تقاريرثقافة وفنون

فضيحة فساد ثقافي في أسيوط: مكاوي والأسيوطي يعبثان بمستقبل الثقافة لصالح المحسوبية

منذ فترة طويلة، والهيئة العامة لقصور الثقافة تتعرض لاتهامات فساد وتقاعس في مختلف فروعها في أنحاء الجمهورية، لكن الفساد الذي يعصف بفرع ثقافة أسيوط في إقليم وسط الصعيد يبدو أنه يأخذ منحى أكثر خطورة وتعقيداً.

فالأزمات المتتالية التي تشهدها الثقافة في هذه المنطقة تتزايد بمرور الوقت، والمسئولون يتوارون عن الأنظار، وتستمر دائرة الفساد والمحسوبية في الاستفحال بفضل تواطؤ البعض وتجاهل البعض الآخر.

منذ الأيام الأولى لتولي ضياء مكاوي إدارة فرع ثقافة أسيوط، ومع توسع دائرة نفوذه وتراكم المشكلات، تبين أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ.

فقد أثبتت الأيام أن مكاوي ليس فقط قد تجاهل المسئوليات الثقافية التي يجب أن يقوم بها، بل ربط مصير الثقافة في أسيوط بعلاقاته الشخصية التي تستفيد منها دائرة ضيقة من أصدقائه والمقربين له.

مكاوي، الذي انتهت ولايته في السادس من ديسمبر الحالي، كان يسعى بشتى الطرق لإرضاء تلك الدائرة من خلال قرارات محاباة، ولم يهتم قط بالأسس الحقيقية للعمل الثقافي في المحافظة.

ومن بين أبرز الأسماء التي ارتبطت بهذا الوضع المزري، يبرز اسم الشاعر درويش الأسيوطي، عضو نادي أدب أسيوط الجديدة، الذي كان من الأصدقاء المقربين لضياء مكاوي.

قد تساءل الكثيرون عن العلاقة الخفية التي تربط ضياء مكاوي ودرويش الأسيوطي الغير مفهومة في المجال الثقافي داخل أسيوط، حيث أثبتت الوقائع أن هناك تدخلات مباشرة وغير مباشرة من قبله لتوجيه الأنشطة الثقافية بما يتماشى مع مصالحه الشخصية.

وعلى الرغم من أن الأسيوطي كان يملأ منصبه بالكثير من التصريحات حول دعم الثقافة، إلا أن الحقيقة كانت تشير إلى استغلاله لهذا المنصب كوسيلة لتعزيز مكانته الشخصية من خلال ارتباطه مع مكاوي.

آخر فضيحة تظهر تورط الأسيوطي في ممارسات مشبوهة تتعلق بجلسات نادي أدب أسيوط الجديدة، حيث أرسلت شيماء عبدالعال مديرة مكتبة الطفل والشباب بأسيوط الجديدة خطاباً رسمياً في التاسع من ديسمبر 2024 موجه إلى مدير عام فرع ثقافة أسيوط، تطلب فيه تغيير مكان جلسة نادي الأدب المقررة ليوم 10 ديسمبر من قاعة الأنشطة في مكتبة الطفل والشباب بأسيوط الجديدة إلى منزل الشاعر درويش الأسيوطي.

لقد حصل موقع “أخبار الغد” على نسخة من هذا الخطاب، الذي جاء ممهورًا بختم مكتبة الطفل والشباب بأسيوط الجديدة. ويتضمن طلبًا صريحًا من مديرة الموقع الثقافي للموافقة على تغيير مكان جلسة نادي أدب أسيوط الجديدة المقرر عقدها في 10 ديسمبر من قاعة الأنشطة بمكتبة الطفل والشباب إلى منزل الأسيوطي نفسه في أسيوط الجديدة.

وتزعم شيماء عبدالعال في الخطاب أن هذا الطلب جاء بناءً على رغبة الشعراء، وذلك دون مراعاة للضوابط الرسمية التي يجب أن تحكم مثل هذه الأنشطة.

وهذا الطلب لا يعكس فقط انحرافًا واضحًا عن المعايير الإدارية بل يعكس أيضًا تنامي العلاقات المشبوهة داخل مؤسسات الثقافة في الصعيد بل إن خطاب مكتبة الطفل والشباب بأسيوط الجديدة يفضح حجم التواطؤ والتقاعس الكبير من قبل الجهات المعنية في إدارة الأنشطة الثقافية، التي أصبحت مسرحًا للفساد والمحسوبية.

وإن هذا الخطاب المرسل للجهات المعنية يظهر التهاون الواضح في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة الأنشطة الثقافية في أسيوط.

فبالرغم من وجود الهيئة العامة لقصور الثقافة والإشراف المفترض على الأنشطة الثقافية، إلا أن هذه الهيئة تظهر دائمًا كمجرد واجهة لا تقوم بدورها في مراقبة الأنشطة أو منع تداخل المصالح الشخصية في الأعمال الثقافية.

بل على العكس، يبدو أن الهيئة تحت حماية أيدي مختصين لا يهمهم سوى تأمين مصالحهم الشخصية وعلاقاتهم مع المقربين.

ومن غير المستغرب أن يستمر الوضع كما هو دون تحرك حقيقي من وزارة الثقافة، التي تبدو وكأنها غافلة عما يجري داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة، بل إن الوزارة وبتعاونها الصامت مع مثل هؤلاء الأشخاص، تساهم بشكل مباشر في إدامة هذه الأوضاع الفاسدة.

لم تلتفت الوزارة إلى المطالبات المتكررة بضرورة التحقيق في هذه الأنشطة المشبوهة، وظلت الهيئة العامة لقصور الثقافة في إقليم وسط الصعيد تغرق في مستنقع الفساد دون رقيب أو حسيب.

وحتى بعد انتهاء ولاية مكاوي، لم تشهد الأمور أي تحسن، بل استمر الاستحواذ على المناصب الثقافية من قبل نفس الأفراد المرتبطين بعلاقات شخصية وثيقة، مما يعكس عدم وجود إرادة حقيقية في إصلاح الوضع.

إن ما يحدث في إقليم وسط الصعيد الثقافي يعد مثالاً صارخاً على كيفية استغلال السلطة من قبل بعض الأفراد لتحقيق مصالحهم الخاصة، في الوقت الذي يعاني فيه الشباب والشعراء والفنانون من الإهمال وعدم توفر الدعم الحقيقي لهم.

وفي الوقت الذي تكافئ فيه الوزارة من هم ليسوا على قدر المسئولية، يتم تجاهل الأفراد الذين يمتلكون الكفاءة والقدرة على النهوض بالحركة الثقافية في الإقليم.

إن الوضع الراهن في فرع ثقافة أسيوط، مع استمرار المحسوبية من قبل مكاوي والأسيوطي، يجب أن يكون محط اهتمام التحقيقات الرسمية. فالأفعال التي تمت من قبل هؤلاء الأشخاص تشكل انتهاكاً لحقوق المواطنين، وتؤدي إلى تدهور المنظومة الثقافية في الصعيد.

كما أن هذا الفساد الذي يحظى بحماية، سواء من خلال إغفال وزارة الثقافة أو عبر تغاضي الهيئة العامة لقصور الثقافة، يساهم في انتشار مظاهر الإهمال والمحسوبية في كافة الأنشطة الثقافية.

من المؤسف أن تتقاعس الجهات المسئولة عن اتخاذ أي إجراء ضد ما يحدث، وكأن الأمر لا يعني أحداً. الأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي: لماذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات ضد ضياء مكاوي بعد انتهاء ولايته؟

لماذا يتم التجاوز عن تلك الممارسات المشبوهة التي تتعلق بتبديل مكان الفعاليات؟ ولماذا تصر الهيئة العامة لقصور الثقافة على التستر على هذه التصرفات؟

إن الوضع في إقليم وسط الصعيد الثقافي لا يبشر بخير، ويسيطر عليه الفساد والمحسوبية. لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك حاجة ماسة لتغيير جذري في طريقة إدارة الأنشطة الثقافية.

الأمر يتطلب إصلاحاً حقيقياً من قبل وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة، والعمل على وضع آليات صارمة لمكافحة الفساد ومنع استغلال المناصب الثقافية لتحقيق مصالح شخصية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى