الحكومة المصرية تطلق طرحاً عالمياً لتطوير محيط الأهرامات والمتحف بـ 3 مليارات دولار
في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن المصري، وتفاقم المشكلات اليومية التي يعيشها الشعب، تتجاهل الحكومة المصرية ما يعانيه المواطن من مشاق حياتية لتستمر في إطلاق مشاريع وهمية لا طائل من ورائها سوى استنزاف المزيد من الموارد وتحقيق مصالح ضيقة.
هذا هو الواقع الذي تجسد من خلال التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة مصطفى مدبولي، الذي تحدث عن طرح عالمي لتطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير، من مطار سفنكس شمالاً إلى دهشور جنوباً.
تصريحات مدبولي هذه، التي تأتي في وقت يعاني فيه المصريون من أزمات خانقة، لا تعدو كونها محاولة لتسويق مشاريع لم تحقّق أي فائدة حقيقية للمواطنين حتى الآن.
مشاريع لا تحمل أي فائدة ملموسة للمواطن المصري
أعلنت الحكومة المصرية عن اهتمامها بالمناطق الأثرية المجاورة للأهرامات، واعتبرت المنطقة التي تضم المتحف المصري الكبير واحدة من أقدم وأثمن المواقع التاريخية في العالم.
لكن ما يتم تجاهله هو أن هذه المشاريع الكبرى، على أهميتها من الناحية التاريخية، لا تؤثر بشكل ملموس على تحسين حياة المواطن المصري العادي.
فكيف يمكن لطرح مشروع عالمي لتطوير محيط الأهرامات أن يكون ذا قيمة إذا كانت الخدمات الأساسية للمواطن المصري تعاني من إهمال مستمر؟ تصريحات مدبولي تشير إلى “الاهتمام الكبير” الذي توليه الحكومة لهذه المنطقة، لكنها تخفي حقيقة أن هذه المشروعات السياحية ليست سوى أداة لخدمة رجال الأعمال المرتبطين بالنظام، الذين يحققون أرباحًا على حساب الشعب المصري.
الحكومة تعلن عن استراتيجيات وهمية لتحسين السياحة
في خطوة أخرى لتسويق هذا الطرح، أعلن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، أن الاجتماع الذي جمع الحكومة مع بعض الأطراف المعنية ناقش إجراءات “الطرح العالمي” لتطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات.
وقال الحمصاني إن الاجتماع تناول استراتيجيات تنموية وسياحية تهدف إلى جذب المزيد من الحركة السياحية إلى هذه المنطقة. ولكن السؤال الذي يظل دون إجابة هو: كيف ستتحقق هذه الأهداف في ظل تدهور البنية التحتية للسياحة في مصر بشكل عام؟
بينما يُروج لهذا الطرح باعتباره أولوية قومية تهدف إلى تحسين تجربة السائحين وزيادة الحركة السياحية، تُغفل الحكومة عن عمد المشكلات العميقة التي يعاني منها القطاع السياحي في مصر.
فهل سيتم تحسين الخدمات السياحية في ظل استمرار نقص الأمن، تدهور وسائل النقل، والافتقار إلى الخدمات الأساسية التي يحتاجها السائح؟ أم أن هذه الاستراتيجيات هي مجرد كلمات فارغة تهدف لتغطية الفساد الكبير في طريقة إدارة القطاع؟
مشاريع فارغة تتجاهل أولويات الشعب المصري
في وقت تزداد فيه معاناة الشعب المصري بسبب ارتفاع الأسعار، والبطالة، وتدهور مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، تواصل الحكومة إهدار الموارد في مشاريع لا تعود بأي نفع حقيقي على المواطنين.
الحكومة ترفع شعار “الاستثمار في مصر” من خلال هذه الطروحات العالمية، ولكن من دون أن تضع في اعتبارها أولويات المواطن المصري.
تصريحات الحكومة حول تحسين منطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير تمثل تواصلاً لمسلسل من الوعود التي لا تتحقق، تمامًا كما هو الحال مع العديد من المشاريع السابقة التي لم تُنفذ بشكل فعال.
التصريحات حول “الكنوز التاريخية” التي تزخر بها المنطقة لا تُخفي الحقيقة المرة التي يواجهها المواطن المصري في حياته اليومية، حيث يفتقر العديد من المصريين إلى أبسط الخدمات مثل التعليم الجيد والرعاية الصحية.
وتستمر الحكومة في محاولة التغطية على فشلها في إدارة شؤون البلاد، بالتركيز على مشاريع سياحية قد تكون ذات فائدة ضئيلة في ظل الظروف الحالية.
المصالح الخاصة تتفوق على مصالح الشعب
لا يمكن النظر إلى هذه المشاريع من زاوية التنمية الحقيقية. فما يحدث هو عبارة عن محاولة من الحكومة لإرضاء المصالح الخاصة لبعض رجال الأعمال المتعاونين معها، على حساب مصلحة الشعب المصري.
الحكومة تروج لهذه المشروعات باعتبارها وسيلة لجذب المزيد من السياحة، لكن الحقيقة أن هذه المشاريع غالبًا ما تخدم مصالح الشركات الكبرى والأفراد الذين يحققون أرباحًا طائلة من خلال هذه المشروعات دون أن تعود بالفائدة على المواطن العادي.
هذه المشاريع، التي تعتبر الحكومة أنها ستسهم في “تحسين التجربة السياحية”، ما هي إلا أداة أخرى لاستغلال المواقع التاريخية والأثرية لتحقيق مكاسب اقتصادية للطبقات الحاكمة وأصحاب النفوذ.
الحكومة المصرية تعمل على تطوير مشاريع لا تمس حياة المواطن بشكل مباشر، في وقت كان من الأجدر فيه أن تتوجه لتطوير البنية التحتية للقطاعين الصحي والتعليمي اللذين يعانيان من تدهور كبير.
الفساد في إدارة المشاريع الحكومية
مما لا شك فيه أن الفساد يظل أحد الأسباب الرئيسية وراء فشل هذه المشاريع. العديد من الدراسات والشهادات تشير إلى أن المشروعات السياحية الكبرى التي تعلن عنها الحكومة ليست إلا وسيلة لتوزيع المكاسب بين مجموعة صغيرة من رجال الأعمال المقربين من السلطة، في حين يعاني القطاع السياحي بشكل عام من قلة التسهيلات وضعف الاستثمار في البنية التحتية.
الفساد مستمر في قطاع السياحة وفي غيره من القطاعات، وتظل الحكومة تروج لمشاريع مزعومة تعود بالفائدة على الأقلية، بينما يبقى الشعب المصري هو المتضرر.
الحكومة تستمر في إدارة البلاد بشكل عبثي
الحكومة المصرية، التي يروج مسؤولوها لمشاريع تضر بالمصلحة العامة، تواصل تجاهل الأزمات التي يعاني منها المواطن. مشاريع الأهرامات والمتحف المصري الكبير، رغم أهميتها التاريخية، لا تمثل الأولوية في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب.
فمتى ستضع الحكومة أولويات المواطن المصري على رأس اهتماماتها؟ في ظل هذا الفشل المستمر، تظل وعود الحكومة مجرد كلمات فارغة لا تصب في مصلحة الشعب المصري.