تقاريرمصر

الفضيحة الكبرى: تدهور حاد في الصحة والتعليم في مصر والأرقام لا تكذب

في مفاجأة كارثية جرت على مستوى الخدمات الأساسية في مصر، كشفت أحدث التقارير أن ملف الصحة قد حصل على 65.5 نقطة فقط من 100 نقطة من حيث مستوى رضا المواطنين خلال الفترة من يونيو 2023 إلى يونيو 2024، بينما حصل ملف التعليم على 60.6 نقطة فقط، ما يعكس بوضوح حجم الأزمة التي يعاني منها القطاعين الأكثر حساسية في حياة المواطنين.

أرقام كارثية تعكس عمق الانهيار الذي يعيشه المصريون في حقول حيوية كانت تعد من أساسيات حقوق الإنسان، لكنها الآن أصبحت غائبة عن واقع المواطنين في شتى أنحاء البلاد.

التقرير الذي نشرته الجهات المعنية يشير إلى أن الحالة الصحية في مصر وصلت إلى مرحلة من التدهور تتجاوز كل الخطوط الحمراء.

الصحة في البلاد تواجه أزمة خانقة تتمثل في تدهور مستمر للمستشفيات العامة، حيث يقتصر العلاج في الكثير من الأحيان على الأدوية التي تفتقر إليها صيدليات المستشفيات الحكومية، بينما تُغلق العديد من المستشفيات أبوابها أو لا تفتح إلا لفترات محدودة مما يزيد من معاناة المرضى الذين يتعرضون للإهمال الطبي يوميًا.

المستشفيات الحكومية تعاني من نقص فاضح في الكوادر الطبية المتخصصة. فمن الأطباء إلى الممرضين، لا يكاد المواطن يجد طبيباً متوفراً في الوقت المناسب لعلاج حالته، وهو ما يؤدي إلى تدهور أوضاع المرضى.

التقارير تكشف أيضًا عن تزايد معدلات الوفيات التي كان من الممكن تجنبها لو توافر الحد الأدنى من الرعاية الصحية في المنشآت الحكومية. ومن جهة أخرى، فشل القطاع الخاص في التخفيف من معاناة المواطنين نظراً للأسعار المرتفعة التي تتجاوز القدرة الشرائية للكثير من الأسر المصرية.

وبالرغم من التصريحات الحكومية المتكررة بشأن تطوير القطاع الصحي وزيادة الإنفاق الحكومي على بناء مستشفيات جديدة، فإن الواقع على الأرض يعكس صورة مغايرة تمامًا.

المستشفيات الجديدة التي تم إنشاؤها لا تملك مقومات الرعاية الكافية، وفي بعض الأحيان تفتقر إلى التجهيزات الأساسية من أسرة للمرضى إلى الأجهزة الطبية المتطورة. العديد من المواطنين يُجبرون على الانتظار لأسابيع، وأحيانًا أشهر، للحصول على موعد للكشف الطبي في المستشفيات الحكومية التي تعاني من اكتظاظ لا مثيل له.

أما قطاع التعليم، فإنه ليس بأفضل حال. ففي حين تتفاخر الحكومة باستمرار بتحقيق إصلاحات في القطاع، تبقى الحقائق أكثر مرارة. حصل ملف التعليم على 60.6 نقطة فقط من أصل 100 نقطة، وهي نتيجة تعكس حالة من الفشل الذريع على مستوى جودة التعليم في المدارس الحكومية والجامعات.

المشكلة ليست فقط في بنية المدارس المتهالكة، بل في نقص المعلمين المؤهلين الذين يشرفون على تدريس المناهج غير المواكبة للتطورات الحديثة، ما يضعف مستوى التعليم العام في مصر.

وفي وقت تُعلن فيه وزارة التربية والتعليم عن خطط لتطوير التعليم، لا يزال النظام يعاني من العديد من الثغرات التي تجعل من عملية التعليم في المدارس المصرية محض محاكاة، لا تحقق أي نتائج حقيقية على مستوى التحصيل العلمي للطلاب.

الفصول الدراسية في معظم المدارس مكتظة بشكل غير مسبوق، حيث يتجاوز عدد الطلاب في بعض الفصول أكثر من 50 طالبًا، في حين أن الغالبية العظمى من المدارس تفتقر إلى أساليب التدريس الحديثة والأنشطة التفاعلية التي تسهم في تحفيز الطالب. كما أن المناهج الدراسية قديمة وغير متجددة ولا تأخذ في الاعتبار احتياجات العصر التكنولوجي الذي يعيشه العالم.

أما بالنسبة للجامعات المصرية، فالوضع ليس أفضل حالًا، إذ تشهد تراجعًا واضحًا في مستوى البحث العلمي والنظام الأكاديمي بشكل عام. ورغم التصريحات التي تتحدث عن تطوير الجامعات وتوفير موارد أكثر، فإن الواقع يشير إلى أن مستوى التعليم الجامعي لا يرقى إلى المعايير العالمية.

الطلاب يواجهون صعوبة في الوصول إلى مختبرات مجهزة، والبنية التحتية للجامعات ما تزال في العديد من الأحيان غير صالحة لاستقبال الطلاب بالشكل المناسب.

النظام التعليمي في مصر يعاني من مشكلات هيكلية عميقة تجعل من الصعب تحسين الوضع الحالي في المدى القريب. وبينما تشهد العديد من دول العالم تقدمًا ملحوظًا في قطاع التعليم، ما تزال مصر تفتقر إلى المنظومة التعليمية المتكاملة التي تواكب التطورات العالمية.

والأسوأ من ذلك هو أن المسؤولين الحكوميين يصرون على تجاهل هذه الحقائق ويحاولون التغطية على فشلهم من خلال إعلانات عن مشاريع تطوير غير فعالة ولا تصل إلى أرض الواقع.

إجمالًا، أرقام الرضا عن الصحة والتعليم في مصر تعتبر بمثابة جرس إنذار لجميع المعنيين بتطوير هذه القطاعات الأساسية. 65.5 نقطة في الصحة و60.6 نقطة في التعليم ليسا مجرد أرقام عابرة، بل يعكسان أزمة حقيقية تهدد مستقبل الأجيال القادمة، وتحول دون تحقيق تقدم ملموس في المجالات التي تساهم في تحسين حياة المواطن المصري.

لا يكفي التصريحات التي تخرج من الجهات الرسمية دون اتخاذ خطوات حقيقية وقوية لتحسين الأوضاع المتدهورة في هذه القطاعات، لأن المواطن المصري بات يرفض المزيد من التسويف ويطالب بأفعال لا أقوال.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى