تقاريرمصر

حكومة مدبولي تواصل الفساد بتخصيص أراضٍ للجيش في شمال سيناء على حساب المواطنين

في خطوة أخرى تؤكد على تفشي الفساد الحكومي وتهجير المواطنين لصالح مصالح الجيش الخاصة، وافقت حكومة مصطفى مدبولي للمرة الثانية خلال شهرين على تخصيص أراضٍ مملوكة للدولة في منطقتي رابعة وبئر العبد بمحافظة شمال سيناء لصالح جهاز “مستقبل مصر” التابع للجيش المصري، وذلك تحت ذريعة استخدامها في أنشطة الاستصلاح والاستزراع.

القرار الأخير جاء ليشمل 7 قطع أراضٍ بإجمالي مساحة 87.4 ألف فدان، إضافة إلى 5 قطع أخرى بإجمالي مساحة 21.2 ألف فدان، وقطعتين إضافيتين بإجمالي مساحة 47.4 ألف فدان، ليصل إجمالي المساحة المخصصة إلى 155.8 ألف فدان.

وفي سياق مشابه، قبل أقل من شهرين، وافق مجلس الوزراء المصري على قرار مماثل بتخصيص أكثر من 47.4 ألف فدان في منطقتي رابعة وبئر العبد لصالح جهاز مستقبل مصر، ليصل مجموع المساحات التي تم تخصيصها في تلك المنطقة نحو 203 آلاف فدان.

هذه المساحات الشاسعة التي تم تحويلها بشكل غير قانوني لصالح الجيش تتجاوز الحاجة الفعلية للاستصلاح والاستزراع وتزيد من هيمنة الجيش على الأراضي الزراعية في المنطقة، مما يثير المزيد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذه القرارات المشبوهة.

إن ما يحدث في شمال سيناء ليس إلا جزءًا من عملية مستمرة تندرج ضمن سيطرة الجيش على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والصحراوية في مصر، في وقت يعاني فيه المواطنون المصريون من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتزايد معدلات الفقر.

فقد تم إنشاء جهاز “مستقبل مصر” بناءً على قرار رئيس الجمهورية رقم 591 لسنة 2022، الذي نص على استصلاح مليون ونصف المليون فدان من الأراضي الصحراوية، وهو مشروع ضخم تم الإعلان عنه لتحسين الوضع الزراعي والاقتصادي في البلاد.

لكن على أرض الواقع، أصبح هذا الجهاز أداة لتعزيز هيمنة الجيش على الأراضي الصحراوية والزراعية، بما يساهم في تهجير المواطنين من أراضيهم.

العدد الكبير من الأراضي التي تم تخصيصها للجيش خلال السنوات الماضية يعكس اتساع دائرة فساد الحكومة المصرية وتواطؤها مع المؤسسة العسكرية على حساب الشعب.

فعلى الرغم من إعلان الحكومة عن مشاريع ضخمة للاستصلاح الزراعي، إلا أن جميع هذه المشاريع قد باتت في يد الجيش، مما حرم المواطنين من الاستفادة من الأراضي المتاحة، وأدى إلى تهجير آلاف العائلات من مناطقهم في شمال سيناء منذ عام 2014.

هذه السياسات أدت إلى تفريغ العديد من مدن وقرى شمال سيناء من سكانها، مما يعكس سياسة التجويع والتهجير التي يتبعها النظام في مواجهة السكان المدنيين.

إن عملية تخصيص الأراضي للجيش لا تقتصر على شمال سيناء فقط، بل تشمل العديد من المناطق الأخرى في مصر. ففي قرار آخر أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية عام 2023، قضى بتخصيص أراضٍ صحراوية تبلغ عمقها كيلو مترين كاملين على جانبي 31 طريقًا رئيسيًا لمصلحة الجيش، ما يمنح المؤسسة العسكرية أكبر حصة من الأراضي القابلة للاستثمار والتطوير في البلاد.

هذا القرار جعل الجيش أكبر مالك للأراضي الصالحة للزراعة والاستثمار، وأدى إلى تفوقه على الحكومة والهيئات المدنية وكذلك المستثمرين، ما يعكس تحكم الجيش في مفاصل الاقتصاد المصري.

مما لا شك فيه أن هذه القرارات التي تركز السلطة الاقتصادية والعسكرية في يد الجيش تتناقض مع مصالح الشعب المصري. إذ أن هذه السياسات تساهم في تفاقم الفساد وغياب الشفافية، حيث يتم منح الجيش أفضلية غير عادلة على حساب التنمية الحقيقية في البلاد.

في حين أن معظم الأراضي المخصصة للجيش لا يتم استثمارها بشكل فعال لخدمة الشعب المصري، بل يتم استخدامها لتعزيز القوة العسكرية وتوسيع سيطرة الجيش على الاقتصاد الوطني.

يُظهر الوضع الحالي في مصر أن الحكومة المصرية تحت قيادة مصطفى مدبولي تتحمل المسؤولية الأكبر في تفشي الفساد وتعزيز الهيمنة العسكرية على جميع قطاعات الاقتصاد. وتستمر الحكومة في اتخاذ قرارات من شأنها تقوية الجيش على حساب المدنيين والمستثمرين، في الوقت الذي يواجه فيه المواطنون ظروفًا اقتصادية صعبة.

الحكومة تتغاضى عن أي محاسبة للجيش وتستمر في تسهيل إجراءات تخصيص الأراضي لمصلحة المؤسسات العسكرية، مما يعكس فشلًا ذريعًا في إدارة الموارد الوطنية لصالح الشعب.

من الواضح أن هذا التوجه الحكومي ليس في مصلحة المواطنين، بل هو تكريس لاستبداد السلطة العسكرية واحتكارها لكل ما يمكن أن يعود بالنفع على الشعب. فبدلاً من استخدام هذه الأراضي في مشاريع تنموية حقيقية تعود بالفائدة على جميع المواطنين، يتم استغلالها لتوسيع نفوذ الجيش على حساب الأمن الغذائي الوطني ورفاهية المواطنين.

تزايد الأراضي المخصصة للجيش في شمال سيناء وغيرها من المناطق المصرية هو مؤشر خطير على تراجع الديمقراطية وزيادة الفساد، وهو أمر يستدعي وقفة حاسمة من قبل المواطنين والمجتمع الدولي للضغط على الحكومة المصرية لإعادة توجيه السياسات نحو تنمية شاملة ومساواة حقيقية لجميع أفراد الشعب.

ولا يمكن تجاهل أن الحكومة المصرية تحت قيادة مصطفى مدبولي قد فشلت في إدارة ملف الأراضي بطريقة شفافة وعادلة، وهي تسهم بقراراتها في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بينما تظل السلطة العسكرية تكتسب المزيد من القوة والنفوذ على حساب الشعب المصري.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى