بلغ عدد المشتركين في خدمة الإنترنت فائق السرعة ADSL في مصر 11.1 مليون مشترك، مع بداية عام 2023، وهو ما يعادل حوالي 105 مشتركين لكل ألف شخص من سكان البلاد، وهذه الأرقام التي تبدو إيجابية للوهلة الأولى،
تكشف في حقيقة الأمر عن حالة من البطء الشديد في تقدم هذا القطاع الحيوي في مصر، وهو القطاع الذي أصبح من الضروري أن يكون في مقدمة الأولويات لتحقيق التطور التكنولوجي والاقتصادي في أي دولة معاصرة.
يعتبر الإنترنت فائق السرعة من الضروريات التي لا غنى عنها في عالم اليوم. فمع تزايد الاعتماد على الإنترنت في جميع جوانب الحياة اليومية، من التعليم عن بُعد إلى العمل الإلكتروني والترفيه، باتت السرعة والكفاءة في الاتصال بالإنترنت عاملين أساسيين لنجاح أي دولة في مواكبة العصر الرقمي.
وفي هذا السياق، رغم الزيادة في عدد المشتركين في خدمة ADSL، لا يمكن غض النظر عن عدة جوانب مهمة تتعلق بجودة هذه الخدمة ومدى ملاءمتها لاحتياجات المواطنين.
العدد الإجمالي للمشتركين في خدمة الإنترنت فائق السرعة ADSL قد وصل إلى 11.1 مليون مشترك في بداية العام 2023، إلا أن هذا الرقم يظل غير كافٍ لملاءمة احتياجات السكان في ظل التطور المتسارع في تكنولوجيا الإنترنت حول العالم.
لا شك أن هذه الزيادة في أعداد المشتركين تُظهر بعض التقدم، لكنها لا تعكس حقيقة الوضع المتدهور في سرعة الإنترنت، حيث يعاني العديد من المستخدمين من بطء شديد في التصفح، مما يضعف قدرتهم على الاستفادة من العديد من الخدمات الرقمية الأساسية.
الحقيقة أن أعداد المشتركين لا تعكس تقدمًا حقيقيًا في جودة الخدمات المقدمة، إذ تظل معظم المناطق في مصر تعاني من ضعف في سرعة الإنترنت أو انقطاع مفاجئ للخدمة.
فعلى الرغم من أن العديد من الشركات المزودة لخدمة الإنترنت قد أعلنت عن تحديثات وتحسينات في بنيتها التحتية، إلا أن الواقع يظل بعيدًا عن التوقعات.
وهذا يعد من أكبر التحديات التي تواجه قطاع الإنترنت في مصر، حيث تُعاني الخدمة من انقطاعات متكررة وضعف في السرعة في العديد من المناطق، سواء في المدن الكبرى أو المناطق الريفية.
من المؤسف أن هذا القطاع يعاني من عدم التنسيق والتكامل بين مختلف الأطراف المعنية في الحكومة والقطاع الخاص، وهو ما يؤدي إلى تقديم خدمات غير مرضية للمواطنين.
يضاف إلى ذلك البيروقراطية والقيود التنظيمية التي تحد من قدرة الشركات على تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار تنافسية. وهذا كله يتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية في الحكومة لتغيير الوضع الراهن، خصوصًا أن الإنترنت أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية.
في ظل هذا الواقع، يظل المواطن المصري عالقًا بين أمل في تحسين الخدمة ورغبة في الحصول على إنترنت سريع ومستقر، وبين الواقع الصعب الذي يعيشه يوميًا. إذ يجد نفسه أمام تحديات كبيرة في الحصول على خدمة إنترنت تناسب احتياجاته في العصر الرقمي الذي نعيشه.
ومع ذلك، تظل الفرصة سانحة أمام الحكومة المصرية لتصحيح مسار هذا القطاع الحيوي، وذلك عبر زيادة الاستثمار في البنية التحتية لشبكات الإنترنت، وتطوير التقنيات المتاحة في البلاد، وتسهيل الإجراءات أمام الشركات المقدمة للخدمات.
فمصر تمتلك الإمكانيات والموارد التي تسمح لها بالتقدم في هذا المجال، ويجب أن يكون هناك تركيز أكبر على تقديم خدمة الإنترنت فائق السرعة بجودة عالية وبأسعار مناسبة لكافة المواطنين.
إن القطاع يحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين الأداء وتوسيع نطاق الخدمة لتشمل كل المناطق، بما في ذلك القرى النائية والمناطق الريفية.
لا بد من وضع خطة واضحة لتحسين جودة الخدمة، من خلال الاستثمار في تحديثات الشبكات والتقنيات، وتدريب الكوادر البشرية، وتنظيم بيئة العمل لتكون أكثر شفافية وفعالية.
الواقع الحالي يشير إلى أن أعداد المشتركين قد تنمو في المستقبل، ولكن دون التحسين الجوهري في الخدمة، فإن هذا النمو لن يكون له تأثير كبير على حياة المواطنين.
فعدد المشتركين المرتفع لا يعني بالضرورة أن الخدمات تلبي احتياجات الجميع، بل يظل العامل الأهم هو الجودة والكفاءة في تقديم الخدمات.
وبناءً على هذه الحقائق، يجب أن يكون هناك تركيز أكبر من جميع الأطراف المعنية لتحقيق طفرة حقيقية في هذا القطاع، وأن يكون هناك تعاون حقيقي بين الحكومة والشركات الخاصة والمواطنين.
فمستقبل مصر الرقمي يعتمد بشكل أساسي على تحسين هذه الخدمة التي تمثل شريان الحياة لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.