المعارضة السورية تحرر المعتقلين السياسيين وتسيطر على درعا بالكامل
أعلنت المعارضة السورية المسلحة سيطرتها الكاملة على محافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام السوري حيث تمكنت من دخول مركز المحافظة منذ قليل وفرضت سيطرتها على المناطق الحيوية هناك
وتأتي هذه السيطرة بعد سنوات من المعارك المستمرة بين قوات المعارضة المسلحة وقوات النظام السوري في محاولة للسيطرة على المدينة التي تعتبر رمزا لبداية الثورة السورية التي انطلقت عام 2011 واندلعت في تلك الفترة احتجاجات واسعة ضد نظام بشار الأسد في مختلف أنحاء البلاد
مدينة درعا كانت أول نقطة أشعلت شرارة الثورة عندما خرجت مظاهرات سلمية مطالبة بإسقاط النظام وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية
ولكن رد النظام كان قمعيا حيث استخدمت قوات الأمن العنف المفرط لتفريق المتظاهرين الأمر الذي أدى إلى اشتعال المواجهات المسلحة وتحولها إلى نزاع مسلح دام سنوات طويلة وخلال تلك السنوات كانت درعا ساحة للكر والفر بين قوات المعارضة والنظام
وفي هذا السياق أفادت مصادر محلية بأن المعارضة المسلحة قد تمكنت خلال المعارك الأخيرة من تحرير عدد كبير من المعتقلين السياسيين الذين كانوا محتجزين في سجن إزرع الواقع في ريف درعا الشمالي والذي يعد أحد أبرز مراكز الاعتقال في المنطقة
وأضافت المصادر أن عملية تحرير المعتقلين تمت بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام التي كانت تتولى حراسة السجن حيث تم اقتحام المبنى وتحرير العشرات من المعتقلين الذين كانوا يقضون أحكاماً بالسجن بسبب مواقفهم المعارضة للنظام
المعارضة السورية المسلحة فرضت حظر التجول في مركز المدينة بعد سيطرتها عليه بشكل كامل وأعلنت أنها ستقوم بإعادة تنظيم المناطق المحررة وتأمين الحماية للسكان المحليين في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في مناطق أخرى من البلاد وأكدت المعارضة أن السيطرة على درعا تأتي ضمن خطة أوسع لتحرير مناطق أخرى من الجنوب السوري التي لا تزال خاضعة لسيطرة النظام أو الفصائل الموالية له وتعتبر هذه الخطوة إنجازا كبيرا بالنسبة للمعارضة المسلحة التي كانت قد فقدت أجزاء كبيرة من الأراضي خلال السنوات الماضية لصالح النظام
وفي ضوء هذه التطورات أفادت تقارير إعلامية غربية بأن عائلة الرئيس السوري بشار الأسد قد غادرت البلاد قبل أيام قليلة متوجهة إلى روسيا حيث ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مصادر سورية وعربية أن زوجة الأسد وأبناءه قد سافروا إلى موسكو فيما غادر أصهاره إلى الإمارات وأضافت التقارير أن هذه التحركات جاءت على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة النظام واستمرار الضغوط الدولية على الحكومة السورية
يعتبر انسحاب عائلة الأسد من سوريا إلى روسيا خطوة مثيرة للاهتمام خاصة في ظل التقارب الروسي السوري والاعتماد الكبير من قبل النظام على الدعم الروسي خلال السنوات الماضية إذ تعد روسيا الحليف الأبرز للنظام في مواجهة المعارضة المسلحة والدعم الغربي والعربي للثوار ورغم هذا التحالف فإن مغادرة عائلة الأسد قد تفسر على أنها مؤشر على تزايد المخاوف داخل النظام من إمكانية تصاعد الأوضاع في دمشق أو انهيار قواته في جبهات أخرى
إلى جانب السيطرة على مدينة درعا تمثل هذه الأحداث نقطة تحول مهمة في الصراع السوري حيث باتت المعارضة المسلحة تستعيد بعضاً من قوتها وتعيد ترتيب صفوفها بعد فترة من التراجع وهو ما قد يؤدي إلى تغير موازين القوى في المرحلة المقبلة خصوصاً في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة مؤخراً
درعا التي كانت توصف بأنها مهد الثورة السورية أصبحت الآن بيد المعارضة المسلحة مجدداً بعد سنوات من المعارك الشرسة التي حولتها إلى مدينة أشباح بسبب التدمير والتهجير المستمرين ومع عودة سيطرة المعارضة عليها يعيد المشهد السوري نفسه إلى بدايات الثورة ويطرح تساؤلات حول مصير النظام ومستقبل سوريا في ظل استمرار النزاع الذي دخل عامه الثالث عشر
وعلى الصعيد الميداني تشير التقارير إلى أن قوات النظام قد تكبدت خسائر فادحة خلال المعارك الأخيرة في درعا حيث فقدت العديد من المواقع الاستراتيجية كما سقط عشرات الجنود بين قتيل وجريح فيما اضطر آخرون إلى الانسحاب نحو مناطق أخرى في الجنوب السوري تحت وطأة هجمات المعارضة
تأتي هذه الانتصارات للمعارضة في وقت حساس جداً بالنسبة للنظام السوري الذي يواجه ضغوطاً دولية متزايدة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي خاصة مع تصاعد الدعوات في المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب المرتكبة خلال السنوات الماضية والتي ارتبطت باسم النظام السوري بشكل كبير
السيطرة على درعا وتحرير المعتقلين من سجن إزرع يعتبران نقطة تحول كبيرة في مسار الأحداث بسوريا ويمثلان دليلاً على قدرة المعارضة المسلحة على استعادة زمام المبادرة بالرغم من كل التحديات التي واجهتها خلال الأعوام الماضية وفي ظل هذه التطورات من المحتمل أن تشهد الساحة السورية تحولات جديدة مع استمرار الصراع على السلطة بين المعارضة والنظام