روسيا تتهم أوكرانيا بدعم هيئة تحرير الشام وتصعيد العنف في شمال سوريا
في اجتماع لمجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء، وجه السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، اتهامات مباشرة لأوكرانيا بتقديم دعم عسكري لمقاتلي هيئة تحرير الشام، الفصيل المسلح الذي يقود هجمات ضد القوات السورية في الشمال الغربي من سوريا. تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه شمال سوريا تصعيدًا عسكريًا متجددًا بعد سنوات من الهدوء النسبي.
صرح نيبينزيا أن المديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية متورطة في تنظيم الأعمال العدائية وتزويد المقاتلين في شمال غرب سوريا بالأسلحة.
وأضاف أن هناك أدلة يمكن التعرف عليها تشير إلى ضلوع أوكرانيا في دعم العمليات القتالية من خلال إرسال مدربين عسكريين لتدريب مقاتلي هيئة تحرير الشام.
هذه الهيئة، المعروفة سابقًا بجبهة النصرة والتي كانت على علاقة بتنظيم القاعدة قبل أن تعلن فك ارتباطها، تقود مع حلفائها المعارضين هجمات شرسة ضد مواقع النظام السوري.
وأكد نيبينزيا أن المقاتلين لا يخفون دعم أوكرانيا بل يتباهون به، مشيرًا بشكل خاص إلى تزويدهم بالطائرات المسيّرة. وأوضح أن هذا الدعم يتجاوز مجرد التدريب، حيث يتم استخدام الطائرات المسيّرة في الهجمات التي تستهدف القوات السورية والروسية على حد سواء.
وشدد على أن هذا التعاون العسكري بين ما وصفهم بالإرهابيين الأوكرانيين والسوريين يتم بدوافع مشتركة ضد سوريا وروسيا، مؤكدًا أن هذا التعاون يسعى أيضًا إلى تجنيد مقاتلين للمشاركة في الصراع في أوكرانيا إلى جانب القوات الأوكرانية.
السفير الروسي لفت إلى أن ما يحدث في سوريا من تصعيد هو نتيجة مباشرة لاستغلال بعض الدول للتنظيمات الإرهابية لتحقيق أهداف سياسية. وذكر أن هذا التكتيك قد يكون ناجحًا في البداية لكنه ينقلب على من يستخدمه في النهاية.
نيبينزيا لم يكتف بهذا بل أشار إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورًا في استمرار التوتر في سوريا من خلال وجودها العسكري غير الشرعي هناك، على حد قوله. واستطرد قائلاً إن هذا التصعيد العسكري الأخير يوضح الآثار السلبية لوجود الولايات المتحدة على الأراضي السورية.
على صعيد آخر، شدد نيبينزيا على أهمية استعادة الاستقرار في سوريا من خلال التنسيق مع شركاء روسيا في عملية أستانا، والتي تضم إيران وتركيا. وأكد أن هذه الدول تتشارك القلق الروسي إزاء التصعيد الأخير في حلب وإدلب.
وأعرب عن الاتفاق مع الشركاء في إيران وتركيا على ضرورة تنسيق الجهود المشتركة لاستعادة الاستقرار وضمان التهدئة في تلك المناطق التي تشهد توترات كبيرة.
الدعوة الروسية لم تتوقف عند هذا الحد، بل دعت إلى العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الموقع في مارس 2020، والذي أسفر حينها عن تهدئة نسبية في الصراع الدائر.
نيبينزيا أعرب عن ثقته بأن استعادة الأمن والسلام في سوريا يتطلب إزالة ما وصفه بالوجود العسكري غير المشروع، في إشارة واضحة إلى القوات الأجنبية التي تعمل خارج إطار القانون الدولي في الأراضي السورية.
التصعيد العسكري في شمال غرب سوريا الذي أشار إليه السفير الروسي بدأ في نهاية شهر نوفمبر الماضي، حيث أطلقت هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة متحالفة معها هجوماً مفاجئاً ضد قوات الحكومة السورية.
تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على عدد من البلدات في المنطقة الشمالية وتقدمت نحو حلب، المدينة الثانية في سوريا من حيث الأهمية.
هذه التطورات العسكرية في الشمال السوري جاءت بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي في تلك المنطقة، مما يثير المخاوف من اندلاع موجة جديدة من العنف والصراع المستمر في سوريا منذ أكثر من عقد.
هيئة تحرير الشام، التي كانت تعرف بجبهة النصرة قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، تمكنت من التقدم والسيطرة على قسم كبير من مدينة حلب وتسعى الآن للتقدم جنوبًا نحو المزيد من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
ما يزيد من تعقيد المشهد في سوريا هو تدخل العديد من الأطراف الدولية والإقليمية في الصراع. فبينما تدعم روسيا الحكومة السورية وتشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية ضد الفصائل المسلحة، تأتي الاتهامات الروسية الأخيرة لأوكرانيا بزيادة حدة التوترات، خاصة أن الحرب في أوكرانيا نفسها تشهد تصاعدًا كبيرًا بين القوات الأوكرانية والروسية.
الاتهام الروسي لأوكرانيا بدعم هيئة تحرير الشام وإرسال مدربين عسكريين يضيف بُعدًا دوليًا جديدًا للصراع السوري ويعكس مدى التشابك المعقد بين الملفات الإقليمية والدولية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتوترة، يظل التساؤل مطروحًا حول قدرة المجتمع الدولي على استعادة الهدوء في سوريا والحد من التدخلات الأجنبية التي تزيد من تفاقم الصراع.