مرت 48 ساعة من سقوط نظام الأسد .. المعارضة تحكم قبضتها على سوريا بالكامل
في تطور تاريخي تتواصل الانتصارات المدوية للمعارضة السورية المسلحة التي تمكنت من فرض سيطرتها الكاملة على مختلف المدن السورية في غضون 48 ساعة فقط من سقوط نظام بشار الأسد الذي هيمن على سوريا لعقود
هذا الانهيار السريع الذي جاء عقب تحرير العاصمة دمشق من قبضة النظام بدا وكأنه إعلان لنهاية حقبة استبدادية دامت أكثر من نصف قرن وجاءت هذه التحولات لتعيد رسم المشهد السياسي والعسكري في سوريا بطريقة غير مسبوقة
في خطوة مثيرة للجدل أعلنت المعارضة السورية المسلحة عن نجاحها في تحرير كامل محافظة طرطوس واللاذقية الواقعتين على الساحل السوري في ضربة قاسية لنظام الأسد الذي كان يعتمد بشكل كبير على هذه المناطق لدعم قاعدته العسكرية والسياسية والسيطرة عليها لم يكن مجرد انتصار عسكري بل يعد تقويضاً كاملاً لما تبقى من أركان النظام بعد أن كانت هذه المحافظات معاقل لنفوذه لسنوات طويلة وتأتي هذه الانتصارات لتسجل فصلًا جديدًا في تاريخ الحرب السورية التي أخذت منحى جديدًا تمامًا بعد سقوط دمشق وانهيار النظام من الداخل
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة نقلت وكالة روسية أن قوات المعارضة لا تعتزم الدخول في مواجهة مع القواعد العسكرية الروسية الموجودة في سوريا والتي لا تزال تعمل بشكل طبيعي على الرغم من الفوضى العارمة التي تجتاح البلاد وبالرغم من الانهيار السريع لقوات النظام إلا أن المعارضة تدرك أن المواجهة المباشرة مع روسيا قد تكون محفوفة بالمخاطر إذ تشير التقارير إلى أن القادة العسكريين الروس في المنطقة باتوا في تواصل مستمر مع قادة المعارضة لضمان استمرار عمل القواعد الروسية دون أي تهديد وهو ما يعكس حجم التحولات التي طرأت على علاقات القوى الدولية في سوريا بعد سقوط الأسد
وتشير مصادر من داخل الكرملين إلى أن هناك اتصالات جارية بين الجانب الروسي والمعارضة المسلحة لضمان سلامة المصالح الروسية في سوريا بما في ذلك القواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية حيث يبدو أن روسيا التي دعمت النظام لسنوات طويلة باتت الآن أمام واقع جديد يحتم عليها التعامل بحذر مع القوة الصاعدة للمعارضة في سوريا الحفاظ على التواجد العسكري الروسي في الساحل السوري يشكل أولوية بالنسبة للكرملين الذي يجد نفسه الآن مضطراً لإعادة ترتيب أوراقه في ظل انعدام وجود حليف قوي على الأرض بعد سقوط نظام الأسد
وفي شمال البلاد أعلن الجيش الوطني السوري سيطرته على مدينة منبج الاستراتيجية في ريف حلب الشمالي وهي خطوة تضاف إلى سلسلة الانتصارات التي حققتها المعارضة في الشمال السوري وكانت منبج تعد أحد أهم معاقل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من وحدات حماية الشعب الكردية ما يجعل هذا الانتصار نقطة تحول كبيرة في توازن القوى بالشمال ويعتبره المراقبون ضربة قاسية للقوى الكردية التي لطالما سعت لتعزيز نفوذها في تلك المناطق ويدل ذلك على تصميم المعارضة السورية على فرض سيطرتها في كافة أنحاء البلاد دون استثناء
وفي خضم هذا الزحف الواسع للمعارضة على مختلف الجبهات بدأت العاصمة دمشق التي كانت في حالة فوضى تعود تدريجياً إلى حالة من الهدوء الحذر قوات الشرطة التابعة لحكومة الإنقاذ التي تشكلت حديثاً بدأت بالفعل في الانتشار داخل أحياء العاصمة لضمان الأمن والاستقرار حيث بدأت مظاهر الحياة تعود تدريجياً بعد انسحاب قوات النظام بشكل مفاجئ وسريع وفي تطور لافت شهدت حركة المرور في شوارع العاصمة تحسنًا ملحوظًا بعد يوم من الفوضى المرورية العارمة التي أصابت المدينة إثر انهيار النظام وفي ظل غياب التنظيم خلال الساعات الأولى بعد سقوط النظام انتشرت سيارات الشرطة المرورية التي تعمل في الشمال السوري المحرر في شوارع العاصمة لإعادة ضبط حركة السيارات وتنظيمها
على صعيد آخر وصلت قوات النخبة التابعة للمعارضة إلى العاصمة دمشق عصر الأحد لتأمينها بشكل كامل وضمان عدم حدوث أي انفلات أمني أو أعمال نهب أو عنف من قبل بعض الجهات الموالية للنظام المنهار والتي كانت قد بدأت تظهر في بعض الأحياء إثر سقوط النظام المفاجئ وفرضت هذه القوات حظر تجول ليلي بهدف إعادة النظام ومنع أي محاولة لزعزعة الاستقرار في العاصمة التي ظلت لسنوات طويلة تحت قبضة النظام الحديدية
وتعتبر هذه التطورات السريعة إيذاناً بنهاية حقبة طويلة من القمع والاستبداد التي عاشتها سوريا تحت حكم حزب البعث الذي سيطر على البلاد منذ أكثر من ستة عقود وسقوط حكم عائلة الأسد الذي امتد لأكثر من خمسين عامًا يمثل نهاية لواحدة من أكثر الأنظمة السياسية دموية في المنطقة بعد عقود من القمع والاعتقالات والدمار الذي خلفه النظام في كافة أرجاء البلاد انهيار النظام لم يكن مجرد نهاية لحكم مستبد بل هو بمثابة إعلان لمرحلة جديدة من الصراع السياسي في سوريا التي قد تواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة
في ظل هذا الانهيار الكبير يواجه الشعب السوري تحديات سياسية وأمنية هائلة إذ من المتوقع أن تكون المرحلة المقبلة مليئة بالصراعات الداخلية والخارجية على السلطة والنفوذ بعد سنوات طويلة من الحرب والدمار