كشف رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عن الوضع المتدهور للاقتصاد المصري، منتقدًا بشدة السياسات الحكومية التي تهدد استقرار السوق المحلي وتعيق جذب الاستثمارات الأجنبية.
وتوجهت أصابع الاتهام إلى الحكومة المصرية التي تواصل تنفيذ سياسات فاشلة، من أبرزها استحواذ الدولة على العديد من القطاعات الاقتصادية التي من المفترض أن تكون مفتوحة للقطاع الخاص.
وخلال المؤتمر السنوي السادس لجريدة “حابي”، صرح ساويرس بأن إحدى أكبر العقبات أمام دخول الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصري هي المنافسة غير المتكافئة التي تفرضها الحكومة على القطاع الخاص.
وأضاف أن الحكومة تسيطر على الكثير من القطاعات الاقتصادية الحيوية، مما يجعل من الصعب على المستثمرين الأجانب أن يجدوا بيئة مستقرة وآمنة للاستثمار.
وكرر ساويرس دعوته القوية بضرورة خروج الحكومة تمامًا من المنافسة الاقتصادية وترك المجال بالكامل للقطاع الخاص، مؤكداً أن الحل الوحيد هو التخلص من القطاع العام “عن بكرة أبيه”، وطرح شركاته أمام القطاع الخاص. ولم يتردد في تأكيده بقوله “واللي يزعل يزعل”، في رسالة شديدة اللهجة تجاه حكومة تدير البلاد بنهج سلطوي.
واستمرارًا في انتقاداته، أشار ساويرس إلى أزمة أخرى تعصف بالاقتصاد المصري، وهي ارتفاع أسعار الوحدات العقارية التي أصبحت “مهلكة من الضحك”، في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
وأوضح ساويرس أن الارتفاعات غير المبررة في أسعار العقارات أدت إلى جعل السوق العقاري غير مجدٍ للمستثمرين، ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالتوسع في مجال التطوير العقاري خارج مصر، وهو ما يعكس فشل السياسات الحكومية في تحسين المناخ الاستثماري المحلي.
كما أشار إلى أن الأزمة تضاعفت بسبب زيادة سعر الدولار، الذي بدوره أثّر على استقرار السوق العقاري المصري.
وفي وقت تتفاقم فيه الأزمة الاقتصادية، أعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي على لسان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عن نيتها طرح من 3 إلى 4 شركات تابعة للقوات المسلحة في البورصة خلال الفترة المقبلة، وذلك في محاولة لتوفير الأموال لسد فجوة التمويل الخارجي التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
وأكد مدبولي أن هذه الطروحات ستكون جزءًا من برنامج حكومي أوسع لإدخال شركات حكومية أخرى في السوق، بما في ذلك شركات مصرفية وبنوك ومطارات، في محاولة لسد العجز المالي.
وتستهدف الحكومة من هذه الطروحات توفير جزء من التمويل لسد فجوة تمويلية تصل إلى 19.1 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
وهو رقم ضخم يسلط الضوء على عمق الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر. وقدّر صندوق النقد الدولي أن حصيلة برنامج الخصخصة ستساهم بنسبة 25.7% من هذه الفجوة التمويلية، وهو ما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الطروحات في حل الأزمة المالية المستعصية التي يعيشها الاقتصاد المصري.
لكن في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة أن هذه الطروحات ستساعد في توفير السيولة اللازمة لسد فجوة التمويل، يرى العديد من المراقبين أن هذه الإجراءات ما هي إلا محاولة يائسة لتغطية العجز في الميزانية، دون أن يكون لها تأثير حقيقي على تحسين الوضع الاقتصادي العام.
فالحكومة تستمر في بيع شركاتها وحصصها في مؤسسات حيوية، وهو ما يعكس عجزها عن تنفيذ إصلاحات جذرية تساهم في حل الأزمة على المدى الطويل.
ويظل القطاع العسكري أحد أكبر العقبات أمام استعادة الاستقرار الاقتصادي في مصر، حيث تسيطر القوات المسلحة على العديد من الشركات الكبرى، وهو ما يعيق دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
وبدلاً من تحرير السوق المصري من هذه الهيمنة، نجد أن الحكومة تستمر في تنفيذ برنامج الخصخصة الذي يعزز من سيطرة الجيش على مفاصل الاقتصاد بدلاً من تقليص دوره.
وتواصل الحكومة المصرية تنفيذ سياسات فاشلة لا تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي، بل تزيد من تعميق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل استمرار التقاعس الحكومي، يبقى الوضع في مصر يزداد سوءًا، وتبقى الحلول المعلنة مجرد محاولات سطحية تهدف إلى تحسين الصورة الخارجية دون معالجة جذرية للأزمات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري.