تقاريرمصر

مصر تصعد مركزين في مؤشر أداء تغير المناخ وتحتل المركز العشرين عالميًا لعام 2025

في خطوة هامة تؤكد التزام مصر بمواجهة تحديات التغير المناخي وتعزيز الأداء البيئي على المستوى العالمي، جاءت النتائج الخاصة بمؤشر أداء تغير المناخ الصادر عن مؤسسة “جيرمان ووتش” لعام 2025 لتكشف عن تقدم كبير للبلاد على هذا الصعيد.

حيث ارتفعت مصر مركزين لتصل إلى المركز العشرين عالميا من بين 63 دولة حول العالم مقارنة بالمركز الثاني والعشرين في تصنيف العام الماضي 2024.

هذا التقدم هو بمثابة شهادة جديدة على الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة المصرية للتصدي لتحديات تغير المناخ على الرغم من الظروف العالمية المعقدة والتحديات الاقتصادية الضاغطة التي تواجهها.

مؤسسة “جيرمان ووتش” التي تعد واحدة من أعرق المنظمات المتخصصة في مراقبة وتحليل مؤشرات أداء دول العالم في مواجهة تغير المناخ، تصدر سنويًا تقريرًا يقيم فيه جهود الدول في التصدي لتأثيرات التغير المناخي والحد من آثاره.

وفي تقريرها لعام 2025، تضع المؤسسة في اعتبارها عدة عوامل ومعايير لتحديد مدى قدرة الدول على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والالتزام بتعهداتها المناخية، بالإضافة إلى الاستثمارات التي تقوم بها في مجال الطاقة المتجددة وحماية البيئة.

تؤكد النتائج التي أوردتها المؤسسة على أن مصر قد تمكنت من إحراز تقدم واضح على هذا الصعيد. حيث تعتبر خطوة التقدم مركزين في التقييم الدولي دليلا على التفوق الكبير في الأداء البيئي والسياسات المستدامة التي تم تبنيها في السنوات الأخيرة. ومن أبرز هذه السياسات تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي أصبحت تشكل جزءًا أساسيًا من استراتيجية مصر في توفير الطاقة المستدامة. كما شهدت مصر تطورًا ملحوظًا في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتطوير البنية التحتية الخضراء مما عزز من مكانتها في التصنيف الدولي.

تتمثل أبرز الإجراءات التي ساهمت في تقدم مصر في مؤشر الأداء المناخي في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها مشروع بنبان للطاقة الشمسية الذي يُعتبر واحدًا من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم. هذا المشروع الذي تقدر طاقته الإنتاجية بآلاف الميجاوات، ساهم بشكل رئيسي في تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية الملوثة للبيئة، مما خفض انبعاثات الكربون وأدى إلى تحسين قدرة البلاد على التكيف مع تداعيات التغير المناخي. وفي السياق ذاته، يعتبر مشروع سد النهضة الإثيوبي أحد المشاريع التي تضمن لمصر مستقبلا مائيًا أكثر استدامة، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها في المفاوضات مع الجانب الإثيوبي.

ومن جهة أخرى، تؤكد مصر على دورها الريادي في مكافحة التغير المناخي من خلال استضافتها لمؤتمر قمة المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر 2022. هذا المؤتمر شهد مشاركة واسعة من مختلف دول العالم والخبراء الدوليين، حيث تم مناقشة العديد من القضايا الملحة التي تتعلق بتأثيرات التغير المناخي وسبل التكيف معه. وقد شكل المؤتمر نقطة فارقة في تسليط الضوء على أهمية التعاون الدولي في التصدي للتحديات البيئية. وقد أسهم هذا المؤتمر في تعزيز مكانة مصر كداعم رئيسي للمبادرات البيئية والاتفاقيات الدولية التي تسعى إلى الحد من الانبعاثات الحرارية.

أما في مجال السياسات الاقتصادية، فقد عملت الحكومة المصرية على دمج مبدأ الاستدامة البيئية في كافة خططها التنموية، من خلال تبني استراتيجية شاملة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر. حيث تركز الدولة على تعزيز الاستثمارات في المشروعات الخضراء، سواء في القطاع الزراعي أو الصناعي، كما تسعى إلى التحول التدريجي نحو استخدام تقنيات منخفضة الكربون في مختلف المجالات. وهذا التوجه يعكس بوضوح رغبة مصر في الاستمرار في بناء مستقبل بيئي آمن لأجيالها القادمة.

التقدم الذي أحرزته مصر في مؤشر الأداء المناخي يعد ثمرة لجهود مشتركة بين مختلف الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، حيث يتعاون الجميع لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لمواجهة التأثيرات السلبية لتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات التصحر وشح المياه. ورغم ما حققته مصر من تقدم، فإنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة، لعل أبرزها مشكلة ندرة الموارد المائية وتهديدات التصحر التي تطال الأراضي الزراعية في العديد من المناطق.

على الرغم من تلك التحديات، إلا أن الخطط المستقبلية التي وضعتها مصر لمواجهة تغير المناخ تتمثل في تعزيز الاستثمار في مشروعات التكيف مع تغيرات المناخ، مثل تحسين إدارة الموارد المائية، وتطوير نظام النقل العام باستخدام الطاقة النظيفة، وتوسيع مساحات الغابات لحماية التربة والمساهمة في امتصاص الكربون. كما تسعى الحكومة إلى تقديم حوافز للشركات التي تقوم بتطبيق تقنيات صديقة للبيئة وتشارك في تحقيق الأهداف المناخية المحددة على المستوى الدولي.

إن التقدم الذي حققته مصر في مؤشر الأداء المناخي هو إنجاز كبير يعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها البلاد في سبيل مواجهة التحديات البيئية العالمية. ومع ذلك فإن التحديات التي تواجهها مصر في هذا المجال تتطلب استمرارية في العمل وتعاونًا أكبر بين جميع أطراف المجتمع الدولي لمواجهة هذه الظاهرة العالمية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى