في تطور مفاجئ بعد سلسلة من التراجعات التي شهدها سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في الأيام الماضية، سجل الدولار الأمريكي ارتفاعاً غير مسبوق في الأسواق المصرية، حيث ارتفعت قيمته بنحو 20 قرشاً في معظم البنوك.
هذا الارتفاع يعكس الأزمة الاقتصادية المستمرة التي تواجهها مصر، ويكشف عن فشل الحكومة المصرية في التعامل مع الأزمة بشكل فعال.
في التفاصيل، شهد سعر الدولار في البنك الأهلي المصري وبنك مصر زيادة ملحوظة، حيث سجل 49.70 جنيه للشراء و49.80 جنيه للبيع مقارنةً بـ 49.53 جنيه للشراء و49.63 جنيه للبيع في الأيام السابقة. وفي كل من البنك التجاري الدولي وبنك الإسكندرية، سجل الدولار زيادة بمقدار 8 قروش، ليصل إلى 49.71 جنيه للبيع و49.81 جنيه للشراء، مقابل 49.63 جنيه للبيع و49.53 جنيه للشراء سابقاً.
أما في المصرف المتحد، فقد ارتفع سعر الدولار بنحو 15 قرشاً، ليصل إلى 49.68 جنيه للشراء و49.78 جنيه للبيع، مقارنة بـ 49.53 جنيه للشراء و49.63 جنيه للبيع في الأيام الماضية.
وفي بنك قناة السويس، ظل سعر الدولار مستقراً عند 49.55 جنيه للشراء و49.65 جنيه للبيع، وكذلك في بنك البركة وبنك كريدي أجريكول، حيث سجل الدولار 49.54 جنيه للشراء و49.55 جنيه للبيع.
وفي مصرف أبوظبي الإسلامي، سجل الدولار زيادة بنحو 11 قرشاً، ليصل إلى 49.74 جنيه للبيع و49.83 جنيه للشراء، بعد أن كان 49.63 جنيه للبيع و49.73 جنيه للشراء في وقت سابق.
هذه الزيادة الحادة في قيمة الدولار تأتي وسط حالة من الارتباك الاقتصادي في مصر، وتكشف عن تدهور الجنيه أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي يثير القلق بين المصريين بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد، في وقت لا تبدو فيه الحكومة قادرة على اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الوضع.
وفي تصريح له خلال مؤتمر صحفي، حاول رئيس الحكومة مصطفى مدبولي تهدئة الأوضاع، قائلاً إن سعر الصرف قد يشهد تحركات في حدود 5% خلال الفترة المقبلة، وهو تصريح يعتبر غير منطقي بالنظر إلى الزيادة اليومية في سعر الدولار.
مدبولي أضاف أن الحكومة لن تكرر الأخطاء السابقة، مشيراً إلى أن تثبيت سعر الصرف في الماضي أدى إلى مشاكل اقتصادية أجبرت الحكومة على تعويم الجنيه، مما أدى إلى فقدان العملة المحلية نحو 40% من قيمتها. ومع ذلك، يعكس هذا التصريح تجاهلاً صارخاً للمشاكل الحالية التي يعاني منها المواطنون، والذين باتوا يشعرون بأن الحكومة فشلت في إيجاد حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية المتصاعدة.
مدبولي أيضاً أشار إلى أن سعر الدولار تحرك في نطاق 5% منذ تعويم الجنيه، وهو ما وصفه بأنه أمر طبيعي. لكن ما يجهله مدبولي هو أن تدهور الجنيه بهذه السرعة لا يعكس حركة طبيعية لسعر الصرف، بل هو نتيجة لفشل سياسات الحكومة الاقتصادية.
فالواقع يشير إلى أن الوضع أسوأ مما تروج له الحكومة، حيث باتت العملة المصرية تتعرض لانهيار مستمر، في وقت تسجل فيه الأسعار ارتفاعات كبيرة، وهو ما يفاقم معاناة المواطنين.
ما يشير إليه مدبولي بشأن استقرار سعر الصرف في الفترة المقبلة لا يبدو واقعياً في ظل الارتفاع المستمر في قيمة الدولار، وهو ما يعكس أن الحكومة غير قادرة على مواجهة تحديات السوق العالمي والمشاكل الداخلية في الاقتصاد المصري.
وزيادة الدولار بمقدار 20 قرشاً في يوم واحد هي شهادة دامغة على هذا الفشل الحكومي، مما يثبت أن الحكومة ليس لديها خطة اقتصادية فعالة بل تواصل التصريحات التي تفتقر إلى أي استراتيجية حقيقية.
ولعل أكثر ما يثير الاستغراب هو تصريحات الحكومة المستمرة حول استقرار الوضع الاقتصادي، رغم أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك تماماً. فارتفاع سعر الدولار بهذا الشكل لم يكن ليحدث في حال كانت هناك إدارة اقتصادية رشيدة وخطط مدروسة لمواجهة التضخم والارتفاعات المتسارعة في الأسعار.
بدلاً من اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من تدهور الجنيه، تواصل الحكومة المماطلة في تقديم حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية، في وقت يزداد فيه العبء على المواطنين الذين يعانون من غلاء الأسعار وتدهور مستوى المعيشة بشكل غير مسبوق.
في الوقت الذي يواجه فيه المواطن المصري أزمات اقتصادية متفاقمة، يتضح أن الحكومة المصرية تواصل تجاهل الحلول الفعالة، وتكتفي بالتصريحات التي لا تعكس الواقع.
ورغم الجهود المستمرة من قبل المسؤولين في الحكومة لتقديم حلول جزئية، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن هذه السياسات ليست سوى حلول مؤقتة لا تعالج المشكلة الأساسية التي تتعلق بالفساد الإداري، والتخبط في اتخاذ القرارات الاقتصادية الهامة.
إن فشل الحكومة في السيطرة على الوضع الاقتصادي والتعامل مع تراجع قيمة الجنيه بشكل جدي، يضع المزيد من الضغوط على الشعب المصري الذي يعاني من الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة.
وما يزيد الوضع سوءاً هو التصريحات غير الواقعية لمسؤولي الحكومة، التي تعكس تقاعساً صارخاً في معالجة الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.