قوات المعارضة السورية تواصل تقدمها نحو حمص وتحقق انتصارات استراتيجية
واصلت قوات المعارضة السورية تحقيق تقدم ملحوظ في مناطق مختلفة من سوريا ضمن عملية “ردع العدوان”، التي انطلقت في 27 نوفمبر الماضي باتجاه حلب.
وقد تمكنت الفصائل المعارضة من السيطرة على عدة مناطق استراتيجية في طريقها إلى محافظة حمص، بعد أن كانت قد سيطرت على مدينة حماة، مستفيدة من العمليات العسكرية المتواصلة ضد قوات النظام السوري.
تقدم المعارضة بدأ بدخولها مدينة حماة في يومي الخميس والجمعة، حيث تمكنت من السيطرة على قرية معرزاف شمال غرب المدينة. كما تم التوصل إلى اتفاق مع سكان مدينة سلمية الواقعة في ريف حماة الشرقي يقضي بعدم حمل السلاح ضد قوات المعارضة وعدم دخول المدينة.
ومن ثم، واصلت الفصائل المعركة جنوبًا نحو محافظة حمص، فتمكنت من السيطرة على مدينتي الرستن وتلبيسة، واللتين تعدان من أهم النقاط التي تفتح الطريق إلى حمص من الشمال.
واستبقت بعض فصائل المعارضة في مدينة الرستن دخولها وشنّت هجمات على مواقع لقوات النظام تمهيدًا لدخول المدينة. ووفقًا لإدارة العمليات العسكرية، التي تقود عملية “ردع العدوان”، فإن السيطرة تمت على آخر القرى التي تَحُدُّ مدينة حمص من الخارج، فيما وجهت نداءً إلى القوات النظامية في المدينة تدعوهم للانشقاق والالتحاق بفصائل المعارضة، أو التوجه نحو مدينة حماة.
في الجنوب السوري، تمكنت قوات المعارضة من فرض واقع جديد، حيث أعلنت عن تأسيس “غرفة عمليات الجنوب” التي تشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. في درعا، تمكنت الفصائل من محاصرة مدينة درعا وقطع طرق الإمداد عن قوات النظام داخلها، إضافة إلى السيطرة على معبر نصيب الحدودي، وهو معبر حيوي بين سوريا والأردن. وفي خطوة لاحقة، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية عن إغلاق معبر جابر الحدودي المقابل لمعلم نصيب، بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة.
على صعيد المعارك في درعا، نجحت الفصائل المسلحة في السيطرة على 12 موقعًا عسكريًا مهمًا بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، كان من بينها “اللواء 52″، الذي يعتبر من القواعد العسكرية الرئيسية للجيش السوري في المنطقة بالقرب من بلدة الحراك. كما تمكنت المعارضة من أسر عدد من جنود النظام. بالإضافة إلى ذلك، تمكّنت قوات المعارضة من السيطرة على 42 بلدة وقرية في المحافظة، من بينها بصر الحرير ونوى وإنخل ومحجة، إلى جانب تمكّنهم من السيطرة على جميع الحواجز العسكرية في مدينة خربة غزالة ومحيطها في ريف درعا الأوسط.
أما في ريف درعا الغربي وريف القنيطرة، فقد تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على تلال عسكرية مهمة وأربعة حواجز عسكرية أخرى في منطقة اللجاة شرقي المحافظة. وقالت المعارضة في بيان لها إن قواتها تسيطر الآن على ما يقارب 80% من إجمالي مساحة محافظة درعا. تزامن هذا التقدم مع استمرار المعارك على الحدود الجنوبية مع الأردن، ما زاد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
أما في شرق سوريا، فقد شهدت المنطقة تطورات هامة بعد أن سلّم الجيش السوري السيطرة على مركز محافظة دير الزور لقوات سوريا الديمقراطية، التي تتولى الآن إدارة المنطقة بعد انسحاب القوات النظامية منها. تم ذلك بالتزامن مع استمرار تقدم فصائل المعارضة نحو حمص، ما أدى إلى انسحاب كامل للجيش السوري من مطار دير الزور العسكري، حيث باتت قوات سوريا الديمقراطية تسيطر عليه أيضًا.
وأكدت مصادر عسكرية أن قوات “قسد” قد انتشرت في مدينة دير الزور وفي غرب نهر الفرات بعد انسحاب الجيش السوري منها، كما سيطرت هذه القوات على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، وهو معبر استراتيجي للغاية في سياق الحرب الدائرة. وتعتبر هذه التحركات دلالة على تغييرات كبيرة في المشهد العسكري في شرق سوريا، في وقت يشهد فيه غرب البلاد تكثيفًا للعمليات ضد القوات الحكومية.
وما زالت التطورات الميدانية تتسارع على أكثر من جبهة، حيث تكثف الفصائل المعارضة من هجماتها على عدة محاور استراتيجية في وسط وجنوب سوريا، ما يزيد من تعقيد الوضع العسكري على الأرض. وفي الوقت ذاته، تواصل قوات النظام السوري محاولات المقاومة والدفاع عن مواقعها في العديد من المناطق التي شهدت تقدمًا كبيرًا للمعارضة.
حيث يمكن القول إن مسار الصراع السوري لا يزال مفتوحًا على احتمالات كثيرة، فالتطورات العسكرية الأخيرة تشير إلى أن القوى المعارضة قد تتخذ خطوات أكثر حسمًا في الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار تقدمها في مناطق حيوية مثل حمص ودير الزور، الأمر الذي يهدد بشكل مباشر استقرار مناطق واسعة تحت سيطرة النظام السوري.