في خطوة مفاجئة وصادمة، قررت شركة الدلتا لتوزيع الكهرباء إيقاف شحن العدادات الكودية عبر مراكز الخدمة في الفروع والخدمات الإلكترونية الخارجية مثل فوري، بدءًا من يوم الخميس 12 ديسمبر 2024، ولمدة 24 ساعة كاملة، من الساعة السادسة مساءً في نفس اليوم إلى الساعة السادسة مساءً من اليوم التالي.
هذا القرار الذي أصاب ملايين المواطنين بالدهشة والغضب يأتي في وقت يعاني فيه قطاع الكهرباء في مصر من مشاكل متكررة، بينما تواصل الحكومة ووزارة الكهرباء غياب الحلول الفعالة.
إيقاف الخدمة في ثلاث محافظات تؤثر على 3.4 مليون مشترك وتكشف فسادا ممنهجا
شركة الدلتا لتوزيع الكهرباء أوضحت في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن هذا التوقف سيشمل ثلاث محافظات هي: القليوبية، باستثناء امتداد القاهرة الكبرى، والمنوفية، باستثناء مدينة السادات، القرى التابعة لها، ومركز الخطاطبة، والغربية.
ويبلغ إجمالي عدد المشتركين في هذه المحافظات أكثر من 3.4 مليون مشترك، فيما يصل إجمالي سكان هذه المناطق إلى 12.5 مليون نسمة، وهو ما يعادل حوالي 15% من إجمالي سكان مصر.
ورغم أن هذا التوقف في خدمة شحن العدادات الكودية سيؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين في هذه المناطق، إلا أن شركة الدلتا لم تكشف عن الأسباب الحقيقية وراء اتخاذ هذا القرار المفاجئ.
إدارة فاشلة وحلول هزيلة في مواجهة الأزمات المستمرة
مما يزيد من صدمة المواطنين أن هذه المرة ليست الأولى التي يتعرض فيها قطاع الكهرباء لتوقفات أو أعطال مستمرة تؤثر على حياة المواطنين.
فقد عانى المواطنون في المناطق التابعة لشركة الدلتا لتوزيع الكهرباء من تكرار الأعطال في نظام شحن كروت العدادات مسبقة الدفع، الذي تديره إحدى الشركات المتعاقدة مع شركة الدلتا.
هذه الأعطال المتكررة أسفرت عن توقف الخدمة لفترات طويلة، مما اضطر الشركة إلى تقديم وعود للمواطنين بأن الأعطال سيتم إصلاحها خلال 72 ساعة، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع، ليصبح المواطنون ضحايا لوعود فارغة وقرارات عاجزة.
وقد أعلنت شركة الدلتا لتوزيع الكهرباء أن التوقف في شحن العدادات الكودية يتم في إطار تطوير النظام وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين. لكن هذه التبريرات لا تعدو كونها محاولات لتغطية الفشل الذريع في معالجة المشكلات التقنية والإدارية المستمرة.
ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تسعى فيه الوزارة والشركة إلى تطوير النظام بطرق مبتكرة، نجد أن التوقفات والتخبطات المتكررة هي ما يميز هذا القطاع.
قرارات عشوائية تكشف فساد الشركة القابضة لقطاع الكهرباء
الأزمة الأخيرة في شركة الدلتا جاءت في وقت يشهد فيه قطاع الكهرباء حالة من الفوضى الإدارية والفساد الذي تفشى في الشركة القابضة لكهرباء مصر.
في هذا السياق، أصدرت شركة الدلتا قرارًا بنقل رئيس قطاعات التشغيل المشهود له بالكفاءة، والذي بذل جهدًا كبيرًا في تحسين عمليات التشغيل في الشركة، ليشغل منصب رئيس قطاعات الشئون الفنية.
بدلاً من تكريمه على إنجازاته المهنية، تم اتخاذ هذا القرار لتحل محله سيدة كانت قد تولت منصبًا في الشركة منذ عام فقط، وفقًا لما يُقال، بسبب علاقاتها الخاصة مع الإعلامية سحر إسماعيل، زوجة المهندس جابر دسوقي، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر.
هذا القرار الذي يعكس المحسوبية والمحسوبية البحتة يساهم في تعزيز بيئة الفساد داخل القطاع، ويزيد من تدهور مستوى الأداء في شركات الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء.
إن هذه القرارات العشوائية تُظهر بوضوح الفشل الإداري الكبير الذي تشهده الشركة القابضة لقطاع الكهرباء ووزارة الكهرباء، وتؤكد على أن اختيار الأشخاص في المناصب يتم بناءً على العلاقات الشخصية وليس على أساس الكفاءة أو الخبرة.
التوقفات المستمرة في شركات الكهرباء تكشف فساد وزارة الكهرباء
لقد ظهرت أوجه الفساد بشكل جلي في هذه الأزمة حيث لا يقتصر الأمر على شركة الدلتا لتوزيع الكهرباء فقط، بل يمتد إلى العديد من شركات الكهرباء الأخرى مثل شركة البحيرة لتوزيع الكهرباء وشركة مصر العليا.
هذه الشركات التي من المفترض أن تكون هي الركيزة الأساسية لتوزيع الطاقة الكهربائية في مصر، تجد نفسها عاجزة عن تقديم خدماتها بشكل مستمر للمواطنين. وفي كل مرة يحدث فيها توقف للخدمة، لا تقدم وزارة الكهرباء أي حلول فعالة، بل تكتفي بالوعود التي لا تُنفذ.
وقد اتخذت شركة الدلتا قرارًا بإيقاف خدمة شحن عدادات الدفع المسبق في المناطق التابعة لها، بحجة تطوير نظام الشحن وتحسين الخدمة.
هذا القرار لم يكن في محله، إذ تزامن مع توقف خدمات مماثلة في شركات توزيع الكهرباء الأخرى، ما يزيد من حالة الفوضى والارتباك.
في حين أكدت الشركة القائمة على تشغيل النظام أنها تحتاج إلى 72 ساعة لتصحيح الأعطال، بينما أعلنت شركة الدلتا أن التوقف سيستمر لمدة 24 ساعة فقط. هذا التناقض بين الجهات المختلفة يفضح التواطؤ والتخبط داخل وزارة الكهرباء.
أزمة مستمرة تتطلب إصلاحًا شاملاً في القطاع
إن كل هذه المشاكل المستمرة، سواء كان ذلك في شركة الدلتا لتوزيع الكهرباء أو في غيرها من الشركات التابعة لوزارة الكهرباء، تكشف عن فساد إداري وتنفيذي استشرى داخل هذا القطاع الحيوي.
وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من انقطاع الكهرباء المتكرر، تتجاهل الحكومة ووزارة الكهرباء المشاكل الحقيقية التي تواجه المواطنين في حياتهم اليومية.
ويجب أن نعلم أن قطاع الكهرباء في مصر لا يعاني فقط من مشكلات فنية، بل أيضًا من فساد إداري مستشري. فبسبب المحسوبية في تعيينات المناصب والمحاباة في اتخاذ القرارات، أصبح من الواضح أن هذه الشركات التابعة لوزارة الكهرباء لا تستطيع تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بالشكل المطلوب.
الحكومة المصرية مطالبة بتحمل المسؤولية الكاملة وإجراء إصلاحات شاملة في القطاع من خلال محاسبة الفاسدين، وتقديم حلول جذرية للمشاكل المتراكمة التي تؤثر على حياة المواطنين بشكل مستمر.
استمرار التخبط يعمق الأزمة في قطاع الكهرباء
إذا استمرت الحكومة ووزارة الكهرباء في التقاعس عن اتخاذ القرارات الصائبة لمعالجة هذه الأزمات المستمرة، فإن الوضع سيزداد سوءًا.
المواطنون في هذه المناطق المتضررة من التوقفات المستمرة للكهرباء باتوا في حالة من الغضب الشديد بسبب عدم قدرتهم على الحصول على خدمة كهرباء مستقرة وآمنة.
هذا الوضع يضر ليس فقط بالمواطنين، ولكن أيضًا بسمعة الشركات الحكومية وقطاع الكهرباء في مصر بشكل عام. وبات من الضروري أن تتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة وتعمل على إصلاح الوضع سريعًا، إذ لا يمكن الاستمرار في تجاهل هذه الأزمات والتخبط الإداري الذي يضر بمصالح الشعب المصري.