تشهد شركات الأدوية في مصر أزمة مالية حادة نتيجة تراكم مستحقاتها التي بلغت 50 مليار جنيه، وفقًا لتقديرات رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، على عوف.
ورغم هذه المستحقات الضخمة، تواصل الشركات توريد الأدوية للمستشفيات بموجب اتفاقيات قائمة مع الهيئة المصرية للشراء الموحد، وهو ما يعكس معاناتها المستمرة للحفاظ على توفير الأدوية في السوق رغم تراكم الديون.
أما الحكومة، التي طالما تحدثت عن تخصيص مبالغ لتسوية جزء من هذه المستحقات، فقد أعلنت عن تخصيص 10 مليارات جنيه لسداد جزء من الديون المستحقة لشركات الأدوية والمستلزمات الطبية.
وبحسب التصريحات الحكومية، فإن هذا المبلغ سيتم دفعه خلال ثلاثة أسابيع، وهو ما يثير التساؤلات حول سبب تأخر الحكومة في دفع مستحقات الشركات التي طالما قدمت خدماتها دون توقف في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
رغم هذه الوعود، يبقى أن الحكومة لم تلتزم بتحقيق حلول واقعية للأزمة، بل استمرت في تسويفها وتأجيلها لمشاكل القطاع الحيوي. رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أكد أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لسداد كامل المستحقات لشركات الأدوية والمستلزمات الطبية، لكن الواقع يعكس عكس ذلك تمامًا.
فما الذي يفعله المسؤولون سوى إصدار وعود فارغة تساهم في تفاقم الأوضاع؟ كيف يمكن للمواطنين أن يصدقوا تصريحات عن حلول مرتقبة في حين أن القطاع الصحي مهدد بالانهيار بسبب الإهمال الحكومي الفاضح؟
في المقابل، كان على عوف قد أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة فشلت في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل القطاع. وقال إن الدعم الحكومي المحدود المقدم لا يكفي لمواجهة الأزمات المتزايدة، مشيرًا إلى أن الشركات تحتاج إلى المزيد من الدعم المالي لمواجهة مشاكل السيولة وتحقيق استدامة في الإنتاج.
رغم إدراج القطاع في مبادرة التمويل منخفض الفائدة بنسبة 15%، أشار عوف إلى أن الشركات كانت تأمل في الحصول على أسعار فائدة تتراوح بين 5-7%، وهو ما يعني أن الحكومة لم تستطع توفير الدعم الكافي في هذه المبادرة أيضًا.
وبينما تستمر الحكومة في تقديم وعود غير حقيقية، يواصل القطاع تطبيق زيادات تدريجية في أسعار الأدوية، وهو ما يؤثر سلبًا على المواطنين الذين يعانون من أزمة اقتصادية خانقة.
ووفقًا لما ذكره على عوف، من المتوقع أن تشمل الزيادات الشهرية نحو 100 صنف دوائي، على أن تكون الزيادة مستهدفة بحيث تكون أقل على الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، بينما تكون أكبر على الأدوية الخاصة بالأمراض غير المزمنة. هذا يعني أن الحكومة، بدلاً من معالجة أزمة السيولة والتعثر المالي للقطاع، تواصل الضغط على المواطنين عبر زيادة أسعار الأدوية بشكل مستمر.
إن الحقيقة المرة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن الحكومة المصرية تتعامل مع هذا الملف بشكل لا يعكس أي جدية أو رغبة حقيقية في إصلاح القطاع الصحي.
فالديون المتراكمة لشركات الأدوية، والتي وصلت إلى 50 مليار جنيه، تمثل فقط جزءًا من الفشل الذريع للحكومة في معالجة الأزمات الاقتصادية التي يواجهها الشعب المصري.
في وقت تحاول فيه الحكومة تقديم وعود كاذبة، يظل القطاع يعاني من نقص حاد في السيولة وتراجع حاد في القدرة على الوفاء بالالتزامات تجاه المستشفيات والمواطنين.
هذا الفساد الإداري والمالي يعكس تجاهل الحكومة المستمر لأزمة حقيقية تهدد حياة المواطنين وتؤثر على جودة الخدمات الصحية في البلاد. إن تصاعد الأزمة واستهتار المسؤولين بها يمثلان دليلًا قاطعًا على أن الحكومة تتبع سياسة التسويف والتأجيل، مع استمرارها في تطبيق الحلول الجزئية التي لا تنهي المعاناة بل تزيدها سوءًا.
ويبقى المواطن هو الضحية الحقيقية لهذه الأزمة، حيث يتحمل أعباء زيادة الأسعار التي لن تنقذ قطاع الأدوية من الانهيار.