تقاريرصحافة دولية

روسيا تتخلى عن الأسد وتخاذل حلفائه وسط انهيار النظام السوري وتقدم المعارضة

في خطوة مفاجئة وصادمة، نقلت وكالة “بلومبيرج” عن مصدر مقرب من الكرملين أن روسيا، التي كانت الحليف الأبرز للنظام السوري، لا تملك أي خطة لإنقاذ الرئيس بشار الأسد.

وتوضح المصادر أن الكرملين لا ينوي اتخاذ أي إجراء لإنقاذ نظام الأسد، بينما تتراجع قواته بشكل مخيف أمام تقدم المعارضة السورية المسلحة.

ويبدو أن هذا التخلي الواضح يرتبط بتخاذل قوات الأسد التي بدأت تتخلى عن مواقعها بسرعة، مما دفع موسكو إلى عدم المجازفة أو التدخل لإنقاذ نظام ينهار بشكل متسارع دون أي إشارات على إمكانية إنقاذه.

هذا التراجع الميداني الهائل أثار دهشة المسؤولين الأمريكيين، حيث أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن المسؤولين في واشنطن تفاجأوا من التقدم الكبير الذي حققته المعارضة المسلحة.

وكانوا يتوقعون أن يظل النظام السوري مسيطرًا على مدينة حلب، المدينة الاستراتيجية التي كانت تعد رمزًا لهيمنة النظام في الشمال. لكن انهيار قوات الأسد في المدينة كشف عن ضعف رهيب لم يكن متوقعًا، مما أربك جميع التقديرات الأمريكية والغربية حول مستقبل النظام.

وبعدما كان الأسد يعول على دعم بعض الدول الحليفة، أصبح واضحًا أن هذا الدعم قد يتلاشى كما تلاشى الجيش السوري من عدة جبهات.

وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة، سارعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى إصدار بيان قوي يحذر رعاياها في سوريا، داعية إياهم إلى مغادرة البلاد فورًا. ووصفت الوزارة الوضع بأنه في غاية الخطورة، مؤكدة أن الأوضاع الأمنية قد تتدهور بشكل أكبر في أي لحظة.

ونبهت الأمريكيين الذين لا يستطيعون المغادرة إلى ضرورة إعداد خطط طوارئ للحفاظ على سلامتهم وسط هذا الانهيار الكبير للنظام.

وفي نفس السياق، نشرت “نيويورك تايمز” تقريرًا صادمًا عن أوامر إيرانية ببدء إجلاء واسع لدبلوماسييها وعسكرييها من سوريا. وتحدثت المصادر الإقليمية والإيرانية عن نقل العديد من أفراد “فاطميون” والحرس الثوري الإيراني خارج سوريا، في خطوة تشير إلى أن طهران بدأت تدرك حجم الخطر الذي تواجهه في ظل انهيار النظام السوري. عمليات الإجلاء هذه تتم عبر البر والبحر والجو، وهو ما يعكس قلق إيران من فقدان نفوذها في سوريا بعدما بدأت قواتها تتعرض لضربات متزايدة، بالتزامن مع التراجع السريع للنظام أمام المعارضة المسلحة.

وفي تطور مفاجئ آخر، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الجيش الإسرائيلي قام بشن هجوم جوي على مخازن أسلحة كيميائية تابعة للنظام السوري. ويأتي هذا الهجوم بالتزامن مع تقدم المعارضة وانهيار قوات الأسد، في محاولة واضحة من إسرائيل لضمان عدم وصول الأسلحة الكيميائية إلى أيدي المعارضة أو الجماعات المسلحة. ومن الواضح أن النظام السوري أصبح الآن محاصرًا من جميع الجهات، حيث لا يجد دعما كافيا من حلفائه الذين كانوا يعتمد عليهم في البقاء على قيد الحياة.

مصير بشار الأسد وعائلته يتكشف

في الوقت الذي تتساقط فيه أوراق النظام، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين سوريين وعرب أن عائلة الأسد بدأت بالفرار من سوريا. فقد غادرت زوجة الأسد وأبناؤه إلى روسيا في الأسبوع الماضي، بينما اتجه أصهاره إلى الإمارات. هذا الهروب العائلي يعكس حالة من الذعر داخل دائرة النظام الضيقة، التي باتت تدرك أن النهاية قد تكون أقرب مما كان متوقعًا. وحتى الأسد نفسه، الذي كان يوجه خطاباته بشجاعة، بات يحاول الآن التفاوض مع تركيا لوقف تقدم المعارضة، لكن محاولاته هذه لم تلقَ قبولاً من أنقرة.

التقرير أضاف أن الأسد يواجه تجاهلاً تامًا من الدول العربية، التي رفضت تقديم أي دعم عسكري أو استخباراتي له، رغم محاولاته المستميتة للحصول على مساعدات. ويبدو أن هذه الدول بدأت تنأى بنفسها عن الأسد بعدما أدركت أن تقديم أي دعم له الآن سيكون بمثابة رهان خاسر. حتى الدول التي كانت تُعتبر صديقة للنظام، مثل مصر والأردن، نصحت الأسد بشكل مباشر بمغادرة سوريا وتشكيل حكومة في المنفى. هذه النصائح تأتي في ظل الانهيار المتزايد للنظام على الأرض، وهو ما يعني أن حلفاءه لم يعودوا يرون أي فائدة في استمراره على رأس السلطة.

وفي تطور أمني آخر، أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية عن إغلاق معبر جابر الحدودي مع سوريا، وذلك بعد سيطرة المعارضة المسلحة على المناطق الحدودية بين البلدين. وأكد الفراية أن الأردن قرر إغلاق المعبر كإجراء احترازي لحماية حدوده ومنع أي تهديدات أمنية قد تتسلل عبر الحدود، في إشارة واضحة إلى حجم الخطر الذي يهدد استقرار المنطقة في ظل انهيار النظام السوري.

هذا المشهد المتدهور في سوريا يظهر أن النظام بات أقرب إلى السقوط من أي وقت مضى، مع تصاعد التحديات التي تواجهه داخليًا وخارجيًا. فروسيا التي كانت دعمه الرئيسي تبدو الآن غير مستعدة لإنقاذه، وإيران التي كانت تحشد له قواتها بدأت تسحب دبلوماسييها، وحتى عائلته بدأت الهروب من البلاد. تبدو الأوضاع في سوريا اليوم وكأنها تقود إلى نهاية حتمية لنظام الأسد، في ظل تخلي حلفائه عنه وانسحابهم من الساحة السورية.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى