تقاريرمصر

فضيحة فساد استنزاف المال العام في الكهرباء بتعاقدات مع مستشارين متقاعدين بـ 12 مليون

في ظل الفساد المتفشي والتقاعس المستمر من الحكومة المصرية ووزارة الكهرباء، يكشف هذا التحقيق عن الأرقام والأسماء المتعلقة بممارسات مشبوهة تواصل استنزاف الموارد المالية للقطاع.

يكشف موقع “أخبار الغد” بوضوح عن استمرارية التعاقد مع مستشارين متقاعدين دون وجود أي مبررات منطقية، إضافة إلى القرارات التي تصب في صالح الفساد وتسبب إهدار المال العام دون أي فائدة حقيقية للمواطن المصري. من خلال هذه الحقائق، يتضح حجم الفساد الممنهج الذي يضرب أركان القطاع. وإليكم التفاصيل:

استمرار التعاقد مع مستشارين متقاعدين رغم تجاوزهم سن التقاعد

في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، ورغم تعهدات الحكومة بتقليص النفقات وتحسين الأداء الإداري في القطاع العام، نجد أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء ما زالت مستمرة في التعاقد مع مستشارين متقاعدين، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول مدى جدوى هذه التعاقدات.

بناءً على المذكرة التي قدمها المهندس محمد صفائي، العضو المتفرغ للمنطقة الجنوبية في الشركة المصرية لنقل الكهرباء، والتي وافق من خلالها على التعاقد مع المهندس علي فرغلي، رئيس منطقة كهرباء مصر الوسطى السابق، في وظيفة مستشار.

وكان فرغلي قد خرج على المعاش، ورغم ذلك تم تكليفه بالإشراف على تنفيذ مشروعات خطوط الكهرباء، بما في ذلك خطوط تفريغ محطات الطاقة المتجددة، وكذلك مشروعات الإحلال والإشراف على أعمال الخطوط القائمة في المنطقة الجنوبية.

القرار الذي تم اتخاذه من قبل المهندسة منى رزق، رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء، وأعضاء لجنة الاحتياجات، يسمح بالاستمرار في التعاقد مع المهندس فرغلي رغم تجاوزه سن التقاعد، وهو ما يشير إلى استمرارية الفساد الإداري في هذا القطاع.

وهذا يعكس إهدارًا واضحًا للمال العام، إذ إن التعاقد مع مستشارين متقاعدين في مثل هذه المناصب العليا لا يعد سوى تضخيم للميزانية دون تحقيق أي قيمة مضافة حقيقية. من المؤسف أن تتم الموافقة على هذا التعاقد رغم وجود العديد من الكوادر الشابة المؤهلة التي يمكنها أداء نفس المهام بكفاءة وبتكلفة أقل.

إهدار المال العام في إجراءات “لحماية المواطنين” التي لا تجدي

وفي خطوة أخرى من الخطوات التي تكشف عن حجم الفساد في إدارة قطاع الكهرباء، يأتي موقف المسؤولين في محافظة الشرقية.

فقد أصدر محافظ الشرقية تعليمات مشددة لرؤساء المراكز والمدن والأحياء بسرعة الانتهاء من تغليف أعمدة الإنارة البلاستيكية.

وجاءت هذه التعليمات تحت مسمى “حماية المواطنين من حوادث الصعق الكهربائي” أثناء هطول الأمطار. رغم أن هذا القرار يبدوا على الورق أنه يصب في مصلحة المواطنين، إلا أن الحقيقة وراء هذا القرار هي خطوة سطحية لا تعدو كونها إهدارًا آخر للمال العام.

من الناحية الفنية، يُعد تغليف أعمدة الإنارة بالبلاستيك خطوة غير مجدية إذا كانت الأعمدة نفسها لا تملك نظامًا أرضيًا فعالًا. في حالة حدوث هطول أمطار، فإن الأعمدة المتهالكة تظل ناقلة للكهرباء إذا لم يتم تحديث الأنظمة الأرضية بشكل كامل.

التغطية البلاستيكية على الأعمدة لا تعدو كونها خدعة بصرية لا تمنع الصعق الكهربائي الفعلي، بل تساهم في إخفاء المشاكل الحقيقية. وكان من الأجدر بمحافظ الشرقية إصدار تعليمات لرؤساء المراكز والمدن بالتنسيق مع قطاع الكهرباء في المحافظة، لإجراء مراجعة شاملة لجميع الأعمدة والمحولات الكهربائية والتأكد من كفاءتها وملاءمتها لمتطلبات السلامة.

خطوة جديدة لإهدار المال العام بحجة “سلامة المواطنين”

في خطوة غير منطقية أخرى، بدأت المراكز والمدن والأحياء في محافظة الشرقية بالتنسيق مع رؤساء الوحدات المحلية القروية لتغليف الأعمدة بالبلاستيك، بزعم منع حوادث الصعق بالكهرباء وحماية أرواح المواطنين.

ورغم أن هذه الخطوة جاءت في وقت تعاني فيه البنية التحتية للكهرباء من التدهور، إلا أن المسؤولين اتخذوا هذا القرار في خطوة هزلية بعيدة عن الواقع الفني للقطاع. إن هذه الخطوات تضعنا أمام سؤال مهم: لماذا لا يتم تخصيص الموارد التي تُنفق على هذه الإجراءات في تحسين البنية التحتية لكهرباء المناطق الريفية والشعبية؟

في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمات في قطاع الكهرباء، لا نجد تحركًا فعليًا لحل مشكلات النظام الكهربائي المتهالك. إذ لا يتوقف الفساد على التعاقد مع مستشارين متقاعدين فقط، بل يمتد إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة تؤدي إلى إهدار الأموال بشكل واضح. وبالمحصلة، فإن النتيجة هي المزيد من الأعباء المالية على الدولة دون تحقيق أي فائدة ملموسة للمواطن.

غسيل أموال وفشل إداري: فساد مستمر في شركة الكهرباء

من الملاحظ أن مسؤولي وزارة الكهرباء والشركة القابضة للكهرباء لا يتحملون مسؤولياتهم، بل يواصلون إصدار قرارات تزيد من حجم الفساد المالي والإداري. من خلال هذه القرارات، تستمر عملية استنزاف الأموال العامة، دون وجود أي تغيير حقيقي في تحسين البنية التحتية للكهرباء أو تقديم خدمات أفضل للمواطنين.

والأخطر من ذلك هو أن هذه السياسات تتخذ في غياب الرقابة الحقيقية، مما يسمح باستمرار الفساد في القطاع وتضخم حجم التعاقدات مع الأشخاص الذين تجاوزوا سن التقاعد، من دون النظر إلى المصلحة العامة.

إن أزمة الفساد التي يعاني منها قطاع الكهرباء المصري تتطلب وقفة جادة من الحكومة. يجب على المسؤولين اتخاذ خطوات حاسمة للتصدي لهذه الممارسات التي تهدر المال العام.

من أهم الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها هو إعادة النظر في سياسات التعاقد مع المستشارين المتقاعدين ووقف التعاقدات التي لا تضيف قيمة حقيقية للقطاع. كما يجب التركيز على إصلاح النظام الكهربائي في مصر بشكل شامل، من خلال تطوير البنية التحتية وإدخال تقنيات حديثة تعمل على تحسين أداء الشبكة الكهربائية بشكل فعّال.

نهاية الفساد تبدأ بإجراءات حاسمة

إذن، إذا كانت الحكومة المصرية جادة في تحسين قطاع الكهرباء وتقديم خدمة أفضل للمواطنين، فإن أول خطوة يجب أن تتخذ هي وقف الفساد المالي والإداري الذي يضرب أطناب هذا القطاع الحيوي.

إن ما تم الكشف عنه في هذا التحقيق ليس سوى نقطة في بحر من الفساد والتقصير، الذي يجب أن يتوقف، لأن استمرار هذه السياسات سيتسبب في مزيد من الأزمات والخسائر التي ستنعكس على حياة المواطنين، وهو ما لا يمكن السكوت عليه بعد الآن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى