بعد عودة العلاقات..هل يرتفع سقف التنسيق والتعاون بين مصر وتركيا في ملف غزة؟

لفت التقرير الأخير للاتجاهات العالمية لعام 2030 الذي يصدر عن المخابرات الأمريكية بشكل دوري وتستشرف أمريكا من خلاله مستقبل الدول الفاعلة على المستوى الدولي ومصير الدول التي تشتعل فيها بؤر التوتر، إلى شيء مهم بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وهو العمل على خلق توازن ضعف بين بعض الدول الإقليمية الكبرى عن طريق الاستنزاف، على سبيل المثال السعودية وإيران.
فقد أوصى التقرير بإضعاف الطرفين عن طريق تعويم السعودية وتقويتها في مواجهة إيران لفترة معينة، ثم تقوية إيران ضد السعودية في فترة أخرى فلا يقع انتصار ولا هزيمة إلى أن يُستنزف الطرفين، ونفس الأمر مع مصر وتركيا من خلال استغلال اختلاف الإيديولوجيا السياسية بين الدولتين وإذكاء روح العداء بينهما لخلق توازن ضعف يحولهما إلى ديوك متناحرة في مزرعة السياسة لا تُقدم ولا تُؤخر، وصل الأمر إلى محاولة جرّهما إلى صدام عسكري في ليبيا، فلا مصلحة للقطيعة بين الدولتين غير أنها تُقوّى من مناعة وفاعلية خطط دولية لا تريد لمنطقة الشرق الأوسط الأمن والاستقرار.
تنسيق عالى المستوى
جاءت زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا لتضع أخر لبنة في جدار عودة العلاقات بين دولتين إقليميتين مؤثرتين في كثير من الملفات الإقليمية على رأس تلك الملفات ما يحدث في غزة من حرب إبادة تقودها إسرائيل ومن وراءها الولايات المتحدة، وقد أزعجب عودة العلاقات بين مصر وتركيا كثير من الدول أبرزها إسرائيل التى عملت على إزكاء العداء بين البلدين لتعظيم مصالحها في شرق المتوسط واللعب على وتر الخلاف القائم آنذاك لإعاقة أى تنسيق سياسي في المواقف ضد جرائم الاحتلال وهذا ما تجلى في الزيارة في تصريحات صحفية لكلا الرئيسين.

أردوغان يستقبل السيسي في القصر الرئاسي في أنقرة
تكمن أهمية التقارب بين مصر وتركيا كونه جاء بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، ومخاوف العالم من اتساع رقعة الصراع، لا سيما أن مصر من أكثر الدول تضرراً من استمرار هذه الحرب بحكم قربها من غزة. وقال الرئيس التركي في كلمة له إن النقاشات مع السيسي تناولت قضايا المنطقة وأبرزها الوضع في غزة، مؤكداً ان الأولوية الآن لوقف المجازر في القطاع والتوصل إلى وقف إطلاق النار.
كما أشار إلى أن المرحلة الجديدة التي تم إطلاقها في العلاقات مع مصر ستكون لصالح غزة وفلسطين، مؤكداً أن الوقوف ضد إرهاب الدولة لإسرائيل واجب إسلامي وإيماني بالنسبة لنا، كما أنه قضية وطنية.
من جانبه أكد السيسي خلال زيارته لأنقرة أن “موقف مصر وتركيا متطابق بالدعوة لوقف فوري لإطلاق النار وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة”. كما شدد السيسي على أهمية التنسيق في مجال المساعدات الإنسانية، لافتاً إلى أنه جرى التباحث حول الوضع في سوريا والسودان أيضاً.
تحديات وتحالف ثلاثي
ويرى مراقبون أن مصر وتركيا تحاولان تكوين صيغة سياسية تختص بالفلسطينين وحدهم لكي تكون رافعة في المستقبل لإعادة النقاش الفلسطيني. كما أن الأوضاع الراهنة والتحديات القائمة ومحاولة جرّ المنطقة إلى حرب واسعة تمثل فرصة للتكامل والتحالف بين تركيا ومصر، بسبب ما فرضه العدوان على غزة من تحديات وجودية ودور الولايات المتحدة المنحاز إلى إسرائيل التي تدفع المنطقة إلى فوضى قد تضر بمصالح مصر وتركيا وتهديد أمنهما القومي ما قد يفتح أفاق التعاون العسكري بوتيرة أسرع بين البلدين لدفع أى مخاطر لاحقة.
وفي تصريحات مفاجئة اليوم الاثنين قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن أنقرة تتخذ خطوات في علاقاتها مع مصر وسوريا، لتأسيس “محور تضامن” ضد ما أسماه التهديد التوسعي المتزايد لإسرائيل، العديد من التساؤلات.وأشار إلى أردوغان أن ما يحدث في غزة ليس حربا بين إسرائيل وفلسطين، بل صراع بين الصهيونية التوسعية والمسلمين المدافعين عن وطنهم”
وأضاف أن “إسرائيل لن تتوقف في غزة، بل ستحتل رام الله أيضا إن استمرت بهذا الشكل، وستضع مناطق أخرى نصب عينيها إلى أن يأتي الدور على دول أخرى في المنطقة مثل لبنان وسوريا، واعتبر أن خطوات التقارب التي تتخذها بلاده مع كل من مصر وسوريا تهدف إلى تأسيس محور تضامن ضد التهديد التوسعي المتزايد. وأشار إلى أن الاحتلال “سيطمع في أراضي وطننا بين نهري دجلة والفرات، ويعلن صراحة من خلال الخرائط التي يلتقطون الصور أمامها، أنهم لن يكتفوا بغزة.
يذكر أن الرئيس أردوغان كتب بعد انتهاء زيارة السيسي، عبر موقع “إكس”: نحن عازمون على تعزيز تواصلنا ومشاوراتنا مع مصر التي لدينا معها مواقف وأهداف متشابهة حول العديد من القضايا، واتفقنا على بناء مشاورات مستمرة من أجل حل القضايا الإقليمية، لاسيما قضية غزة.