في مشهد يختلط فيه الفساد المالي والخيبة السياسية، يواصل حزب الوفد الانحدار إلى القاع، جاعلاً من نفسه مثالاً حيًا على الفشل السياسي والمالي الذي لا ينتهي.
يمر الحزب اليوم بأزمة غير مسبوقة على مختلف الأصعدة، حيث تتكشف كل يوم فضيحة جديدة تُضاف إلى سلسلة من الخيبات التي أدت إلى تدهور صورة الحزب أمام الشعب.
وعلى الرغم من أن الحزب كان في يوم من الأيام ركيزة من ركائز السياسة المصرية، إلا أن الفساد المستشري داخله جعل منه أداة في يد القلة من المفسدين الذين يحاولون الحفاظ على مصالحهم الخاصة في إطار من التواطؤ مع القيادات العليا التي لا تكترث بمصير الحزب ولا بالقيم التي كان يمثلها.
اليوم، يكشف موقع “أخبار الغد” أمامكم وبكل وضوح ما يجري في حزب الوفد، من عمليات نصب وأموال ضائعة، وأعضاء مستغلين لا يخدمون سوى مصالحهم الخاصة.
حيث يواجه حزب الوفد أزمة كبيرة داخل أروقة قياداته وأعضاءه، والتي جعلت من الحزب بمثابة ساحة للنصب والفساد العلني الذي طال حتى أعضائه الذين تسللوا إلى صفوفه تحت ستار المصلحة الشخصية والفردية على حساب مصلحة الحزب والوطن.
هذا الفساد الذي لا ينتهي، تمثل في أساليب من التلاعب وإهدار المال العام وسط تواطؤ من رئيس الحزب وبعض القيادات البارزة، ما أفضى إلى انهيار مستمر للهيكل الداخلي للحزب.
يتضح من خلال ما حدث طوال السنوات الماضية أن هناك أشخاصًا يعبثون بمقدرات الحزب دون أدنى مسؤولية، بينما ظل المواطنون وأعضاء الحزب الغيورون على مصيره في حالة من الصمت عن هذا العبث المدمر.
لقد مرّ خمسة أعوام منذ أن شهدت انتخابات الفصل التشريعي 2020-2025، والتي تم خلالها اختيار عدد من النائبات من حزب الوفد لتولي المناصب تحت قبة البرلمان، إلا أن الواقع كشف عن فساد عميق وممارسات مشبوهة لا تمت بصلة لقيم الحزب وأخلاقياته العريقة.
الأمر الذي ألقى بظلاله على مصداقية الحزب أمام جموع الشعب، وجعل من الوفد مثالاً للفشل والفساد السياسي على مرأى من الجميع.
الفساد المالي: عملية نصب علني على حزب الوفد
إن ما وقع من فساد مالي داخل حزب الوفد يثبت أن الأوضاع داخل الحزب قد تدهورت بشكل غير مسبوق، بدءًا من القضايا التي تورط فيها بعض أعضاء الحزب وحتى رئيسه، الذين استمروا في إهدار المال العام بكل شجاعة ودون الخوف من أي عواقب.
تتجلى فضيحة حزب الوفد من خلال عدد من الأعضاء الذين تورطوا في عمليات نصب مالية واضحة لم يقدموا أي شيء للحزب سوى المزيد من الفساد والإضرار بمستقبله.
واحدة من أكبر هذه الفضائح تتعلق بالنائبة سحر القاضي، التي نجحت في اختلاس مبلغ 5 ملايين جنيه من الحزب، ولم تسدد منها سوى 20 ألف جنيه فقط ما يطرح تساؤلات عدة حول دور القيادات في متابعة هذه المخالفات.
هذه الجريمة المالية التي كانت واضحة وضوح الشمس لم تجد من يوقفها أو يحاسبها، بل استمرت في ممارسة العبث والفساد حتى أظهرت جزءاً من الوجه القبيح للحزب.
لم يكن ذلك الفساد الوحيد، بل كانت هناك العديد من الحوادث المماثلة التي تورط فيها آخرون، ما يثبت أن الوفد أصبح موطنًا للنصابين والمحتالين.
في هذا السياق، أشارت “م. ص.”، إحدى الأعضاء البارزات في الحزب، إلى أن الوضع الحالي داخل الوفد لا يطاق، خاصة وأن الأموال التي تم جمعها من الأعضاء والمناصريين تذهب إلى جيوب البعض ممن لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية.
وأضافت “م. ص.” “إن الفساد المستشري داخل الحزب جعل من الوفد منبرًا لخدمة الأجندات الخاصة لأفراد لا علاقة لهم بالحزب سوى اسمها”.
وأشارت “م. ص.”، إحدى قيادات الحزب، إلى أن “الفساد داخل حزب الوفد تجاوز كل حدود المعقول، ولم يكن للقيادات أي دور في محاسبة هؤلاء الذين نهبوا أموال الحزب، بل تواطؤوا معهم للحفاظ على مصالحهم الخاصة”.
كما أكدت “م. ص.” على أن “المال العام في الحزب بات فريسة للذين لا يعرفون عن الوفد إلا اسمه، بينما هم ينتهكون كل القيم التي قام عليها”.
النائبات الفاشلات: من “خارج الوفد” إلى البرلمان
الفضيحة الكبرى تتجسد في اختيار عدد من النائبات اللواتي لم يقدموا شيئًا يذكر خلال فترة وجودهن تحت قبة البرلمان. نائبات تم اختيارهن دون أي معرفة حقيقية بالحزب أو حتى بمقره الرئيسي.
لم تكن لديهن أي فكرة عن العمل السياسي الجاد أو كيف يمثلن حزبًا بحجم الوفد. وكانت النتائج كارثية، فخلال خمسة دورات انعقاد لم تقدم أي منهن إسهامًا حقيقيًا في الحياة البرلمانية. بل كان حضورهن الشكلي مجرد محاولة لرفع أسماء لم تُسهم في أي شيء من شأنه أن يعيد الاعتبار للحزب.
فهناك العديد من النائبات اللواتي لم يكن لهن أي دور حقيقي في العمل البرلماني أو الاجتماعي حيث أشارت “م. م.”، عضو آخر في الحزب، إلى أن “هؤلاء النائبات لا يعرفن حتى العنوان الحقيقي للحزب، وكانوا مجرد أسماء تحت لافتة حزب الوفد ولم يقدموا شيئًا خلال خمس دورات انعقاد”.
ومن أبرز النائبات الذين أثيرت حولهن تساؤلات هي النائبة مى محمود أبوالنور مازن الشهيرة بـ “مى ببوح مازن”، التي كانت تعمل لصالح حزب مستقبل وطن
قبل أن تنقلب الأوضاع وتقفز إلى حزب الوفد، دون أن تكون قد أضافت أي قيمة للحزب أو لخدمة الوطن. طوال فترة عضويتها. فكل تحركاتها كانت تدور في فلك المصالح الشخصية، حسب ما ذكرته مصادر مقربة منها. حسب ما ذكرته مصادر مقربة منها ما يطرح تساؤلات عديدة عن حقيقة دوافعها للانضمام إلى الوفد
أما بالنسبة للنائبة نشوى رائف، المعروفة إعلامياً بنائبة الغش فهي واحدة من أكثر الأسماء التي أثارت الجدل داخل الحزب، حيث لا يمكن أن يُطلق عليها بأنها أحد ممثلين عن الحزب، فحسب العديد من الأعضاء الذين عاصروا فترة وجودها، لم تسجل أي حضور فاعل في اجتماعات الحزب أو في الأعمال البرلمانية طوال فترة عضويتها.
في نفس السياق، نذكر أيضًا “أميرة أبوشقة”، ابنة رئيس الحزب السابق، التي تعتقد أن الوفد ملكية وراثية لها، وأنه يجب أن يظل تحت سيطرتها.
هي الأخرى لم تقدم أي شيء للحزب، بل كان هدفها الوحيد هو الاستفادة من وجودها داخل الحزب لتحقيق مصالحها الخاصة.
قيادات الوفد: تواطؤ وحماية للفاسدين
لقد استمر الوضع داخل حزب الوفد في التدهور، ليس فقط بسبب الممارسات المشبوهة لأعضائه ولكن أيضًا بسبب التواطؤ من قبل قيادات الحزب التي لم تتحمل مسؤولياتها في مكافحة الفساد داخل الحزب.
حيث أكد “م. س.”، أحد أعضاء الحزب في تصريحات له، أن “القيادات تتجاهل الفساد المستشري داخل الحزب وتركت بعض الأفراد يستغلون الوضع لصالحهم، بل إنهم يحاولون التغطية على بعض الأفعال غير القانونية من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية”.
وقد أشارت “م. ف.” في نفس السياق إلى أن “حزب الوفد في حاجة ماسة إلى عملية تطهير داخلية، لاستبعاد أولئك الذين لا يعرفون سوى النصب والاحتيال”.
كما أضافت “م. م.” أن النائبات “لم تقدم أي إسهامات حقيقية في العمل السياسي، بل كانت تسعى وراء مصالحها الشخصية فقط”.
وقالت “م. ي.”، عضو آخر في الوفد، “إنه لا يمكن لحزب كبير كحزب الوفد أن يظل أسيرًا لمثل هؤلاء الذين لا يعرفون ما معنى العمل الحزبي الحقيقي”.
هروب القيادات ومسؤوليات رئيس الحزب
أحد أبرز الملفات التي أثارت الجدل على مدار السنوات الماضية هو مسؤولية رئيس حزب الوفد، الذي يواجه اتهامات بالإدارة الفاشلة والفساد المستمر.
ووفقًا لتصريحات عدد من أعضاء الحزب، فإن رئيس الوفد لم يتخذ أي خطوات ملموسة لوقف هذا التدهور، بل على العكس فقد ظل يتلاعب بالأمور ويغض الطرف عن العديد من القضايا المتعلقة بإهدار المال العام وتسلل النصب إلى صفوف الحزب.
وقد أشار “م. ع.”، أحد قيادات الحزب في أحد تصريحات له، إلى أن “القيادات داخل الحزب لم تتحمل مسؤولياتها في حماية سمعة الوفد.
بل إن رئيس الحزب ترك الأمور تتدهور بشكل مخيف في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكون هو الحامي الأول للحزب من الفساد”.
وأضاف قائلاً: “كان من المفترض أن يتم التعامل مع هذه الحالات بحزم شديد، إلا أن معظم القيادات تغاضت عن الفساد، بل بعضهم شارك فيه بشكل أو بآخر”.
الفساد المستشري: تواطؤ قيادات الحزب
من المؤكد أن الفساد لا يقتصر على الأعضاء فقط، بل يمتد ليشمل بعض القيادات التي لم تتحمل مسؤولياتها، بل كانت شريكًا في التغطية على العديد من هذه الانتهاكات.
يتجلى هذا التواطؤ في طريقة إدارة الحزب التي لم تكن شفافة ولم تُحاسب أي من الأعضاء المتورطين في قضايا فساد.
بل إن رئيس الحزب، الذي كان من المفترض أن يكون الحامي الأول لمقدرات الحزب، لم يتخذ أي إجراءات فعالة لوقف الانهيار الذي أصاب الوفد من الداخل.
أكد “م. ع.”، أحد القيادات البارزة في الحزب، أن “رئيس الحزب كان يغمض عينيه عن الفساد المستشري داخل الحزب ويترك الأمور تزداد سوءًا، بل إن بعض القيادات العليا كانت تشارك في هذه الممارسات الفاسدة، ما جعل الحزب يتعرض لأزمات متتالية”.
وأضاف “م. س.”، عضو آخر، أنه “لو كان هناك أي نوع من المحاسبة الصارمة داخل الحزب لما وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة من الفساد والفشل”.
قصص النصب والاختلاس: الأمثلة تتوالى
إضافة إلى النائبات المذكورات، لا يمكننا أن ننسى الحكاية الشهيرة لـ شيرين طايل، التي قام زوجها بسحب شيك وسط ضجة إعلامية، مدعيًا أن زوجته لن تترشح في الانتخابات القادمة رغم أن هناك اتفاقًا بينهما على خوض الانتخابات بديلًا له، وكان من المفترض أن يسدد 5 ملايين جنيه لصالح الحزب، ولكنه لم يفعل.
هذه الحكاية أثارت موجة من الاستهجان بين أعضاء الحزب الذين أكدوا أن هذه الحوادث تعكس حالة من الفوضى والارتباك داخل الحزب، وتؤكد على أن الوفد قد أصبح ملاذًا للمحتالين والنصابين.
أما بالنسبة لمها شعبان، فقد أصبحت رمزًا من رموز فضائح الحزب، حيث قامت بنشر فضائح الحزب في العديد من المحافل الإعلامية، مما أساء إلى سمعة الوفد وجعلها في مرمى نيران الانتقادات الشعبية.
تصحيح المسار: إصلاح الحزب أم استمراره في الفساد؟
في ضوء هذه الفضائح المتوالية والانتهاكات التي أدت إلى انهيار الحزب، لا بد من إجراء تغيير جذري في حزب الوفد. فقد أكدت “م. م.” في ختام حديثها على ضرورة استبدال بعض القيادات الفاشلة في الحزب والابتعاد عن النائبات اللواتي لا يمثلن الحزب إلا في الاسم فقط.
وقالت “إن الفترة القادمة في حاجة إلى تجديد دماء داخل الوفد، على أن يتم اختيار قيادات جديدة تكون قادرة على النهوض بالحزب وتفعيل دوره السياسي والاجتماعي”.
كما طالبت “م. س.” بضرورة إنهاء هذه الحقبة التي يعيشها الحزب، مشيرة إلى أن “الوفد بحاجة إلى سيدات وفد حقيقيات، مثل فاتن رضوان، وماجدة صالح، وأمل رمزي، وأميمة عوض، وهالة الملاح، ليقمن بدورهن في بناء حزب قوي ومتجدد يستطيع أن يواجه التحديات السياسية القادمة”.
إن الوفد بحاجة إلى تغيير جذري يتمثل في قيادة واعية ونائبات حقيقيات يمثلن الحزب في أفضل صورة، بعيدًا عن الانتهازيين والفساد المالي الذي أصبح يهدد مستقبله السياسي.