جمعني لقاء عابر مع زميل محامٍ في أحد المقاهي الذي التقينا به صدفة، وهو من متابعيّ الكرام، وبعد التحية والسلام، سألني هل لا تزال مستمرًا في ملف حقوق الإنسان؟ وتعجبت حقيقة من سؤاله!!! لذلك صفت لحظة بيني وبين نفسي، وتردد صدى سؤاله بعقلي الباطن، ووصل لنقطة حساسة جدا بالنسبة لي وهي نقطة العمل في مجال حقوق الإنسان الذي يعتبره البعض مجرد هواية أو رغبة يمارسها وقت فراغه، أو مجرد مخبر ينقل نشاط الناشطين في مجال حقوق الإنسان، ماذا قال فلان؟ وأين ذهب؟ ومع من تواصل؟ وما هو التقرير الذي كتبه؟ وهلم جر من متابعة.
أنا لا ألوم من يعمل مخبرًا في مجال حقوق الإنسان؛ لأن هذه وظيفته ومهمته المكلف بها التي يتقاضى من أجلها راتبه، ولديه أسرة يريد إطعامها، وهناك نوعية من المتاجرين بملف حقوق الإنسان، يمارسونها كرغبة مؤقتة أو هواية فهؤلاء لايستمرون بنشاطهم الحقوقي ينشطون فترة ثم يختفون وما أكثرهم بساحتنا المحلية.
العمل في مجال حقوق الإنسان هو قناعة بأهمية احترام حق الإنسان، وهذه القناعة المقتنع بها فعليًّا يدفع ثمنًا قد يكون باهظا لتلك القناعة، أما من يتخذها هواية فأول ما يصل لمرحلة دفع ثمن هوايته يتخلى عنها بسرعة البرق، ويرفع شعار هو أنا اللي هاصلح الكون.
المراد شعرت بأسى بالغ من ضحالة معلومات صديقي المحامي الذي يفترض به أن يكون من أكثر الناس تحصنًا بثقافة حقوق الإنسان كونه محامي، فإذا كان هذا مستوى أستاذ محامٍ في ملف حقوق الإنسان فما بالكم برجل الشارع العادي!!!؟من لايعرف حقوقه تُنتهك حقوقه.