قام الكاتب محمد عباس من محافظة الإسماعيلية بنشر استغاثة مدوية تكشف عن تفاصيل مأساوية حول معلم خدم 30 عامًا في التربية والتعليم، وجد نفسه ضحية مؤامرات وإساءات متعمدة من قبل إدارة المدرسة التي يعمل بها.
في حادثة تهز أركان المؤسسات التعليمية وتكشف عن التجاوزات الخطيرة في تعامل الإدارة مع المعلمين، تم سلب كرامة هذا المعلم أمام طلابه في مشهد يعكس حالة من استغلال السلطة والاضطهاد المتعمد.
هذه الاستغاثة التي توجه بها المعلم إلى اللواء أركان حرب طيار أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، تعبّر عن مأساة شخصية ومهنية، حيث قامت مديرة المدرسة بانتزاع كتابه الذي كان يعتمد عليه في شرح الدروس أمام طلابه.
في موقف صادم ومهين، أعلنت المديرة أمام الجميع “ممنوع الكتاب الخارجي داخل المدرسة للمعلم”، وكأنها بذلك تسلب المعلم حقه في استخدام المواد التعليمية الضرورية للتدريس، متجاهلة تمامًا قيمته ومكانته داخل الفصل الدراسي.
المعلم، الذي يعتبر رمزًا للإخلاص في عمله بعد ثلاثة عقود من الخدمة، لم يجد تفسيرًا لهذا التصرف الذي يفتقر لأي مبرر تربوي أو قانوني. وعندما استفسر عن كتابه، تفاجأ برد يضاعف من الإهانة، حيث قيل له إن الموجه هو من أخذ الكتاب.
هذه العبارة كانت بمثابة تبرير سخيف لاستغلال السلطة بطريقة غير مبررة. وهنا يظهر جليًا مدى انحدار المنظومة التعليمية في بعض المدارس عندما تتعامل مع المعلم كأنه جزء من ممتلكات الإدارة يمكن استغلاله دون أدنى احترام لكرامته.
في لحظة من القهر، صرخ المعلم قائلاً “يرضي ربنا؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف يمكن أن أتعرض للإهانة أمام طلابي؟”. هذه الكلمات ليست مجرد شكوى شخصية، بل هي صوت من أصوات المعلمين الذين يعانون يوميًا من استغلال السلطة وإهدار حقوقهم.
هؤلاء المعلمون، الذين يكرسون حياتهم لتربية الأجيال، يتعرضون لسلسلة من التجاوزات التي تقتل روح التعليم في قلوبهم، وتجعلهم عاجزين عن أداء دورهم التربوي وسط مناخ قمعي.
إذلال هذا المعلم لم يكن حدثًا فرديًا، بل كان جزءًا من مسلسل مستمر من المضايقات والاضطهاد، حيث يشعر أن حياته المهنية والشخصية أصبحت في خطر.
إن الضغط النفسي الذي يعيشه جراء هذه المؤامرات المتعمدة لا يمكن تجاهله، ويعكس حالة خطيرة من الاضطهاد في المؤسسات التعليمية التي من المفترض أن تكون حامية لحقوق المعلمين، لا أن تتحول إلى أداة لقمعهم.
الاستغاثة التي أطلقها محمد عباس لم تكن فقط من أجل استعادة الكتاب المسلوب، بل كانت نداءً لإنقاذ المعلم من هذا المناخ التعسفي الذي يهدد وجوده كمعلم وإنسان.
ففي ظل هذه التجاوزات، يتساءل المعلمون: كيف يمكن لهم أن يستمروا في أداء رسالتهم التربوية إذا كانت إدارات المدارس تعاملهم بهذا القدر من الازدراء؟ أين هو دور الوزارة في حماية حقوق المعلمين؟ لماذا يُسمح لهذه التجاوزات بأن تستمر دون تدخل حاسم من الجهات المسؤولة؟
المعلم الذي يتمتع بخبرة طويلة وقرار وزاري رقم 166 لسنة 2023، والذي يُعد من كبار المعلمين في المدرسة، وجد نفسه فجأة في مواجهة منظومة تربوية تبدو وكأنها تتآمر ضده.
هذه القضية تكشف عن وجود خلل كبير في كيفية إدارة العلاقة بين المعلمين والإدارات التعليمية، حيث يتم استغلال السلطة بطرق لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال.
يتساءل المعلم في استغاثته: “هل يعقل أن يأخذ معلم كتاب طالب تحت أي مسمى؟”. هذا التساؤل الذي ينم عن استغراب وحيرة يعبر عن أزمة حقيقية تعيشها المؤسسات التعليمية في مصر.
إذ كيف يمكن أن يتم التضييق على المعلم بهذا الشكل؟ لماذا يُحرم من أدواته التعليمية تحت ذريعة واهية؟ كيف يمكن للمدارس أن تتوقع من المعلمين أن يستمروا في تقديم أداء متميز في ظل هذه الظروف القمعية؟
هذه القضية ليست مجرد خلاف بين معلم ومديرة، بل هي مؤشر على أزمة أكبر تعصف بالتعليم في مصر. إذا كان المعلمون الذين يمتلكون خبرة طويلة يتعرضون لمثل هذه المعاملة المهينة، فماذا عن المعلمين الجدد الذين لا يمتلكون نفس الخبرة أو القوة للدفاع عن حقوقهم؟ كيف يمكن للوزارة أن تصمت أمام هذه الانتهاكات الصارخة؟
الكاتب محمد عباس يواصل في استغاثته مطالبًا بتدخل فوري من اللواء أركان حرب طيار أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، لوضع حد لهذه المؤامرات التي تحاك ضد المعلم، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.
فالمعلمون هم العمود الفقري لأي نظام تعليمي، وإذا استمر اضطهادهم بهذه الطريقة، فإن التعليم في مصر سيكون في خطر حقيقي.
إن هذه الفضيحة لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل يجب أن تكون نقطة تحول في كيفية التعامل مع المعلمين في مصر. يجب أن تدرك الجهات المسؤولة أن كرامة المعلم هي خط أحمر، وأن أي انتهاك لهذه الكرامة لا يمكن السكوت عنه.
المعلمون هم جنود المعرفة، وإذا تم سحقهم تحت وطأة استغلال السلطة، فإن مستقبل التعليم بأسره سيكون في مهب الريح.
الكاتب محمد عباس يدعو في ختام استغاثته جميع الجهات المعنية إلى التدخل السريع لإنصاف المعلم واستعادة حقوقه المهدرة.
إن المعلمين في مصر يستحقون أفضل من ذلك بكثير، ويجب أن يكونوا موضع تقدير واحترام، لا ضحية لمؤامرات وأحقاد شخصية تهدد حياتهم المهنية