهاكات صارخة في ظل غياب العدالة. فإحالة القضايا بهذه الطريقة لا تعني تحقيق العدالة، بل تعني تحويل المتهمين إلى أرقام في سلسلة طويلة من القضايا التي قد تستغرق سنوات طويلة حتى تصدر الأحكام النهائية فيها.
على الرغم من الحضور المكثف للأجهزة الأمنية في مراقبة المحاكمات، إلا أن العديد من المحامين الذين يمثلون المتهمين أشاروا إلى أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكاً فاضحاً للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وما يزيد الوضع سوءًا هو استمرارية التجاوزات في تطبيق القانون، حيث يتم تجاوز فترة الحبس الاحتياطي القانونية، وهو ما يضاعف معاناة المتهمين وأسرهم، ويزيد من فوضى النظام القضائي.
وبينما تستمر المحاكم في التأجيلات وعدم البت في القضايا، يواجه المتهمون مصيراً مظلماً. ويقول المحامون إن هذه الإجراءات التعسفية تؤكد أن الحكومة ليست جادة في معالجة قضايا الحريات أو حقوق الإنسان.
فبدلاً من أن تسعى الدولة إلى تحسين سير العدالة، تُظهر الحكومة عدم اكتراث بمصير المواطنين، حيث يتم تحويل القضايا إلى محاكمات صورية تأخذ وقتاً طويلاً دون ضمانات حقيقية لإحقاق الحق.
كما أن هذه الممارسات تعكس عدم اكتراث الحكومة بمطالبات المجتمع الدولي والمحلي بضرورة الإصلاح في النظام القضائي. فبدلاً من الإصلاح، تُمارس الحكومة سياسات تهدف إلى تقليل الضغوط الخارجية دون أن يطال ذلك أي تغيير حقيقي في الظروف التي يعاني منها الأفراد في السجون.
هذه الإجراءات تظهر كيف أن الحكومة تعمل على تغطية الفشل الكبير في إدارة القضايا عبر التضحية بحقوق المواطنين من أجل الحفاظ على صورتها أمام العالم.
مما لا شك فيه أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى استمرار تكدس القضايا في المحاكم لفترات طويلة، مما يهدد بانتهاك أبسط الحقوق القانونية للمتهمين.
وبالنظر إلى حجم القضايا التي تم إحالتها، يتوقع أن تستغرق المحاكمات سنوات قبل أن يصدر فيها حكم نهائي، وهو ما يعنى أن آلاف المواطنين سيظلون في السجون في ظروف غير إنسانية لعدة سنوات دون أن يتمكنوا من الحصول على محاكمة عادلة.
وبالرغم من كافة المحاولات التي تبذلها الحكومة للتغطية على تلك الانتهاكات تحت شعار مكافحة الإرهاب، فإن الواقع يشير إلى أن ما يحدث في السجون والمحاكم هو كارثة قانونية وإنسانية.
الحكومة، بدلاً من أن تركز على معالجة الفساد المستشري في القضاء وأجهزة الدولة، تجد نفسها في وضع أكثر تعقيدًا، حيث تستمر في تعميق الأزمة بدلاً من حلها.
إن هذه السياسات تظهر بوضوح أن الحكومة المصرية فشلت في تلبية أبسط معايير العدالة والمساواة، ولا تزال تمارس الانتهاكات اليومية ضد المواطنين، مما يساهم في مزيد من العزلة الدولية والانقسام الداخلي.
في ظل هذه الأزمة، يتساءل الجميع: هل ستستمر الحكومة في تجاهل العدالة أم سيكون هناك أمل في إصلاح حقيقي لهذه المنظومة الفاسدة؟