تقاريرمصر

تقرير رقابي يكشف فسادًا وإهدار 16 مليون جنيه في قطاع كهرباء مصر

كشف تقرير صادر عن إحدى الجهات الرقابية عن حجم الفساد المستشري في قطاع الكهرباء بمصر، مؤكداً أن هناك إهدارًا ضخمًا للأموال العامة في قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع.

التقرير يسلط الضوء على العديد من الوقائع التي تشير إلى تورط مسؤولين في عمليات فساد مالي وفني أدت إلى خسائر جسيمة تمس المال العام، وهو ما يتطلب تدخلًا سريعًا وحاسمًا من وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت، من أجل اتخاذ قرارات شجاعة للحد من هذا الفساد وضمان استعادة الأموال المهدورة.

إهدار 16 مليون جنيه في عقد شركة البابطين

تصدرت قضية شركة البابطين قائمة الفضائح المالية، حيث تم إهدار 16 مليون جنيه على أبراج كهرباء مركونة في محطة كهرباء القاهرة بقدرة 500 كيلو فولت رغم أن هذه الأبراج كانت غير مستخدمة.

ورغم حجم المبلغ المهدور، لم يتخذ رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، جابر دسوقي، أي قرار بعزل المتورطين في هذا الفساد أو إحالتهم إلى النيابة العامة. بل تم ترقيتهم ودعمهم، مما يثير علامات استفهام كبيرة حول جدية الرقابة والمحاسبة في هذا القطاع.

إهدار 11.5 مليون جنيه في مشروع مبنى المنيا

وتتواصل الوقائع التي كشفت عنها التقارير الرقابية، حيث شهد مشروع مبنى المنيا إهدارًا لأموال بلغ 11.5 مليون جنيه. بالإضافة إلى ذلك، تمت الإشارة إلى محطات محولات كهرباء تم نسيان تسجيلها خلال عملية الجرد، وهو ما يعكس تقاعس المسؤولين في إدارة هذه المنشآت.

وفي حادثة أخرى، تم تعديل مسار أحد خطوط الكهرباء بعد اكتشاف أن الأبراج المزروعة في مخرات السيول، مما أدى إلى إنفاق 4 مليون جنيه دون فائدة حقيقية.

إهدار 4 مليون جنيه في عملية تكويد مخازن المنطقة الجنوبية

أما في منطقة الجنوب، فقد تم اكتشاف عملية أخرى تم فيها إهدار 4 مليون جنيه في عملية تكويد مخازن. ورغم أن البرنامج المستخدم في هذه العملية لم يعمل، إلا أن الموظفين في تلك المنطقة استخدموا الأجهزة الكمبيوترية في تطبيقات مثل “الفيسبوك” و”واتساب” بشكل غير لائق.

وعندما علم جابر دسوقي بهذه الواقعة، اتصل برئيس المنطقة الجنوبية لمعرفة من قام بتسريب هذه المعلومات بدلاً من أن يتخذ إجراءات قانونية للتحقيق في الفساد الذي أهدر أموال الدولة.

قضية شركة السويس للصلب: 383 مليون جنيه مديونية

كما كشف التقرير عن قضية شركة السويس للصلب، حيث تراكمت المديونيات المستحقة للشركة القابضة لكهرباء مصر بمبلغ 383 مليون جنيه بسبب عدم تحصيل قيمة التيار الكهربائي المبيع لها خلال فترات الذروة.

ورغم المخالفات المالية والفنية الجسيمة التي شابت التعاقد مع الشركة، كانت إجابة رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، جابر دسوقي، أن المشكلة قيد الدراسة من وزيري الكهرباء والأعمال وقتها، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات حاسمة لحل الأزمة.

خسارة 838 ألف جنيه في قضايا قانونية

من جهة أخرى، تم الكشف عن خسارة بلغت 838 ألف جنيه جراء استئناف رقم 2956 لسنة 2010 الصادر ضد شركة المقاولين العرب بمنطقة القناة في 11 أبريل 2012.

بالإضافة إلى هذه الخسائر، كان هناك فوائد قانونية بلغت 59 ألف جنيه نتيجة لتقاعس الشركة المصرية لنقل الكهرباء عن التمسك بحقها أمام محكمة التحكيم، مما أدى إلى تراجع موقفها القانوني.

5.433 مليون جنيه مديونيات لشركة بهارات الهندية

كما تمت الإشارة إلى مديونيات تقدر بحوالي 5.433 مليون جنيه تتعلق بشركة بهارات الهندية منذ عام 2006، نتيجة لمصاريف حراسة وأرضيات ورسوم جمركية وبدلات سفر تم دفعها عن توريد محولات كهربائية.

رغم وجود خطابات ضمان بقيمة 21.589 مليون جنيه و18.116 مليون جنيه، لم يتم اتخاذ أي إجراءات من قبل مسؤولي الشركة القابضة لتسوية هذه المديونيات.

8 مليار يورو على مشروع خطوط الكهرباء مع شركة ستيد جريد الصينية

تستمر الفضائح المالية في قطاع الكهرباء، حيث كشفت التقارير عن إنفاق نحو 8 مليار يورو على بناء قدرات كبيرة في محطات الكهرباء الثلاث التابعة لشركة سيمنس الألمانية.

ولكن، تم تعطيل هذه المشاريع بسبب عيوب فنية في تنفيذ خطوط التفريغ التابعة لشركة ستيد جريد الصينية، التي كانت مكلفة ببناء هذه الخطوط.

ورغم أن تكلفة المشروع بلغت نحو 750 مليون دولار، فقد تبين أن هناك العديد من العيوب في الأبراج والتصميمات الخاصة بهذه الخطوط، مما أثار تساؤلات حول كيفية الموافقة على تنفيذ هذه المشاريع رغم وجود العيوب الواضحة.

مخالفات في استخدام التكنولوجيا في غسيل الأبراج

من بين المخالفات الأخرى التي تم الكشف عنها، كان هناك قضية تتعلق باستخدام التكنولوجيا الحديثة في غسيل أبراج الجهد الفائق، حيث تم استئجار طائرات هليكوبتر لتنفيذ هذه العملية منذ عام 2011 حتى الوقت الحالي (2024).

ورغم أن الشركات المعنية هي شركات مصرية مثل مصر للطيران وشركة الخدمات البترولية (PAS)، التي تملك وزارة البترول 75% من أسهمها، تم دفع ملايين الدولارات لتفعيل هذه التكنولوجيا.

في حين كان من المفترض أن تتم المعاملات بالدولار في دولة تحتفظ بالقدرة على الدفع بالجنيه المصري. وقد أدى ذلك إلى إهدار العديد من الدولارات في حين كان من الممكن استخدام العملة المحلية في هذه الخدمات.

مواجهة الفساد: دعوة للتحرك السريع

إن سلسلة الفضائح المالية والفساد في قطاع الكهرباء تتطلب تحركًا عاجلاً من قبل وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت. فالتهاون في محاسبة المتورطين في هذه الملفات يشير إلى تواطؤ ضمني مع الفساد، ويعزز من استمراره داخل القطاع.

يجب على الوزير أن يتخذ خطوات حاسمة لتفكيك مراكز القوة الفاسدة داخل الشركة القابضة لكهرباء مصر، وأن يعيد النظر في أداء المسؤولين الذين أهدرت أموال الدولة تحت إشرافهم.

كما أن هناك حاجة لإعادة تقييم جميع التعاقدات والمشاريع التي تم تنفيذها في هذه الفترة، مع ضرورة اتخاذ قرارات حازمة للمحاسبة والعقاب.

إن إصرار وزير الكهرباء على مواجهة الفساد بكل حزم ليس فقط مهمًا لإصلاح قطاع الكهرباء، بل هو أمر ضروري لحماية المال العام وضمان استدامة هذه الخدمات الحيوية في المستقبل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى