تقاريرصحافة دولية

إيران تأمر بإجلاء دبلوماسييها وعسكرييها من سوريا في خطوة مفاجئة

أوردت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها أن إيران قد أصدرت تعليمات بإجلاء عدد من دبلوماسييها وعسكرييها من سوريا في خطوة غير مسبوقة تأتي في وقت حساس بالنسبة للمنطقة.

هذه التعليمات شملت أيضا إجلاء أفراد من قوات فاطميون الأفغانية التي تدعمها إيران وكذلك أفراد من الحرس الثوري الإيراني، وتضمنت العملية وسائل النقل البرية والبحرية والجوية.

هذه التحركات أثارت تساؤلات حول مستقبل الوجود الإيراني في سوريا والسيناريوهات المحتملة التي قد تنجم عنها في المستقبل القريب.

الإجلاء يشمل عدة مجموعات من القوات الإيرانية

بحسب مصادر إيرانية وإقليمية، فإن الإجراءات التي تم اتخاذها تشمل إجلاء قوات فاطميون وهي ميليشيا أفغانية تم تجنيدها ودعمها من قبل إيران، وكذلك أفراد من الحرس الثوري الإيراني الذي يُعتبر جزءًا أساسيًا من الحضور العسكري الإيراني في سوريا.

عملية الإجلاء تتنوع وسائلها بين البرية والبحرية والجوية لتشمل مواقع مختلفة في سوريا، وذلك في خطوة قد تعكس تغيرًا في الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة.

تشير المعلومات إلى أن هناك تكثيفًا للجهود الرامية إلى نقل هؤلاء الأفراد إلى مناطق مختلفة في المنطقة، وربما إلى إيران نفسها.

هذا الإجراء أثار شكوكًا حول ما إذا كان هذا التحرك هو بداية لتقليص الوجود الإيراني في سوريا أو مجرد عملية لإعادة التموضع في ظل الضغوطات المستمرة من القوى الغربية والإقليمية.

دوافع الإجلاء والتحديات الإقليمية

السبب المباشر وراء هذه الخطوة لا يزال غير واضح تمامًا، لكن هناك عدة عوامل قد تكون دفعت إيران إلى اتخاذ هذه الإجراءات. واحدة من هذه العوامل هي التوترات المتزايدة في المنطقة، وخاصة التهديدات التي قد تواجهها قواتها في سوريا بسبب التصعيد العسكري الأخير في المنطقة.

الحضور العسكري الإيراني في سوريا كان دائمًا محل انتقاد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يعتبرون أن إيران تسعى لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي في سوريا من خلال دعم النظام السوري والميليشيات المرتبطة بها.

أيضًا، هناك القلق الإيراني من التصعيد المحتمل في ظل التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في سوريا ضد الأهداف الإيرانية، خاصة بعد تزايد العمليات الجوية التي تستهدف مواقع إيرانية وميليشيات موالية لها.

في هذا السياق، يمكن أن يكون إجلاء هذه القوات خطوة استباقية لتقليل الخسائر في صفوف قواتها وضمان أمنها في حال حدوث تصعيد أكبر.

ردود الفعل الإقليمية والدولية على هذه الخطوة

على المستوى الإقليمي، أثار هذا القرار ردود فعل متباينة. من جانب، هناك تقارير تشير إلى أن بعض الدول العربية تأخذ هذه الخطوة على محمل الجد وتعتبرها بداية لتقليص الدور الإيراني في سوريا.

على الجانب الآخر، قد يكون البعض يرى أن هذا الإجراء ليس سوى مناورة عسكرية تهدف إلى إعادة تنظيم قوات إيران في سوريا دون إحداث تغييرات استراتيجية كبيرة.

من ناحية أخرى، فإن التحركات الإيرانية لم تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تشمل أيضًا جانبًا دبلوماسيًا مهمًا. من المعروف أن إيران كانت دائمًا على اتصال مع النظام السوري وداعمة له على مختلف الأصعدة.

ولذلك فإن هذا الإجلاء قد يكون له تأثير على العلاقات بين طهران ودمشق، وقد يطرح تساؤلات حول مدى استمرارية هذا الدعم الإيراني على المدى الطويل.

أما على الصعيد الدولي، فإن العديد من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة ترى في هذا الإجراء خطوة إيجابية نحو الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.

واشنطن وروسيا وكذلك بعض الدول الأوروبية أكدت على ضرورة تقليص الدور الإيراني في سوريا باعتباره تهديدًا للأمن الإقليمي.

تأثيرات هذه الخطوة على الوضع في سوريا

من المتوقع أن يكون لهذا الإجلاء تأثيرات كبيرة على الوضع العسكري والسياسي في سوريا. فإيران كانت تعتبر الحليف الأساسي للنظام السوري خلال سنوات الحرب،

وتمكنت من تعزيز وجودها العسكري في البلاد من خلال ميليشياتها المختلفة مثل حزب الله اللبناني وميليشيات فاطميون والزهراء وغيرها من القوات التي تدعمها طهران.

لكن مع التحولات الأخيرة في المنطقة، قد يكون هذا الإجراء علامة على إعادة ترتيب الأوراق العسكرية والسياسية. الإجلاء قد يشير إلى أن إيران قد تكون بصدد تقليص وجودها المباشر على الأرض السورية والتركيز على دعم النظام السوري من خلال وسائل أخرى أقل تعرضًا للخطر المباشر.

السيناريوهات المستقبلية

من غير الواضح بعد ما إذا كانت إيران ستواصل تقليص وجودها في سوريا بشكل تدريجي أو إذا كانت هذه الخطوة مجرد عملية عسكرية وقتية. لكن المؤكد أن هذه التحركات قد تؤثر على توازن القوى في المنطقة.

في حال استمرت إيران في تقليص وجودها العسكري، فقد تشهد سوريا تحولًا في ديناميكيات الصراع، بما في ذلك تزايد تأثير القوى الأخرى مثل روسيا أو تركيا أو حتى الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، إذا قررت إيران العودة إلى تعزيز وجودها في سوريا، قد يشهد الوضع العسكري مزيدًا من التصعيد، خاصة مع استمرار الضغوط الدولية والإقليمية ضد طهران.

إن قرار إيران بإجلاء قواتها العسكرية والدبلوماسية من سوريا يعكس مرحلة جديدة من التحولات في السياسة الإيرانية تجاه المنطقة.

بينما يثير هذا القرار الكثير من الأسئلة حول دوافعه وتداعياته المستقبلية، فإن تأثيره على الوضع في سوريا وعلى العلاقات الإقليمية والدولية سيظل موضوعًا حيويًا في الأيام القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى