في خطوة جديدة تُظهر التقاعس الحكومي الكبير تجاه حماية مصالح مصر الاقتصادية، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن نية الحكومة طرح ثلاث مشروعات استثمارية هامة في موانئ البحر الأحمر على مستثمرين قطريين.
ذلك يأتي بعد أيام فقط من اجتماعه مع نظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين، وهو ما يثير علامات استفهام حول حجم الفساد وتدني المستوى الحكومي الذي يضحي بمقدرات الشعب المصري لمصلحة المستثمرين الأجانب.
المشروعات التي تم الإعلان عنها تشمل إدارة وتشغيل وتطوير ميناء القصير السياحي، إلى جانب إنشاء مارينا جديدة لليخوت السياحية في شرم الشيخ، بالإضافة إلى إدارة وتشغيل مارينا الجلالة المقامة على مساحة ضخمة تبلغ 143 ألف متر مربع.
وتأتي هذه المشاريع ضمن نهج الحكومة المصرية في منح القطاع الخاص، سواء كان محليًا أو أجنبيًا، السيطرة على مرافق استراتيجية حيوية في البلاد، مما يثير القلق حول تداعيات ذلك على الأمن الاقتصادي المصري.
شراكات طويلة الأمد تهدد سيادة الاقتصاد الوطني
تستهدف الحكومة المصرية من خلال هذه الشراكات مع الشركات القطرية منحها حقوق الانتفاع بالشراكة لمدة ثلاثين عامًا، وهو نفس النظام الذي اعتمدته الوزارة في اتفاقيات سابقة مع تحالفات محلية وعالمية، ومنها مجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية.
وعلى الرغم من تأكيدات وزارة النقل بعدم بيع أصول الدولة، فإن الشراكات الطويلة الأمد تمثل نوعًا من التفريط في موارد البلاد، وهو ما يعكس عدم قدرة الحكومة على إدارة هذه المشروعات بشكل مستقل لصالح الاقتصاد الوطني.
ووفقًا للمصادر، كان هناك طلب سابق من إحدى الشركات السعودية المتخصصة في السياحة لاستغلال ميناء القصير بنظام الشراكة، إلا أن هذا العرض قوبل بالرفض من الوزارة، بذريعة أنه لا يتماشى مع المعايير المعتمدة في تقييم العروض.
لكن المشهد الحالي يطرح تساؤلات حول تلك المعايير، خاصة بعد أن تجرى مفاوضات لصالح مستثمرين قطريين، ما يعكس تفضيل الحكومة للشركات الأجنبية على حساب الشركات الوطنية، ويزيد من الشكوك حول الفساد الحكومي المستشري.
التحالفات المشبوهة تكشف عن ضعف الرقابة الحكومية
في خطوة أخرى تضاف إلى سجل الفشل الحكومي، كشف مصطفى مدبولي عن مشروع استثماري عقاري ضخم يجمع مصر وقطر في منطقة الساحل الشمالي، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من الشراكات التي تضر بالاقتصاد المصري وتضعه تحت هيمنة الشركات الأجنبية.
وقد أُعلن عن مفاوضات مشتركة بين البلدين للتعاون في مجالات الموانئ والمناطق اللوجستية، بما يعزز بشكل متزايد حضور قطر في مجالات اقتصادية حيوية في مصر. هذه المشاريع، التي لا تزال في مراحل التخطيط، تأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من تداعيات ضخمة، ويؤكد مرة أخرى على أن الحكومة لا تملك خطة استراتيجية واضحة لتنمية الاقتصاد الوطني.
التجاهل الحكومي للاحتياجات الداخلية يفاقم الأزمة
في ظل هذه الأوضاع، تتواصل الخطوات الحكومية التي تضر بالاقتصاد الوطني، دون أي التزام حقيقي بتحقيق الفائدة للمواطن المصري.
مشروعات الشراكة مع قطر، التي تواصل الحكومة الترويج لها، تُظهر بوضوح أن الحكومة المصرية تفضل الاستعانة بمستثمرين أجانب على حساب الاستثمارات المحلية أو تطوير البنية التحتية بمشاركة حقيقية من القطاع الخاص المصري.
هذه الشراكات على المدى الطويل مع مستثمرين خارجيين تمثل كارثة حقيقية، حيث يُسمح للجانب الأجنبي بالتحكم في مفاصل حيوية من الاقتصاد المصري، مما يضعف القدرة الوطنية على الحفاظ على السيادة الاقتصادية.
مشروعات موانئ البحر الأحمر تكشف التواطؤ الحكومي
في يناير الماضي، تم الإعلان عن اتفاقية بين وزارة النقل المصرية ومجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية لإدارة وتشغيل ثلاث محطات بحرية في موانئ سفاجا والغردقة وشرم الشيخ لمدة 15 عامًا قابلة للتجديد.
هذا الاتفاق يساهم في زيادة سياحة اليخوت المحلية ولكنه في ذات الوقت يفتح الباب أمام شركات أجنبية لاحتكار قطاع حساس كالموانئ البحرية، وهو ما يجعلنا نتساءل عن غياب الرقابة الحقيقية على مثل هذه المشروعات. هذه الخطوات تؤكد بوضوح سياسة الحكومة في إضعاف قدرة الدولة على إدارة مواردها الاقتصادية بشكل مستقل.
مخططات الشراكة تواصل إضعاف الاقتصاد المصري
من الواضح أن الحكومة المصرية لا تهتم بمستقبل الاقتصاد الوطني في الوقت الذي تفرط فيه في الثروات والمشروعات الاستراتيجية على حساب الأجيال القادمة.
لا يمكن تفسير استمرار هذه الشراكات الطويلة الأمد إلا بتعزيز النفوذ الأجنبي على حساب استقلال القرار الاقتصادي الوطني. وتساهم هذه السياسة الحكومية في إضعاف قدرة الدولة على تنفيذ مشروعاتها الاقتصادية بنجاح، مما يعرض مصالح الشعب المصري للخطر على المدى البعيد.
الحكومة المصرية تتنازل عن موارد الدولة
تستمر الحكومة المصرية في تقديم تضحيات جديدة في سبيل تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول خليجية مثل قطر، على حساب اقتصادها الداخلي، وتستمر في السير في طريق الشراكات طويلة الأمد التي تضر بمستقبل مصر.
هذه السياسة التي تنتهجها الحكومة، والتي تزداد من خلالها سيطرة الشركات الأجنبية على القطاعات الاستراتيجية في البلاد، ستجعل من الصعب على مصر استعادة استقلاليتها الاقتصادية.