أحزابتقارير

مصادر لـ “أخبار الغد”: حزب جديد بقيادة العرجاني للسيطرة على برلمان 2025

أثار الإعلان عن تأسيس حزب جديد في مصر العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة، خاصةً مع اقتراب انتخابات البرلمان المزمع إجراؤها في 2025. تأتي هذه التطورات وسط انتقادات حادة بأن النظام السياسي يواصل استخدام “التحالفات الموالية” كأداة لضمان السيطرة على المشهد السياسي وتعزيز الهيمنة الحكومية على البرلمان

وبحسب معلومات لـ “أخبار الغد” فإن الحزب الجديد سيكون امتداداً لاتحاد القبائل العربية الذي أسسه رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني، حيث سيشمل الحزب شخصيات سياسية وإعلامية مُقربة من النظام.

وأثار الإعلان عن الحزب الجديد انتقادات شديدة من قبل أحزاب وقوى سياسية معارضة، التي وصفت الحزب الجديد بأنه “كيان عرقي” يهدد تماسك المجتمع المصري، والهدف الوحيد من إنشائه هو دعم السلطة الحاكمة.

في المقابل، أعلن عدد من السياسيين والإعلاميين المحسوبين على النظام دعمهم للحزب، معتبرين إياه ضرورة لتعزيز أمن الدولة.

وأكد النائب مصطفى بكري، المتحدث السابق باسم اتحاد القبائل العربية، خلال برنامجه التلفزيوني عن قرب ظهور حزب جديد ، مشيراً إلى أنه سيشرف على تأسيسه شخصيات ذات صلة بالأجهزة الحكومية والإعلامية، في خطوة تتزامن مع استعدادات الانتخابات البرلمانية القادمة.

يتساءل الكثيرون عن جدوى تأسيس حزب جديد في ظل وجود عشرات الأحزاب التي لا تقدم إسهامًا حقيقيًا للحياة السياسية، حيث يسعى النظام السياسي لتكريس النفوذ من خلال تأسيس كيانات حزبية تدور في فلك الدولة، بما يخدم مصالحه على حساب القضايا الوطنية والشعبية.

قد يتساءل المواطن العادي لماذا يتم السماح بتأسيس حزب جديد في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية المصرية حالة من التشبع الحزبي وعدم التجديد الحقيقي في الحياة السياسية.

إلا أن الإجابة على هذا التساؤل لا تكون في الغالب بعيدة عن التساؤلات المتعلقة بالفساد المستشري في أروقة الحكومة والبحث المستمر عن طرق لتدعيم النفوذ السياسي على حساب القضايا الوطنية والمصلحة العامة.

يُعتبر الحزب الجديد، الذي تم الإعلان عن تأسيسه من قبل أطراف معينة في الساحة السياسية، بمثابة استمرار لسياسة النظام المصري في خلق كيانات حزبية تدور في فلك الدولة وتهدف إلى تعزيز سيطرتها على المشهد السياسي.

الحزب الجديد يعكس فشل الحكومة في إرساء قواعد ديمقراطية حقيقية، حيث يضاف إلى سلسلة الأحزاب التي ظهرت في السنوات الماضية وأظهرت تكاملها مع السلطة القائمة بشكل يفتقد للمصداقية والفاعلية.

إن الساحة السياسية المصرية لا تحتاج إلى مزيد من الأحزاب الموالية للنظام؛ بل على العكس فإن الحاجة إلى أحزاب مستقلة وفاعلة قادرة على المنافسة السياسية الحقيقية تتزايد بشكل واضح.

وعلى الرغم من دعوات بعض الأطراف المعارضة والناقدة لهذا التوجه، التي تشير إلى خطورة توسع تأثير مثل هذه الأحزاب القبلية والعائلية على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد، فإن الحكومة تبدو عازمة على تصعيد هذه السياسة المتمثلة في تقديم مزيد من الأدوات السياسية التي تضمن لها الهيمنة على البرلمان والقرارات السياسية في المستقبل.

يطرح هذا الأمر عدة تساؤلات حول كيفية تطور هذا الحزب الجديد في حال تم السماح له بالنشاط، وكيف يمكن أن يسهم في تعميق الاستقطاب السياسي على أساس عرقي ووطني في وقت حساس للغاية.

يُعتبر ظهور مثل هذه الكيانات السياسية قبيل الانتخابات القادمة بمثابة محاولة لتثبيت أقدام الدولة في المشهد الحزبي عن طريق تعزيز تأثير التيارات الموالية للنظام على حساب التيارات السياسية الأخرى.

من المؤكد أن عملية تأسيس الحزب قد تضر بالعملية السياسية أكثر مما تنفعها، إذ إنها تشكل تكراراً لتجارب فاشلة سبق وأن مرت بها الساحة السياسية المصرية في فترات سابقة،

حيث ظهرت أحزاب كانت في الواقع أداة بيد الدولة لضمان السيطرة على البرلمان، وكان من بينها كيانات مثل “في حب مصر” و”مستقبل وطن” التي كانت قد أسست بهدف تعزيز الهيمنة السياسية على المشهد النيابي في البلاد.

هذه الأحزاب، على الرغم من تظاهرها بالاستقلالية، إلا أنها في الحقيقة لا تمثل سوى واجهة لدعم سياسات النظام وتثبيت أقدامه.

حتى في الحالات التي شهدت محاولة لتقديم إشارات عن دعم الديمقراطية أو التعددية السياسية، كانت التجارب السابقة تظهر محدوديتها.

وكما حدث مع الائتلاف السياسي “في حب مصر” الذي تحول إلى “ائتلاف دعم مصر” في وقت لاحق، فإن النظام كان دائماً حريصاً على فرض هيمنته على الكيانات السياسية التي من المفترض أن تكون مستقلة.

وإذا نظرنا إلى الحالة الحالية، فإن الأمر لا يختلف كثيراً، حيث يتم تأسيس هذا الحزب الجديد في وقت تشير فيه جميع المعطيات إلى أن الحكومة تسعى لتعزيز وجودها في البرلمان القادم لضمان استمرار دعمها للسياسات الحكومية الحالية.

ومع كل هذا، يبقى السؤال الأهم: لماذا يسمح النظام بتأسيس هذا الحزب في ظل وجود العديد من الأحزاب الموجودة بالفعل على الساحة، والتي لا تُظهر أي دور حقيقي أو فاعل في معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن المصري؟

الجواب ببساطة هو أن الحكومة المصرية تعمل وفق مبدأ التحكم الكامل في المجال السياسي، وهو ما يعزز من سيطرة الحزب الحاكم ويقيد المساحات الممنوحة للأحزاب السياسية الحقيقية التي قد تهدد الاستقرار السياسي.

إن السماح بتأسيس هذا الحزب هو بمثابة فتح باب جديد من أبواب الفساد السياسي، حيث يتم استخدامه لتوسيع دائرة النفوذ السياسي لبعض العائلات والقبائل لتحقيق مصالحهم الخاصة بدلاً من تمثيل مصالح الشعب المصري.

الأحزاب السياسية في مصر، كما يراها العديد من الخبراء، يجب أن تكون أداة لتقديم بدائل سياسية حقيقية من خلال مناقشة قضايا مجتمعية واقتصادية مهمة، والعمل على تقديم حلول للأزمات الوطنية.

لكن الواقع يثبت أن معظم الأحزاب المصرية لا تسعى إلى تقديم حلول، بل تسعى إلى التكيف مع النظام القائم وتقديم الدعم له، وهو ما يُبقي على السياسات القديمة التي أدت إلى تدهور الوضع في العديد من القطاعات.

في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب المصري إلى تجديد حقيقي في الحياة السياسية، نجد أن الحكومة تستمر في سياسة إضعاف الأحزاب السياسية الموجودة بالفعل، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً في المستقبل.

الواقع المؤلم أن الحكومة المصرية لم تُظهر رغبة حقيقية في خلق بيئة سياسية حقيقية تستطيع أن تفرز كوادر سياسية قوية قادرة على التفاعل مع قضايا الناس وهمومهم.

بدلاً من ذلك، يتم اللجوء إلى الطرق القديمة لإحداث تغيير في المشهد السياسي من خلال تدشين أحزاب لا تسهم في بناء الوطن، بل على العكس تزيد من تعقيد المشهد السياسي وتحرف الأنظار عن القضايا الجوهرية التي تحتاج إلى حلول جذرية.

التأسيس الحزبي في مصر لا يعدو كونه عملية دعائية لدعم السلطة الحالية بدلاً من تعزيز الديمقراطية والشراكة الحقيقية بين المواطنين.

ويؤكد هذا السياق أهمية الإصلاح السياسي في مصر، وهو ما يستدعي فك الارتباط بين الأحزاب والسلطة التنفيذية، وإعطاء الأحزاب حرية حقيقية للعمل السياسي والمشاركة في صنع القرار.

لكن، في ظل استمرار الحكومة في فرض سيطرتها على الأحزاب وإقصاء الأحزاب المعارضة، فإن الوضع السياسي في مصر سيظل بعيداً عن التعددية الحقيقية وسيستمر في تكرار نفس الأخطاء التي أدت إلى حالة الإحباط العام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى