إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة وسط تصعيد عسكري وسياسي
في الساعات الأولى من صباح اليوم شن الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة بعد أن ارتكب مجزرتين جديدتين بحق المدنيين في المنطقة، في حين تتواصل الاشتباكات العنيفة في شمال القطاع بين مقاتلي المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية المتوغلة في المنطقة.
هذه الهجمات العسكرية تأتي في وقت حساس حيث تتصاعد المواجهات بشكل يومي في ظل التوترات السياسية والإقليمية المتزايدة.
وفي إطار السياسة الدولية، أكدت وكالة “رويترز” نقلاً عن مصادر مطلعة أن دولة قطر قد استأنفت دورها كوسيط رئيسي في مساعي التوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل، في وقت تناقلت فيه وسائل الإعلام تصريحات من مستشارين للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذين أكدوا أن خطوط وقف إطلاق النار قد تم تحديدها بشكل شبه نهائي. وأشار أحد المستشارين إلى أن ترامب يطمح إلى إتمام الاتفاق قبل انتهاء فترة رئاسته في 20 يناير المقبل.
من جانبها أدانت منظمة العفو الدولية “أمنستي” بشدة التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، حيث أعلنت الخميس عن نتائج تحقيقاتها التي أكدت ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في القطاع. ووفقاً للتقرير، تعتبر هذه المرة الأولى التي تُوثق فيها المنظمة جريمة إبادة جماعية أثناء نزاع مستمر.
وقد خلصت المنظمة في تقريرها إلى أن “إسرائيل تواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية دون محاسبة” مشيرة إلى أن الهجمات الإسرائيلية تستهدف المدنيين بشكل متعمد وتهدف إلى تدمير الحياة في غزة بشكل كامل.
في تقرير مفصل نُشر صباح اليوم، استعرضت المنظمة الأدلة التي توثق الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بين أكتوبر 2023 ويوليو 2024، معتبرة أن هذه الهجمات كانت بمثابة “حرب إبادة” ضد السكان الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بحوالي 2.3 مليون نسمة.
وأكد التقرير أن الجرائم الإسرائيلية لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال بسبب الهجمات التي شنتها حماس ضد المدنيين الإسرائيليين في السابع من أكتوبر 2023، بل إن مثل هذه الجرائم تعتبر تجاوزًا صارخًا للقانون الدولي.
كما جاء في تقرير “أمنستي” أن إسرائيل قد مارست أفعالًا محظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، مثل القتل العمد، التسبب في أضرار جسدية أو نفسية كبيرة، وفرض ظروف معيشية قاسية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين جسديًا ومعنويًا.
وذكرت المنظمة أن القوات الإسرائيلية قد تعمدت تعطيل وصول المساعدات الإنسانية وقطع إمدادات الطاقة، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية الأساسية في غزة. وشمل ذلك الانهيار التام لأنظمة المياه والصرف الصحي والمواد الغذائية والرعاية الصحية، مما فاقم معاناة السكان المدنيين.
وقد حذرت منظمة العفو الدولية من أن هذه الأفعال تشكل “نمطًا مستمرًا من السلوك” تقوم به إسرائيل ضمن سياق حصارها المستمر واحتلالها للقطاع، وهو ما يعكس سياسة تدمير ممنهجة للفلسطينيين في غزة.
ويعزز التقرير في استنتاجاته تصريحات سابقة من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بفلسطين، الذي أكد في تقريره الصادر في مارس الماضي أن هناك أدلة كافية للاعتقاد بأن إسرائيل قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وتعكس هذه الأدلة والتقارير تصاعد العنف والدمار الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر الماضي، في وقت تواصل فيه القوات الإسرائيلية توغلاتها البرية والجوية في القطاع.
هذا التصعيد العسكري الذي لا يبدو له نهاية في الأفق، يأتي في وقت تعقد فيه الدبلوماسية الدولية جهودها لإنهاء النزاع عبر الوساطات السياسية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحركات دبلوماسية متسارعة، حيث تسعى العديد من الدول والمنظمات الدولية لإيجاد حل للأزمة في غزة التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
ومع تزايد التحركات الدبلوماسية والضغوط الدولية، يبقى مصير قطاع غزة وحياة سكانه في مهب الريح، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتجاهل المجتمع الدولي لإيقاف هذه الجرائم.
ويبدو أن الوضع في غزة قد وصل إلى مرحلة خطيرة، حيث يتزامن التصعيد العسكري مع تحركات دبلوماسية قد تساهم في إيجاد تسوية، لكن يبقى السؤال الكبير حول مصير الفلسطينيين في القطاع وما إذا كان المجتمع الدولي سيستطيع اتخاذ خطوات حاسمة لوقف ما وصفته منظمة العفو الدولية بجريمة الإبادة الجماعية.