شهدت الساحة السياسية في مصر في الآونة الأخيرة تحولات مثيرة للقلق، حيث أصبح حزب الوفد، الذي كان يُعتبر رمزًا للبطولة السياسية والنضال الوطني، جزءًا من “زواج عرفي” مع أحزاب حديثة العهد لا تملك إرثًا سياسيًا حقيقيًا.
هذا التحول ألقى بظلاله على مكانة الوفد، الذي كان في يوم من الأيام يشكل أحد الأعمدة الرئيسية في بناء الحياة السياسية المصرية، ليصبح اليوم في حالة من السقوط المروع، حيث يعجز عن الحفاظ على تاريخه وإرثه وسط موجات الفوضى السياسية.
كان حزب الوفد دائمًا يشكل مصدر فخر للمصريين بفضل تاريخه العريق الذي يمتد لعدة عقود، حيث قاد التيار الوطني وكان له دور كبير في صناعة القرار السياسي في البلاد.
لكن في الوقت الحالي، يبدو أن الوفد قد تحول إلى مجرد “ديكور سياسي” في زواج لا يمكن وصفه إلا بـ”العرفي” مع أحزاب صغيرة لا تمتلك قاعدة جماهيرية أو مشروعًا سياسيًا واضحًا.
هذه الأحزاب، التي ظهرت فجأة دون خلفية تاريخية أو تأثير يذكر، بدأت تستغل اسم الوفد وتاريخه لمصالحها الشخصية الآنية، وكأنها “ركب موجة” لتخفي وراء هذا التاريخ العريق فشلها في تقديم أي شيء حقيقي.
ما كان يُعتبر في الماضي رمزًا للثبات والنضال في السياسة المصرية، أصبح اليوم مجرد أداة في يد أحزاب صغيرة لا تمتلك أي هوية سياسية قوية.
يبدو أن الوفد قد وقع في فخ “زواج عرفي” مع هذه الأحزاب التي تفتقر إلى المبادئ والأهداف السياسية المستدامة. هذه الأحزاب، التي تسعى لتحقيق مكاسب سريعة، لا تملك رؤية واضحة لمستقبل مصر، بل تركز فقط على الحضور المؤقت والبحث عن مواقع قوة سياسية دون أي تأثير حقيقي.
تتجلى النتيجة في تهميش مكانة الوفد واستهلاك تاريخه. الحزب الذي كان يومًا ما يقود الأمة بحكمة ورؤية استراتيجية أصبح الآن مجرد شريك في صفقات سياسية مع أحزاب “صغيرة” ليس لها وجود دائم.
هذا التآلف غير المتكافئ يهدد بتدمير هوية الوفد، حيث يتحول إلى أداة فاعلة في لعبة سياسية سطحية لا تحترم تاريخه أو مكانته. وكأننا أمام مسرحية هزلية، فيها الوفد هو “العريس المكرَه” بينما يلعب الآخرون أدوارًا تافهة بلا معنى.
منذ عقود، كان الوفد يشكل أحد أركان الحياة السياسية المصرية، يقود السفينة السياسية بحنكة ودراية. أما اليوم، فقد تحول إلى مجرد ديكور في مسرح سياسي مملوء بالتضارب وعدم الاستقرار. من خلال تحالفاته مع أحزاب صغيرة تبحث عن مكاسب سريعة، فقد الوفد مكانته وسمعته التي كان يحظى بها.
وكأن الوفد قد أصبح أداة تستخدم لتحقيق مصالح ضيقة، بينما يبقى تاريخه السياسي العريق في الخلف، يختفي تدريجيا أمام هذه الأحزاب العابرة.
من المؤسف أن نرى حزب الوفد في موقف الضحية، حيث يظهر وكأنه يلتزم بهذا الزواج العرفي مع أحزاب دخيلة فقط للحفاظ على وجوده في الساحة السياسية.
الأحزاب الصغيرة التي تستفيد من اسم الوفد وتاريخه، لا تملك القدرة على تقديم مشاريع حقيقية أو حلول للمشكلات التي يعاني منها الشعب المصري. كما أن هذه الأحزاب، التي لا تمتلك أي رؤية سياسية أو استراتيجية، تواصل استخدامها للوفد في لعبة سياسية لن تؤدي إلا إلى تدمير آخر ما تبقى من إرثه.
يظل السؤال الأبرز: هل يستطيع الوفد استعادة مكانته بين هذه الأحزاب التي تسيطر على الساحة السياسية؟ الإجابة تبدو صعبة، خاصة في ظل هذه الحالة من الفوضى والتهديدات التي يواجهها الحزب.
إذا استمر الوفد في هذا المسار، فمن المحتمل أن يتحول إلى مجرد تمثال عتيق، تديره مجموعة من السياسيين الذين لا يعرفون كيف يرممون تاريخه أو يحيون إرثه.
حيث يبدو أن ما يحدث اليوم هو بمثابة كارثة سياسية بكل المقاييس. الوفد، الذي كان يمثل فخرًا واعتزازًا في الماضي، أصبح اليوم مجرد أداة في يد أحزاب سياسية تافهة تبحث عن مكاسب آنية.
إذا استمر الوفد في هذا المسار، فإن نهاية “الزواج العرفي” ستكون “طلاقًا سياسيًا” غير رسمي، حيث سيبقى كل طرف يبحث عن مصالحه الخاصة، تاركًا تاريخ الوفد يتلاشى تدريجيًا في غياهب النسيان.