تقاريرحقوق وحريات

الحكومة المصرية تتجاهل النداءات الدولية وتنتهك القانون في قضية هدى عبدالمنعم

في استمرارٍ صارخ للانتهاكات التي تمارسها السلطات المصرية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان يتواصل حبس المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم للعام السادس على التوالي في ظروف قاسية وغير إنسانية وهو ما دفع 21 منظمة حقوقية للتنديد بتعامل السلطات معها من خلال فتح تحقيقات جديدة ضدها لأسباب لا منطق لها

بينما يتم تدويرها على ذمة قضايا لا أساس لها سوى التنكيل بها وكأن النظام المصري يريد أن يرسل رسالة مفادها أن لا مكان للمحامين الحقوقيين الشرفاء في مصر سوى السجون

المنظمات الحقوقية التي أدانت هذا التصعيد في التعامل مع هدى عبد المنعم والتي ضمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمفوضية المصرية للحقوق والحريات والمنبر المصري لحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات أكدت أن هذا الإجراء يأتي في سياق استمرار السلطات المصرية في التنكيل بكل من يعارض سياستها أو يكشف الانتهاكات التي ترتكبها ضد المواطنين الأبرياء فالهدف من وراء هذه التصرفات هو بقاء المدافعين عن حقوق الإنسان في السجون في ظل سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها الحكومة المصرية مستهينة بأحكام القضاء ومبادئ القانون الدولي

تتابع السلطات المصرية مسار انتهاكاتها ضد هدى عبد المنعم إذ لم تكتفِ الحكومة المصرية بإبقائها قيد الاحتجاز طيلة السنوات الماضية بل واصل النيابة العامة التحقيق معها في قضايا جديدة رغم أنها قضت عقوبتها الأصلية التي أصدرتها محكمة أمن الدولة طوارئ في أكتوبر 2023 بموجب التهم التي اعتبرتها المنظمات الحقوقية ملفقة وغير قانونية لكن الحكومة لم تكتفِ بذلك بل أعادت فتح تحقيقات جديدة معها فبعد أن كانت قد أتمت مدة العقوبة وهي خمس سنوات فوجئت المحامية الحقوقية بقرار النيابة باستدعائها للتحقيق معها في قضية ثانية بنفس الاتهامات التي كانت قد شملت القضية الأولى وفي ظل ظروف قاسية حيث كانت محبوسة في زنزانة انفرادية

وتساءل خالد بدوي زوج هدى عبد المنعم كيف يمكن تفسير هذا التصرف غير المفهوم الذي لا علاقة له بالقانون أو الدستور المصري أو الأعراف القانونية الدولية هل يحق لأي حكومة أن تحبس شخصاً لسنوات متتالية تحت مسمى التحقيقات بتهم ملفقة ويتم تدوير القضية عدة مرات بينما تمضي المدة المحددة للعقوبة دون أن يتم الإفراج عنه وبذلك يظل الحبس الاحتياطي أو ما يسميه البعض بالحجز التعسفي هو السمة الرئيسية للتعامل مع المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر

وفي إشارة لمدى تعسف الإجراءات الذي طال المحامية عبد المنعم قال بدوي إن التحقيق معها في القضية الجديدة لم يكن سوى محاولة للتلاعب بالقانون وإعادة تدوير القضايا ضدها فبعد أن أتمت هدى عبد المنعم عقوبتها أظهرت النيابة تعاملها الغريب فبدلاً من أن يتم إطلاق سراحها بعد انتهاء مدة العقوبة قررت النيابة تقديم اتهامات جديدة بنفس الاتهامات السابقة ضاربة بعرض الحائط كافة القيم الإنسانية والمبادئ القانونية التي تنص على عدم محاكمة الشخص عن نفس التهم مرتين

أما فيما يتعلق بالحالة الصحية لهدى عبد المنعم والتي تدهورت بشكل كبير في السجن فقد أشار زوجها إلى أن هدى تعاني من أمراض خطيرة أبرزها فشل في إحدى كليتيها حيث ضمُرت كلية بالكامل بينما الكلية الأخرى في حالة صحية سيئة جدًا كما أنها تعرضت للإصابة بمرض السكر رغم أنها لم تكن تعاني من قبل منه إضافة إلى ارتفاع ضغط الدم المتكرر والتعرض للجلطات فضلاً عن التهاب الأذن الوسطى الذي جعلها غير قادرة على الوقوف أو المشي كما أنها تعاني من خشونة في الركبة وقد تجاوزت هدى عبد المنعم الـ66 من عمرها وكل هذه الظروف الصحية الصعبة تجعل احتجازها في زنزانة انفرادية أمرًا غير إنساني بالمرة ويخالف كافة الحقوق الأساسية للإنسان التي يجب أن تحظى بها السجناء

وفي بيان أصدرته 22 منظمة حقوقية في 31 أكتوبر الماضي طالبت بالإفراج الفوري عن هدى عبد المنعم بمناسبة مرور 6 سنوات على احتجازها تعسفيًا بعد انتهاء مدة العقوبة التي قضتها وهي خمس سنوات على خلفية القضية المعروفة إعلامياً بقضية “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات” معتبرة أن احتجازها بهذه الطريقة يعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية ولا يمت للقانون بصلة هذه القضايا تعتبر ملفقة ولا تهدف إلا لمزيد من التنكيل بالأشخاص الذين يكشفون عن الانتهاكات والممارسات التعسفية التي ترتكبها السلطات المصرية ضد المواطنين

يتضح بشكل جلي أن هناك محاولة من قبل الحكومة المصرية لخلق مناخ من القمع والخوف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب الضمير الحي بحيث يتم استخدام سجنهم كأداة لفرض الصمت على كل من يعارض سياسة النظام من خلال أساليب قمعية قد تكون محاولات لتدميرهم نفسيًا وجسديًا ولكن في الوقت ذاته هذه الممارسات تكشف الوجه الحقيقي للسلطات المصرية وفسادها إذ أن الحكومة المصرية لم تكتفِ بالتجاهل التام لكل النداءات المحلية والدولية للإفراج عن المعتقلين بل تسعى بشكل حثيث إلى إدامة هذا السجن التعسفي وإطالة مدة الحبس لفترة أطول دون أن تحترم القوانين أو الشرائع الدولية

فإن استمرار هذه الممارسات يمثل وصمة عار على جبين الحكومة المصرية التي تثبت يومًا بعد يوم أنها لا تحترم المبادئ القانونية ولا حقوق الإنسان وتظل تمارس الانتهاكات بحق كل من يسعى لتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق المواطنين في هذا البلد المحاصر بالفساد والاستبداد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى