تقاريرعربي ودولى

اغتيال الدكتور حمدي إسماعيل ندى واختفاء وثائق سرية يشعلان صراعاً قاتلاً في سوريا

سوريا تعيش على صفيح ساخن في ظل جريمة مروعة وصمت مدوي يكتنف ملابساتها فقد هزت الأوساط الأكاديمية والعلمية السورية الصدمة الكبرى بعد الإعلان عن مقتل الدكتور حمدي إسماعيل ندى، أحد أبرز علماء الكيمياء في البلاد، الذي وُجد جثته داخل منزله في دمشق في ظروف غامضة تتناقض تماماً مع سمعته الكبيرة وإنجازاته في المجال العلمي.

الدكتور ندى كان قد اشتهر بإنجازاته البحثية على المستوى المحلي والدولي، وقد ساهم بشكل فاعل في تطوير الأبحاث الكيميائية في سوريا، إلا أن هذا كله انتهى فجأة بمقتله الذي أعاد تسليط الضوء على الأوضاع المأساوية التي تشهدها سوريا.

الحادثة المروعة جاءت في وقت حساس، حيث بدأ العديد من الباحثين والمراقبين يتساءلون حول دوافع اغتياله والأهداف من وراء تصفيته.

وبينما يسيطر الغموض على هذه القضية، تكشفت سلسلة من الأحداث المريبة التي توحي بأن مقتله لم يكن حادثاً عابراً، بل كان جزءاً من عملية منظمة ومعقدة تهدف إلى إخفاء بعض المعلومات الحساسة التي قد تفضح أبعاداً خطيرة على صعيد النظام والأمن السوري.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فقد جاء مقتل الدكتور ندى متزامناً مع اختفاء وثائق سرية من عدة أماكن حساسة في العاصمة دمشق، بما في ذلك الأفرع الأمنية والمراكز البحثية العسكرية في ريف دمشق، إضافة إلى قطع عسكرية استراتيجية.

وفقاً لما ذكره موقع “العربي الجديد”، لم تقتصر الجريمة على اغتيال العالِم، بل تم سرقة وتخريب العديد من السجلات السرية، إلى جانب تعطيل الكاميرات الأمنية في العديد من الأماكن، بما في ذلك سجن صيدنايا، حيث أُطفئت كاميرات المراقبة في الوقت الذي كانت فيه البلاد تمر بأوضاع غير مستقرة بعد هروب الرئيس السوري بشار الأسد إلى قاعدة “حميميم” في ريف محافظة اللاذقية، ثم إلى روسيا. هذه الحوادث تعكس حجم المؤامرة المحتملة التي تحاك خلف الأبواب المغلقة.

التطورات لم تتوقف هنا، بل جاءت بالتوازي مع سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت المناطق العسكرية السورية.

فقد تعرضت العديد من المواقع العسكرية في أنحاء مختلفة من سوريا لعدة هجمات من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، حيث قصف الجيش الإسرائيلي منطقة شنشار في جنوب حمص، في حين تعرض مطار الشعيرات العسكري في ريف حمص لعدة غارات جوية استهدفت مستودعات عسكرية ومرافق حيوية.

كما شن الجيش الإسرائيلي للمرة الثالثة هجمات على معسكرات في منين بريف دمشق، في محاولة مستمرة لتدمير البنية التحتية العسكرية السورية.

هذه الهجمات الجوية لم تكن الأولى، فقد سبقها استهدافات مشابهة لقطع بحرية سورية في ميناء اللاذقية على الساحل السوري.

حيث انفجرت عدة مواقع، مما أدى إلى تدميرها بشكل شبه كامل، وأصوات الانفجارات الضخمة التي دوت في المنطقة شكلت تذكيراً جديداً بالخطر الداهم الذي يتهدد سوريا، سواء عبر الهجمات الإسرائيلية أو عبر الاستهداف المباشر لأهم العقول السورية.

ورغم حجم هذه الهجمات والتفجيرات، يتزايد القلق من أن يكون اغتيال الدكتور ندى جزءاً من خطة أكبر تهدف إلى ضرب العقول السورية النادرة واستهداف ما تبقى من قدرة البلاد على النهوض العلمي، في وقت تشهد فيه سوريا حالة من الانهيار العسكري والسياسي.

هذا الاغتيال يأتي في وقت حساس للغاية، حيث بدأت سوريا تكافح للعودة إلى حالتها الطبيعية بعد سنوات من الصراع الذي دمر جميع جوانب الحياة في البلاد. في هذه اللحظات العصيبة، باتت البلاد في أمس الحاجة إلى تلك العقول المبدعة مثل الدكتور ندى، الذي كان يمثل رمزاً للعلم والتطور في وقت كانت فيه البلاد في أمس الحاجة للمضي قدماً.

لقد أثارت هذه الحوادث تساؤلات كثيرة عن الجهة التي قد تكون وراء اغتيال العالِم السوري واختفاء الوثائق السرية. هل هو تصعيد من قبل جهات إقليمية ودولية تهدف إلى إضعاف سوريا أكثر؟ أم أن هناك من يحاول تهريب معلومات حساسة قد تكشف عن مؤامرات داخلية تهدد استقرار النظام السوري؟ في وقت تعيش فيه البلاد حالة من التوتر والقلق، تبقى الإجابة على هذه الأسئلة غامضة إلى حين فتح التحقيقات الرسمية.

وبينما يعصف بالبلاد القصف المتواصل والدمار المتزايد، يبقى السؤال قائماً: هل ستستمر هذه الممارسات التي تضرب العلم والعقول السورية؟ وهل ستكون سوريا قادرة على الاستمرار في مواجهة هذه الأزمات الطاحنة أم أن الخطة المعدة لها ستقودها إلى مزيد من الانهيار؟

إن ما يحدث الآن ليس مجرد حوادث متفرقة، بل هو جزء من مشهد أكبر يحمل معه تصعيدات تتجاوز حدود المعقول، وهذا يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى