توغل فصائل المعارضة السورية في مدينة حماة بعد سلسلة انتصارات استراتيجية
بدأت فصائل المعارضة السورية المسلحة توغلاً في مدينة حماة عقب سلسلة من الانتصارات التي حققتها على أطراف المدينة وفي المناطق المحيطة بها. ووفقاً لإدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة، والتي تدير عملية “ردع العدوان”، فقد تم السيطرة على عدة مواقع استراتيجية على حدود المدينة، وهو ما يعكس تقدمًا كبيرًا في الميدان.
في محور الشمال الغربي لمدينة حماة، تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على بلدة خطاب الاستراتيجية، التي تعد نقطة محورية في الخطوط الدفاعية للنظام السوري في تلك المنطقة. وهذه السيطرة تعد إنجازًا مهمًا في سياق العملية العسكرية، إذ تسهم في تعزيز وجود المعارضة في محيط المدينة وتحقيق التفوق على الأرض.
كما تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على عدة بلدات وقرى في ريف حماة الشرقي، ومنها بلدة السعن التي كانت تشكل نقطة فصل بين قوات النظام وفصائل المعارضة. كما شملت سيطرة المعارضة عدداً من القرى الهامة مثل سروج ومعسكرها وشيخ هلال والمباركات ورسم البغل وعويجة والعيور وكاسون الجبل، وهو ما يمثل تقدماً كبيرًا في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام سابقًا.
الانتصارات التي حققتها فصائل المعارضة على تخوم حماة، لم تقتصر فقط على هذه البلدات، فقد تم الإعلان في وقت سابق عن السيطرة على عدة مواقع أخرى في محيط المدينة. من بين هذه المواقع كانت مدرسة المجنزرات واللواء 87، وهو ما يعزز من قدرة فصائل المعارضة على الضغط على قوات النظام في مناطق مختلفة من حماة. وتأتي هذه الانتصارات وسط تصعيد عسكري من قبل النظام السوري، حيث أفادت تقارير ميدانية بأن المروحيات العسكرية التابعة للجيش السوري قامت بشن غارات جوية على مواقع تابعة للمعارضة في قرية معردس الواقعة شمال المدينة.
وفيما يتعلق بتداعيات التصعيد العسكري في حماة، أكدت مصادر ميدانية لوكالة الأناضول أن الحكومة السورية بدأت اتخاذ إجراءات احترازية في المدينة، حيث قامت بإفراغ المصارف ومكاتب الصرف من الأموال والموارد المالية. هذه الخطوة تعكس القلق المتزايد لدى الحكومة السورية من تقدم فصائل المعارضة في المنطقة واحتمالية حدوث تغيير جذري في موازين القوة.
وفي سياق متصل، أكدت فصائل المعارضة المسلحة إصابة قائد القوات الخاصة في جيش النظام، سهيل الحسن، جراء استهداف اجتماع كان يعقده في جبل زين العابدين الاستراتيجي، والذي يقع بالقرب من مدينة حماة. تعتبر هذه الضربة ضربة معنوية كبيرة للنظام، خاصة أن الحسن يعد من أبرز القادة العسكريين الذين يشرفون على العمليات في المناطق الوسطى والشمالية من سوريا. إصابته في هذا الوقت الحساس قد تؤثر بشكل كبير على سير العمليات العسكرية في المنطقة.
مع كل تقدم تحققه فصائل المعارضة في محيط مدينة حماة، تزداد المخاوف من تصعيد أكبر في الصراع، خاصة في ظل التحركات العسكرية المتسارعة من جميع الأطراف. فالنظام السوري لا يزال يرفض التراجع عن محاولاته لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدها لصالح المعارضة المسلحة، بينما تواصل هذه الأخيرة تعزيز مواقعها على الأرض من خلال سلسلة من الانتصارات الميدانية التي تؤكد قوتها واستراتيجيتها المحكمة.
لقد أصبح واضحًا أن معركة حماة تمثل نقطة تحول مهمة في مسار الصراع السوري، وأن ما يحدث على أرض الواقع في هذه المنطقة قد يكون له تأثير كبير على مستقبل الصراع في عموم سوريا. في هذه المعركة، لا تقتصر أهمية الانتصارات على كونها انتصارات ميدانية فقط، بل تحمل في طياتها رسائل سياسية وعسكرية من فصائل المعارضة بأن لديها القدرة على تغيير موازين القوى على الأرض.
ومع استمرار العمليات العسكرية، يبقى السؤال حول مدى قدرة النظام السوري على استعادة هذه المواقع التي فقدها لصالح المعارضة. وهل سيواصل التصعيد العسكري في المنطقة في محاولة للتعويض عن خسائره، أم أن الفصائل المعارضة ستواصل تقدمها وتحقق مزيدًا من الانتصارات التي قد تقلب موازين القوى في سوريا لصالحها؟
الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير مدينة حماة ومستقبل العمليات العسكرية في هذه المنطقة الحيوية التي طالما كانت ساحة صراع محتدم بين مختلف الأطراف السورية.