إدراج الصابون النابلسي الفلسطيني في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو
أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية عن إدراج الصابون النابلسي في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
هذا القرار تم اتخاذه في الدورة التاسعة عشرة للجنة الحكومية لحماية التراث الثقافي غير المادي، التي تُعقد في باراجواي من الثاني حتى السابع من ديسمبر الجاري.
وهو ما يُعد تقديرًا عالميًا كبيرًا لهذا التراث الثقافي الفريد من نوعه والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ فلسطين وثقافتها.
تاريخ عريق ومكونات طبيعية
يعتبر الصابون النابلسي من أقدم الحرف التي عرفتها مدينة نابلس، والتي اشتهرت بصناعته على مر العصور. ويُصنع هذا الصابون من زيت الزيتون البكر، الذي يعد من أبرز المنتجات الزراعية التي تتميز بها المنطقة.
يتميز الصابون النابلسي بلونه الأبيض الطبيعي، الذي يجعله مختلفًا عن الأنواع الأخرى المشهورة مثل الصابون الحلبي والطرابلسي.
وكان الصابون النابلسي في الماضي جزءًا من التراث الحرفي الفلسطيني، حيث كانت نابلس تحتوي على حوالي 52 صبّانة في منتصف القرن العشرين، وهو عدد ضخم يعكس أهمية هذه الصناعة.
ولكن في الوقت الحالي، لم يتبقَ سوى أربع صبانات تعمل، في حين تم تحويل العديد من الصبانات القديمة إلى متاحف ومراكز ثقافية ومخازن للبضائع.
جهود مستمرة للحفاظ على التراث
في تعليقه على هذا الإنجاز، قال وزير الثقافة الفلسطيني عماد حمدان إن هذا الاعتراف الدولي بالصابون النابلسي يعد نتيجة لجهود متواصلة من قبل دولة فلسطين بالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية.
وأكد حمدان أن إدراج الصابون النابلسي على قائمة التراث الثقافي غير المادي يُعد دعمًا قويًا للحفاظ على هذا التراث العريق ويُسهم في زيادة الوعي العالمي حول أهميته.
وأضاف أن هذا الإنجاز يعكس ارتباط الفلسطينيين العميق بأرضهم وتاريخهم، وأنه بمثابة رمز لتحدي الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تواجههم.
التحديات الاقتصادية والتهديدات للصناعة
رغم هذه الخطوة الهامة، يعترف الوزير حمدان أن صناعة الصابون النابلسي تواجه العديد من التحديات في العصر الحديث. فقد أثرت المنافسة الصناعية العالمية على الحرف التقليدية مثل صناعة الصابون، مما جعلها تواجه صعوبة في التوسع والنمو.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني صناعة الصابون النابلسي من القيود التجارية التي تفرضها السياسات الاقتصادية على المستوى المحلي والدولي، مما يزيد من تعقيد الأمور ويصعب الحفاظ على هذه الصناعة التي كانت من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي في نابلس.
لكن رغم هذه الصعوبات، أصر حمدان على أن فلسطين لن تتوانى عن الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية التارخية. وأكد على أن الدولة الفلسطينية تعمل جاهدة على ترويج هذه الصناعة الفريدة عالميًا من خلال العديد من المبادرات التي تهدف إلى إبراز قيمة الصابون النابلسي كتراث ثقافي وإنساني.
وقد أشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تسعى لتمويل مشاريع تعليمية وورش عمل للحفاظ على هذه الصناعة وتعليم الأجيال الجديدة أسرار تصنيعها.
مستقبل صناعة الصابون النابلسي
يشير العديد من الخبراء إلى أن إدراج الصابون النابلسي على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو قد يسهم بشكل كبير في إنعاش هذه الصناعة.
إذ يعتبر هذا الاعتراف خطوة مهمة نحو حماية الحرف التقليدية الفلسطينية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. كما أن هذا التصنيف سيؤدي إلى زيادة الاهتمام العالمي بالصابون النابلسي مما قد يفتح آفاقًا جديدة لتسويقه في الأسواق العالمية.
كما أن هناك جهودًا لتطوير وتنظيم هذه الصناعة لتواكب التوجهات العالمية في مجال الحفاظ على البيئة. فالصابون النابلسي يتمتع بسمعة جيدة بفضل مكوناته الطبيعية، وقد أصبح يلقى رواجًا بين المهتمين بالمنتجات العضوية والطبيعية، مما قد يسهم في تعزيز صناعته من جديد.
التأثير الثقافي والسياسي
إدراج الصابون النابلسي على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو له تأثير ثقافي عميق، حيث يعكس روح المقاومة الفلسطينية وتشبث الفلسطينيين بهويتهم وتراثهم الثقافي رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهونها.
كما أن هذا الإنجاز يمثل تحديًا كبيرًا أمام محاولات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تهميش التراث الفلسطيني وتغيير معالمه الثقافية. إن هذا القرار يعزز من قدرة الفلسطينيين على مواجهة محاولات طمس هويتهم الثقافية ويُظهر للعالم تمسكهم العميق بثقافتهم وتراثهم، مما يعكس قوتهم وصلابتهم في مواجهة التحديات.
إن إدراج الصابون النابلسي الفلسطيني في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو يمثل إنجازًا كبيرًا يعكس الجهود المستمرة للحفاظ على التراث الفلسطيني.
كما يعزز من مكانة هذا التراث في الوعي العالمي ويُسهم في دعم صناعة الصابون النابلسي بشكل قد يساعد على النهوض بها من جديد. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها هذه الصناعة، إلا أن إدراجها في هذه القائمة يعكس التفاؤل في قدرتها على البقاء والازدهار في المستقبل.