اقتصادتقارير

اتفاقية جديدة بين مصر والسعودية تعيد تشكيل التجارة وتفتح أبواب التحديات

في خطوة مفاجئة قد تُحدث تغييرًا جذريًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية، تم الإعلان عن اتفاقية تاريخية بين البلدين تهدف إلى تقليص فترة الإفراج الجمركي بشكل غير مسبوق، لتصل إلى 4 ساعات فقط بدلاً من 3 أيام، وهو قرار ينذر بتحديات خطيرة يمكن أن تفتح الباب لآثار غير محسوبة على التجارة بين البلدين.

هذا التعديل الجذري يعكس تحولات كبيرة في آلية سير العمليات التجارية، ما يثير العديد من التساؤلات حول التداعيات المستقبلية لهذه الإجراءات.

القرار جاء عقب توقيع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية اتفاقية مع مصلحة الجمارك المصرية في خطوة مفاجئة، لم يسبق لها مثيل، حيث شهدت الاتفاقية وضع أسس جديدة للاعتراف المتبادل ببرامج “المشغل الاقتصادي المعتمد” بين البلدين، وهو ما يعني أن التعاون الجمركي سيأخذ منحنى جديدًا تمامًا، يتم فيه تسريع الإجراءات بشكل مقلق.

وبحسب تصريحات نائب وزير المالية المصري، شريف الكيلاني، فإن الهدف الرئيس من هذه الخطوة هو تعزيز حركة التبادل التجاري بين مصر والسعودية وتسهيل حركة البضائع بما يتماشى مع استراتيجيات التجارة الدولية.

لكن الأمر الذي يثير القلق هو السرعة المبالغ فيها التي تم بها اتخاذ هذا القرار، ومدى جاهزية الجمارك في كلا البلدين للتعامل مع هذه التسهيلات التي قد تفتح أبوابًا للتلاعب والفساد في ظل غياب الضوابط الدقيقة.

إذ يبدو أن هناك عجلة غير مبررة وراء هذا التحول، وهو ما قد يضع الاقتصادين المصري والسعودي في خطر كبير في حال لم تتم متابعة هذه التسهيلات عن كثب.

نقطة فارقة في التجارة بين البلدين

القرار الجديد لا يقتصر على تسريع الإفراج الجمركي فقط، بل يشمل أيضًا تسهيل دخول السلع المصرية إلى السوق السعودي بشكل أسرع وأكثر كفاءة، وهو ما يضع العبء على مصلحة الجمارك المصرية لتقديم ضمانات أمان أكثر صرامة.

كما أنه تم اعتماد عدد من المصدرين المصريين لتسهيل دخول منتجاتهم إلى السوق السعودي، في وقت حساس للغاية يشهد فيه الاقتصاد المصري تحديات هائلة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن هناك توافقًا جديدًا بين البلدين على اعتماد قائمة مشابهة من المصدرين السعوديين في مصر.

وهذا يشير إلى أن كلا الدولتين تسعيان لتوسيع نطاق التجارة بينهما بشكل متبادل، وهو ما قد يعزز من حجم التبادل التجاري بشكل غير مسبوق.

لكن، كما هو الحال مع أي اتفاقات جمركية ضخمة، قد تتسبب هذه التسهيلات في إحداث اختلالات كبيرة في عملية الفحص والتدقيق على البضائع، مما قد يؤدي إلى تسريب منتجات غير مطابقة للمواصفات أو ملوثة إلى أسواق البلدين، ما قد يؤثر على سلامة المستهلكين ويزيد من المخاطر الاقتصادية.

اقتصاديات غير واضحة ومعضلات مستقبلية

ورغم النوايا المعلنة بتسريع حركة التجارة وزيادة حجم التبادل التجاري غير النفطي بين مصر والسعودية، يبقى السؤال الأهم: هل تمت دراسة كافة الجوانب قبل اتخاذ هذه القرارات؟ يتحدث المسؤولون عن زيادة التبادل التجاري بنسبة 20% ليصل إلى 8.137 مليار دولار في العام المقبل، إلا أن هناك شكوكًا تتزايد حول قدرة الجمارك على متابعة هذا الكم الهائل من السلع الواردة من البلدين.

هل ستتمكن الجمارك المصرية والسعودية من مواكبة هذا التحول الكبير في إجراءات الإفراج الجمركي؟ وهل ستكون الإجراءات الجارية كافية لضمان حماية الأسواق من أي اختلالات أو تجاوزات؟

ومن الواضح أن هذه التحولات تأتي في وقت حرج بالنسبة للاقتصاد المصري، الذي يعاني من تحديات مالية كبيرة، حيث يسعى المسؤولون إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتنمية صادرات مصر إلى أسواق الخليج.

لكن، مع هذه التسهيلات الجمركية العميقة، قد يجد القطاع الخاص في مصر نفسه أمام تحديات جديدة قد تتسبب في تراجع غير محسوب للقدرة التنافسية للمنتجات المصرية، خاصة في ظل السوق السعودي الذي يشهد تغيرات اقتصادية هائلة.

التحديات الكبرى والمخاوف المتزايدة

تزداد المخاوف من أن هذا الانفتاح الجمركي قد يتسبب في تداعيات سلبية على المستوى الاقتصادي المحلي، خصوصًا في مصر، التي لا تزال تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة.

رفع مستوى تسهيلات دخول السلع قد يساهم في زيادة الواردات ولكن مع غياب المراقبة الصارمة قد يهدد قدرة الاقتصاد المصري على منافسة السلع الأخرى في السوق السعودي، خاصة في ظل عدم وضوح كيفية ضمان حماية الصناعات الوطنية من هذا الفيض الكبير من البضائع التي قد تكون من دول أخرى.

وبينما يسعى المسؤولون إلى التأكيد على أن هذا التعاون الجمركي سيعزز من تدفق الاستثمارات ويحقق مصلحة البلدين، يظل السؤال الذي يفرض نفسه: هل ستحقق هذه الخطوة الأهداف المعلنة أم أن الفوضى الجمركية ستكون عواقبها القريبة؟ مع الأخذ في الاعتبار أن التحديات اللوجستية التي قد تظهر على الأرض ستكون بلا شك كارثية في حال لم يتم التعامل معها بحذر.

نهاية الأمان التجاري؟

مع تصاعد وتيرة القرارات الاقتصادية بين مصر والسعودية، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات دراماتيكية في كيفية تنظيم عمليات التبادل التجاري بين البلدين.

وبينما يبدي البعض تفاؤله بهذه القرارات السريعة التي قد تكون لها فوائد جمة على المدى القصير، إلا أن المخاوف من أن تتحول هذه التسهيلات إلى معركة مستمرة للسيطرة على الأسواق في غياب الضوابط الدقيقة باتت مبررة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى