الأطباء السوريون يساندون المحررين من سجن صيدنايا بالعلاج الطبي
سارع أطباء سوريون للوصول إلى سجن صيدنايا على مشارف العاصمة دمشق لمساعدة الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم من منشأة الاحتجاز سيئة السمعة بعد أن أطاح الثوار بالرئيس السابق بشار الأسد.
وذكر الأطباء الذين تحدثوا إلى ميدل إيست آي أنهم وصلوا إلى السجن صباح الاثنين وأنهم كانوا قلقين من معاناة الأسرى من سوء التغذية الشديد وأمراض معدية مثل السل والتهاب الكبد.
وسافر الطبيب محمود مصطفى من جمعية الأطباء المستقلين (IDDA) طوال الليل في قافلة طبية مع فريق من الأطباء وسيارتي إسعاف إلى صيدنايا، حيث توافد المئات من الأهالي للتعرف على أخبار أقاربهم وأصدقائهم المحتجزين داخل السجن.
وقال مصطفى، وهو يقود سيارته عبر حركة مرورية كثيفة من شمال غرب سوريا، أن قافلة السيارات مرت بجنود من الجيش السوري ما زالوا في زيهم العسكري بعد مغادرة مواقعهم العسكرية.
وأوضح مصطفى: “لقد أمضى غالبية الأسرى سنوات طويلة في السجون، والبعض منهم يعاني من سوء التغذية وأمراض مزمنة أخرى، ومن الأمراض الجلدية المنتشرة على نطاق واسع، سيما وأن من بينهم من أمضى سنوات طويلة دون التعرض للضوء في زنازين تحت الأرض.”
وأشار مصطفى إلى أن هناك حاجة إلى تنسيق إطلاق سراح الأسرى لأنه يخشى ألا يتم علاجهم وتقييم أحوالهم بشكل صحيح.
وقال: “هناك عدد كبير من الناس الذين يدخلون السجن ويبحثون عن أقاربهم، ولكن يجب تنسيق إطلاق سراح الأسرى لأنهم بحاجة إلى التغذية تدريجيًا وهناك عدد كبير من التوصيات الطبية التي يجب مراعاتها.”
وتعمل جمعية الأطباء المستقلين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية وتمارس أنشطتها بشكل مستقل عن منظمات الثوار التي تسيطر على المنطقة.
وأكد الطبيب والناشط السوري كريم الجيعان مخاوف الطبيب مصطفى، فهو يخشى أن يعاني العديد من الأسرى المحررين من متلازمة إعادة التغذية حيث إن العديد منهم “ربما كانوا يعانون من الجوع المزمن”.
“يعاني بعض الأسرى المحررين من سوء التغذية وأمراض مزمنة أخرى، والأمراض الجلدية منتشرة على نطاق واسع لأن البعض منهم قضى سنوات طويلة في زنازين تحت الأرض دون التعرض للضوء” _ محمود مصطفى، طبيب سوري
وذكّر الجيعان بأن العديد من الأسرى المحررين من معسكرات الاعتقال النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية ماتوا في غضون ثلاثة أيام لأن أجسادهم، التي أضعفتها المجاعة لفترات طويلة، لم تستطع تحمل الإفراط المفاجئ في التغذية من قبل الجنود السوفييت الذين حرروا المعسكرات.
وقال الجيعان: “إن الكمية الهائلة من الإلكتروليتات والمواد المغذية التي دخلت أجسادهم أدت إلى تغيير توازنها وأدت إلى معاناتهم من أمور مثل النوبات والسكتة القلبية”.
وتابع: “لذا فإن التركيز الآن منصب على رفع مستوى الوعي حول هذه القضية لأن عامة الناس الذين ليسوا بأطباء أو ممارسين صحيين لن يعرفوا ماذا يفعلون، ولأننا نعلم أن عائلات الأسرى ستقوم بإعداد وليمة لأحبائهم الذين تم إطلاق سراحهم للتو من أماكن مثل صيدنايا وغيرها من السجون.
وأردف: “نحن غالباً ما نتعامل مع متلازمة إعادة التغذية لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات الطعام مثل فقدان الشهية والشره المرضي.”
وأثار الجيعان أيضًا مخاوف بشأن انتشار مرض السل، نظرًا للظروف القاسية التي عانى منها العديد من الأسرى في صيدنايا والسجون الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
كما شارك الطبيب السوري مصادر المعلومات عبر الإنترنت وترجمها إلى اللغة العربية على أمل أن يتمكن السوريون الآخرون من استخدامها في التعامل مع أقاربهم المحررين.
“مسلخ بشري”
ويشتهر سجن صيدنايا الواقع بالقرب من دمشق بالمعاملة الوحشية التي تلقاها المعتقلون فيه، ومعظمهم من الأسرى السياسيين.
وقد أطلقت منظمة العفو الدولية على السجن اسم “المسلخ البشري”، نظراً لكونه مسرحاً لعمليات إعدام جماعية وتعذيب وظروف غير إنسانية.
وتقدر التقارير أن آلاف الاسرى قُتلوا منذ عام 2011، وكثيراً ما كان ذلك يتم دون محاكمات عادلة.
ومنذ سقوط حكم عائلة الأسد، توافد مئات السوريين إلى السجن، حيث سُدت الطرق المؤدية إليه بسبب حركة المرور.
ويقال أن آلاف الأسرى مازالوا محاصرين في الطوابق السفلية من السجن بانتظار أن يتم العثور عليهم وتحريرهم.
وأظهرت الصور المنشورة على الإنترنت مقاتلين من الثوار يقتحمون سجن صيدنايا لتحرير آلاف المعتقلين، الذين ظل العديد منهم محتجزين لعقود من الزمن ومن بينهم أطفال صغار ونساء ورجال من جميع الأعمار.