بشار الأسد يهدد باستخدام القوة ويؤكد استمراره في مواجهة المعارضين
في إطار تصعيد جديد في الصراع السوري، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في تصريحات له يوم الأحد الأول من ديسمبر أنه لن يتوانى عن استخدام القوة المفرطة لتدمير ما وصفه بـ “الإرهاب” في شمال سوريا، موضحًا أن “الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة”، في إشارة إلى العمليات العسكرية المكثفة التي تقودها القوات السورية ضد جماعات المعارضة المسلحة، التي يتزعمها إسلاميون متطرفون.
هذه التصريحات جاءت في اتصال هاتفي مع مسؤول في أبخازيا، التي تعد إحدى المناطق الانفصالية الموالية لروسيا، وهو ما يعكس الانفتاح الاستراتيجي للنظام السوري على دعم موسكو العسكري والسياسي في حربه ضد من أسماهم بـ “الإرهابيين”.
بشار الأسد أضاف في حديثه أن سوريا لن تهاون في معركتها لاستعادة استقرارها وتوحيد أراضيها في مواجهة ما وصفه بالقوى الإرهابية وداعميها في كل مكان، مؤكدًا على قدرة بلاده على القضاء عليهم بمساعدة حلفائها.
وتعتبر هذه التصريحات بمثابة تأكيد جديد من قبل الرئيس السوري على استمرار سياسة النظام في استخدام القوة العسكرية لقمع أي معارضة مسلحة، سواء كانت إسلامية أو مدنية.
الأسد شدد على أن الدعم العسكري والسياسي الذي يحصل عليه من روسيا وإيران سيمكنه من استعادة السيطرة الكاملة على جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة، مهما كانت التكلفة.
هذه التصريحات تتزامن مع تصعيد الهجمات العسكرية في الشمال السوري، وهو ما يعكس استراتيجيات النظام في مواجهة التحديات الأمنية المستمرة منذ بداية الحرب السورية في 2011.
في هذا السياق، أكد الرئيس السوري بشار الأسد في وقت لاحق من نفس اليوم السبت أن النظام قادر على “هزيمة الإرهابيين”، مشيرًا إلى أن سوريا مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها.
وأضاف الأسد أن القوات المسلحة السورية بمساعدة حلفائها وأصدقائها ستواصل القضاء على جميع الجماعات المسلحة التي تهدد الاستقرار الداخلي للدولة، سواء في شمال البلاد أو في أي مكان آخر.
هذه التصريحات تأتي بعد الهجوم الذي شنه تحالف من جماعات المعارضة المسلحة بقيادة إسلاميين في شمال سوريا، وهو الهجوم الذي أدى إلى زيادة حدة التوترات العسكرية في المنطقة.
الأسد أكد أن سوريا ماضية في تنفيذ خططها لاستعادة كل شبر من أراضيها، في وقت يواصل فيه الدعم الإيراني والروسي تعزيز قدرات النظام العسكرية.
وفي هذا الصدد، تتزايد التصريحات من مختلف العواصم العالمية بشأن الوضع في سوريا. فقد أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يوم الأحد دعمه الكامل لسوريا، مؤكداً وقوفه “إلى جانب” الدولة السورية في مواجهة التحديات الأمنية.
الملك عبد الله الثاني أشار إلى أن الأردن سيظل داعمًا “لسلامة أراضي سوريا وسيادتها واستقرارها” في ظل تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة. هذا الموقف الأردني يعكس استمرار التحالفات الإقليمية التقليدية في دعم النظام السوري، رغم الضغوط الغربية المستمرة على دمشق.
وفي الوقت ذاته، أكدت إيران، الحليف الأقوى للنظام السوري، دعمها الكامل للرئيس الأسد، مشيرة إلى أن طهران ستواصل دعم جيش سوريا وحكومتها في مواجهة ما وصفته بـ “التهديدات الإرهابية”.
هذه التصريحات تأتي في وقت حساس بالنسبة للمنطقة، حيث يتزايد القلق الدولي بشأن توسع النفوذ الإيراني في سوريا واستمرار تدخلها العسكري في الصراع. على الرغم من الضغوط التي تواجهها إيران في العديد من الملفات الإقليمية، فإن دعمها المستمر للنظام السوري يعد بمثابة أحد الثوابت الاستراتيجية لطهران في الشرق الأوسط.
من ناحية أخرى، تواصل الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، انتقاد النظام السوري، وتتهمه بخلق ظروف التصعيد العسكري في البلاد.
وزارة الخارجية البريطانية وجهت اتهامًا مباشرًا إلى بشار الأسد، قائلة إن النظام السوري “خلق الظروف التي أدت إلى التصعيد” بسبب رفضه المستمر للانخراط في العملية السياسية.
هذا الموقف البريطاني يتناغم مع انتقادات الولايات المتحدة، التي كانت قد أصدرت تصريحات مماثلة في وقت سابق، محملة النظام السوري وحلفاءه المسؤولية عن زيادة تعقيد الأزمة السورية. في ذات السياق، اتهمت واشنطن النظام السوري بأنه يعتمد بشكل مفرط على الدعم الروسي والإيراني في سياق صراعه الداخلي، مما يفاقم الوضع بشكل أكبر.
وتدعو القوى الغربية، من خلال تصريحات مسؤوليها، إلى ضرورة “حماية أرواح المدنيين” من تداعيات العمليات العسكرية التي تشهدها المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
على الرغم من هذه الدعوات، فإن الموقف الغربي يظل بعيدًا عن التأثير الفعلي على الأرض، حيث يواصل الأسد وحلفاؤه تعزيز وجودهم العسكري في مناطق الصراع. في الوقت نفسه، فإن استمرار الهجمات العسكرية من قبل الجيش السوري ضد مواقع المعارضة المسلحة في شمال سوريا يرفع من حدة الأزمة الإنسانية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
إذاً، يبدو أن الوضع في سوريا لا يزال يسير في الاتجاه نفسه دون أفق واضح لأي تسوية سياسية. تصريحات بشار الأسد تعكس تصميم النظام السوري على عدم التراجع عن استراتيجيته العسكرية في مكافحة ما يصفه بـ “الإرهاب”، في وقت تواصل فيه القوى الإقليمية والدولية تقديم الدعم والتأييد للأطراف المتصارعة.
هذه التطورات تشير إلى أن الأزمة السورية دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، حيث تزداد احتمالات استمرار الصراع لفترة أطول مع تدخلات إقليمية ودولية أكثر تعقيدًا.