تقاريرمصر

فضائح فساد نادية قطرى تهدر 500% من المال العام بشركات كهرباء الدلتا

تعاني شركات الكهرباء المصرية من فساد مؤسسي واسع النطاق، حيث تتكشف العديد من الوقائع التي تشير إلى تورط بعض القيادات التنفيذية في إهدار المال العام.

من بين أبرز الأسماء التي ظهرت في هذه الفضائح هي المهندسة نادية عبد العزيز قطرى، العضو المتفرغ للشئون المالية في الشركة القابضة لكهرباء مصر، التي تُتهم بتورطها في قضايا فساد شملت شركات وسط وغرب وشرق الدلتا لإنتاج الكهرباء.

هذه الوقائع التي تضمنتها المستندات تكشف عن تورطها في إهدار أموال الدولة، إضافة إلى كونها الذراع الأيمن في قرارات رئيس الشركة القابضة، المهندس جابر دسوقي.

تورط قطرى في فساد شركة غرب الدلتا

من أبرز القضايا التي تورطت فيها قطرى، قضية إسناد عملية صيانة مدخنة الوحدة 300 ميجاوات في محطة زاوية غزال التابعة لشركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء.

حيث تم تكليف شركة المكتب الهندسي، وهي شركة تفتقر تماماً للخبرة في أعمال الصيانة الخاصة بالمدخنة، بالمخالفة للشروط المحددة في المناقصة.

وكان من الواضح أن هذا القرار قد جاء بضغط من المهندس جابر دسوقي، رئيس الشركة القابضة، وهو ما أسفر عن كارثة إنسانية.

فالمعدات المستخدمة في الصيانة كانت غير مطابقة للمواصفات، مما أدى إلى تصدعات في جدران المدخنة بعد فترة قصيرة من تنفيذ الأعمال، حيث توقعت التقارير أن تكون المدخنة معرضة للتصدع خلال من 3 إلي 5 سنوات بدلاً من 25 سنة كما هو مفترض.

هذه الأعمال غير المدروسة تسببت في وفاة 5 من العاملين في المشروع، مما أثار جدلاً واسعاً حول مسؤولي الشركة القابضة، ودفع وزارة الكهرباء إلى تعيين أقارب الضحايا في وظائف بشركة غرب الدلتا.

فساد توريد المعدات: مبردات الهواء والزيت

لم تقتصر فضائح قطرى على إهدار المال العام في عملية صيانة المدخنة فقط، بل امتد فسادها ليشمل توريد المعدات، مثل مبردات الهواء والزيت لمحطة كهرباء السيوف في غرب الدلتا.

حيث تم إسناد عملية توريد مبرد هواء إلى شركة واحدة فقط قدمت عرضاً غير مطابق للمواصفات، وكان السعر يزيد عن 500% مقارنة بسعر الشراء في العام السابق.

كما تم استلام مبرد هواء غير مطابق للمواصفات المتفق عليها، وهو ما يعرض المحطة لخطر الانفجار بسبب تصنيعه بطريقة بدائية وغير متطورة.

بالإضافة إلى ذلك، حدث تلاعب في عملية توريد مبرد الزيت لنفس المحطة، حيث تم إصدار أمر توريد يحتوي على شرطين متعارضين عن عمد، ما جعل تنفيذه أمراً مستحيلاً.

وعندما حاول المسؤولون في الشركة تصحيح هذا الخطأ، عبر شراء المبرد من الشركة الصانعة الأصلية، رفض المسؤولون في شركة غرب الدلتا هذا المبرد رغم مطابقته تماماً للمواصفات المطلوبة.

الشكاوى والتقارير الرقابية

على الرغم من أن العديد من الشكاوى التي أُرسلت إلى رئيس الشركة القابضة، المهندس جابر دسوقي، حول فساد شركة غرب الدلتا قد أظهرت تورط قطرى في العديد من هذه الوقائع، لم تتخذ أي إجراءات حقيقية ضد المسؤولين عن الفساد.

وقد أظهرت تقارير هيئة الرقابة الإدارية في محافظة البحيرة وجود مخالفات وإهدار للمال العام، لكن تلك التقارير تم تجاهلها بشكل كامل من قبل المسؤولين في الشركة القابضة، بحماية من المهندس جابر دسوقي.

وتم حفظ الشكاوى التي قدمها الموظفون في “ثلاجة” لجان حماية الفساد، دون الرد عليها أو اتخاذ أي إجراءات عملية. هذه التصرفات توضح بشكل جلي كيف تم تجاهل محاولات مكافحة الفساد داخل الشركة، مما سمح لهذه الممارسات بالتفاقم على مر السنين.

السيطرة على تعيين القيادات في شركات الكهرباء

من ناحية أخرى، تسيطر نادية عبد العزيز قطرى على تعيين القيادات في شركات الكهرباء المختلفة، وخاصة في شركات وسط وغرب وشرق الدلتا لإنتاج الكهرباء.

وهي تسهم في توجيه هذه الشركات بما يخدم مصالحها الخاصة ومصالح دائرة الفساد المحيطة بها. تعتبر قطرى بمثابة الذراع الأيمن لرئيس الشركة القابضة جابر دسوقي، وهو ما يتيح لها التحكم في مفاصل صناعة الكهرباء في مصر. إضافة إلى ذلك، تم تجهيز شقيقتها المحاسبة صباح قطرى لتولي منصب خليفة نادية في الشركة القابضة لكهرباء مصر.

الهيكل الإداري الفاسد وتأثيره على القطاع

تُعد فترة ولاية قطرى في مناصبها التنفيذية نموذجاً على كيفية استفادة بعض الأفراد من المنظومة الفاسدة التي تسيطر على قطاع الكهرباء. من المؤسف أن القطاع بات يعاني من هيمنة كبار السن والأشخاص الذين لا يمتلكون الكفاءات اللازمة لإدارة هذا القطاع الحيوي.

هؤلاء الأشخاص يستحوذون على الحوافز والبدلات والعمولات والأرباح، كما يحصلون على رواتب ضخمة وسفريات علاجية إلى الخارج تحت ذريعة حضور مؤتمرات. هذا النظام أدى إلى تدهور الخدمات واهدار ملايين الدولارات على حساب مصلحة الدولة والمواطنين.

الحلول المقترحة

إن الوضع القائم في قطاع الكهرباء يتطلب تدخلًا عاجلاً وإصلاحًا جذريًا للهيكل الإداري. ينبغي اتخاذ خطوات حاسمة لمكافحة الفساد، سواء من خلال إجراءات قانونية بحق المتورطين في هذه الوقائع أو من خلال تنفيذ هيكلة شاملة داخل الشركة القابضة لكهرباء مصر.

من الضروري استبدال القيادات الفاسدة بأشخاص ذوي كفاءات عالية وسمعة طيبة، سواء كانوا من داخل القطاع أو من خارجه، مع تفعيل دور الجهات الرقابية لتتبع هذه القضايا ومحاسبة الفاسدين.

حيث يعتبر إصلاح قطاع الكهرباء أحد الأولويات الضرورية لعودة هذا القطاع إلى مساره الصحيح، وتحقيق التنمية المستدامة للبلاد، وهو ما يستدعي إرادة سياسية حازمة لمحاربة الفساد وتوفير بيئة نظيفة تعمل من أجل خدمة الشعب المصري.

التورط الواضح لـ نادية عبد العزيز قطرى في قضايا فساد عديدة داخل شركات الكهرباء، بالتواطؤ مع المهندس جابر دسوقي، يعكس صورة قاتمة للواقع الإداري في القطاع.

هذه الوقائع ليست سوى جزء صغير من حجم الفساد المستشري في القطاع، الذي يشهد ضياعاً مستمراً للمال العام وتدهوراً في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وعلى الرغم من وجود تقارير رقابية تثبت هذه التجاوزات، إلا أن هذه التقارير غالباً ما يتم إخفاؤها أو تجاهلها من قبل المسؤولين المعنيين. هذا يتطلب وقفة حاسمة لإعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي ووضع حد لفساده المستشري.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى